الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (58) : * ما الفرق بين نجّينا وأنجينا؟ والفرق...

برنامج لمسات بيانية آية (58) : * ما الفرق بين نجّينا وأنجينا؟ والفرق بين (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ (64) الأعراف) و (نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ (58) هود)؟ هذان سؤالان، السؤال الأول الفرق بين نجى وأنجي والثاني ﴿الذين آمنوا معه﴾ و(الذين معه). نجى تستعمل للتمهل والتلبث في التنجية، أنجى للإسراع مثل علّم وأعلم، علّم يحتاج لوقت وأعلم مباشرة، علمته الحساب ليس بلحظة واحدة، أعلمته يعني أخبرته هذه آنية. أعطيك أكثر من مثال (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ (49) البقرة) (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) البقرة) هم مكثوا في البحر ليس نفس المدة التي مكثوها مع فرعون، الفترة مختلفة فقال فأنجيناكم وفي الثانية قال نجيناكم. في سيدنا ابراهيم (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ (24) العنكبوت) أنجاه رأساً. حتى لو كان في القصة الواحدة أحياناً يستعمل نجّى وأنجى لكن السياق هو الذي يحدد . * هنا في نجّى وأنجى هل الفعل معدّى بالهمزة؟ نعم معدّى. نجّى فيه تلبث وتمهل وأنجى فيها سرعة، في القصة الواحد يستعمل هذا وذاك بحسب السياق في قصة صالح في فصلت يقول نجينا وفي النمل يقول أنجينا، لو لاحظنا في قصة صالح قال (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) النمل) الآن ينبغي الإسراع في النجاة (وَمَكَرُوا مَكْرًا (50) النمل) الآن ينبغي في هذا الوضع الإسراع في النجاة قال ﴿فأنجيناه﴾ بينما في فصلت ليس فيها هذا الأمر فقال نجينا. بحسب السياق، حتى في قصة نوح في سورة يونس قال (فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ (73)) بينما في الشعراء (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116)) هذا تهديد بالرجم فقال (فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119)) فيها سرعة. حسب السياق والوضع الذي قيل فيه في أي حالة هو قيل. * في أي باب في النحو يُدرس هذا؟ تلبّث الفعل أو الوقت الزمني الذي يستغرقه الفعل؟ هذا في الصرف، في قواعد الصرف. (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ (14) المعارج) يفتدي بكل شيء حتى لا يذوق معنى هذا أن الحرج فوق الطاقة وفوق الوسع فيريد أن يخلص بأي صورة . (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ (64) الأعراف) و (نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ (58) هود) مرة يذكر ﴿الذين آمنوا﴾ ومرة لا يذكرها. لو لاحظنا كيف وردت الآيات يتضح الجواب. (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا (64) الأعراف) عندما ذكر أنه أغرق الذين كذبوا بآياتنا معناها أن المؤمنين نجوا، وكذلك في قوم هود (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا (72) الأعراف) لم يذكر آمنوا (وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ (72) الأعراف) يعني الذين كانوا مؤمنين نجوا. بينما لما ذكر (وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا (58) هود) لم يذكر الآخرين قال ﴿وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ فلما ذكر عقوبة من لم يؤمن معناه أنه نجّى من آمن، ولما لم يذكر قال ﴿الذين آمنوا﴾. لما لم يذكر العقوبة قال ﴿الذين آمنوا﴾ لما ذكر عقوبة من لم يؤمن معناها أنه نجّى من آمن .

ﵟ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﵞ سورة هود - 58


Icon