الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية ية (39) : * (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ...

برنامج لمسات بيانية ية (39) : * (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39)) ما ﴿مَنْ﴾ هذه؟ كيف نفهمها في سياق الآية الكريمة؟ الآية الكريمة (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ)، ﴿مَنْ﴾ تحتمل أن تكون إسماً موصولاً بمعنى ﴿الذي﴾ وتحتمل أن تكون إسم استفهام سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخيزه يعني من الذي يأتيه عذاب يخزيه؟ الجملة ستكون معلقة كما يسمونه في باب النحو. ﴿الذي﴾ مفعول به لفعل ﴿تعلمون﴾ وإذا كانت استفهامية تصير الجملة مبتدأ وخبر ﴿من﴾ مبتدأ ويأتيه عذاب يخزيه خبر والجملة كلها مفعول به لـ﴿تعلمون﴾ الإعراب اختلف والدلالة اختلفت. * حضرتك تميل إلى أيها؟ موصولة أم استفهامية ؟ هو لو أراد أن يعيّنه بمعنى واحد لقال ﴿الذي﴾ بدل ﴿من﴾ تعينت الموصولة. أو لو أراد أن يعين الاستفهام يقول من الذي فيتعين الاستفهام، لكن هكذا جعلها تحتمل المعنيين الاستفهامية والموصولة . * ماذا يسمى هذا في النحو إذا كانت موصولة أو استفهامية؟ هل له باب معين في النحو؟ هذا من باب الجمل الاحتمالية التي تحتمل أكثر من دلالة، أنت إذا قلت لأحد "ما بك داء" ماذا يفهم منها؟ * ليس بك داء؟ ليس بالضرورة، الذي بك داء، لو أردت النفي قطعاً أقول "ما بك من داء"، تحددت وخلصت للنفي جاءت ﴿من﴾ الاستغراقية فحددتها، "ما بك داء" تحتمل، ليس بالضرورة استفهامية وموصولة ، نافية وموصولة ، (ما عندك من علم) هذه نافية إلا إذا أردت أن تجعل أداة الاستفهام محذوفة، يمكن جعلها استفهامية ما عندك من علم؟ ما عندك علم؟ جائز حذف أداة الاستفهام وهذا الحذف موجود في القرآن مثل (إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ (114) الأعراف) وفي آية أخرى (أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) الشعراء) حسب السياق وأحياناً يراد الاحتمال لأنه يؤدي أكثر من معنى وأحياناً يراد الابهام والبلاغة أحياناً تكون في الإبهام. * ربما يذهب العقل للإيضاح وفكرة الإيضاح دائماً ! الإيضاح في مكانه (فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) طه) ما الذي غشيهم؟ أمر عظيم. لما يقال "ليت عينيه سواء" ما المراد بها؟ هل هي دعاء له أو عليه؟ يحتمل هذا وذاك. * (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) لماذا يتغير الفعل في البداية ﴿يأتيه﴾ و﴿يحل﴾ وربما يكون الإثنان بمعنى؟ عذاب يخزيه هذا عذاب الدنيا يعني الغرق وما إلى ذلك، ويحل عليه عذاب مقيم هذا في الآخرة مقيم ثابت والدنيا انتهت (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا (25) نوح) أُغرقوا في الدنيا وأُدخلوا ناراً في الآخرة. يخزيه معناه يفضحه ويذله، هذا في الدنيا، لما يقول ﴿يأتيه﴾ في عذاب الدنيا قال يأتيه والإتيان لا يستلزم الثبات قد يأتي ويذهب ليس بالضرورة أن الإتيان يبقى ملازماً بينما الحلول هو الثبات والدوام. فإذن قال ﴿وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ يعني العذاب لا يتحول عنه وهو عذاب الآخرة قال يحل لأن هذا يجب وحتى لا ينصرف الذهن أنه قد يذهب، لو قال يأتي يمكن أن يذهب ولذلك قال في عذاب الدنيا يأتيهم لأنه قد يذهب ويحل والحلول هو الوجوب والثبات والدوام ومقيم. * لماذا يخزيه ومقيم؟ مقيم لأن الآخرة، ويخزيه في الدنيا، لما قال يأتيه عذاب يخزيه هذا يفضحه ويذله في الدنيا خزي الآن والخزي هو في الدنيا والآخرة لكن هذا الإتيان الأول كما كانوا يسترذلون المؤمنين يهزأون منهم فربنا سبحانه وتعالى كيف كانوا يستهزئون بالمؤمنين فجاء بعذاب يخزيهم جزاء أفعالهم ثم يحل عليهم حلولاً ثابتاً دائماً مقيماً وهو عذاب الآخرة. العذاب الآن أمران عذاب الدنيا وعذاب الآخرة * ولهذا يغيّر مرة يأتيه ويحل ومرة يخزيه ومقيم. هذا مختلف عن ذاك، هل هذا بفعل ذنوبهم مع سيدنا نوح ولسخريتهم من سيدنا نوح ومن اتبعه؟ نعم هم قالوا (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ (27)) يخزيهم ربنا سبحانه وتعالى. * ألا يشفع لهم بأنهم كانوا يبحثون عن الله الحق سبحانه وتعالى حتى قالوا (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى (3) الزمر) يعني هم يعلمون وجود الله؟ أم أنهم يريدون دليلاً؟ لو جاءني أحد يقول لي أنا نبي مثلاً سأطالبه بالدليل ! كونه يعلم أن الله موجود ينبغي أن تكون عبادته كما يريد الله سبحانه وتعالى لا كما تريد أنت وتتصور فتتخذ شفعاء وأصنام تقربك تفتري على الله ، إذا كنت تريد عبادة الله أنت تعبده بما أراد هو لا بما تريده أنت أو بما يفتري عليه غيره. ولذلك يقولون أن العبادة فيها ركنان أن تكون خالصة وصواباً، خالصة لله بدون شريك وصواباً بالأمر الذي يريده هو سبحانه لا كما تريد أنت * كان المفروض منهم أن يؤمنوا لما رأوا المعجزات ! الآن جاءهم بالدليل، بالمنطق والدليل والمعجزات.

ﵟ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﵞ سورة هود - 39


Icon