الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (90): * قال تعالى في سورة النحل (إِنَّ اللّهَ...

برنامج لمسات بيانية آية (90): * قال تعالى في سورة النحل (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى (90)) وفي النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ (135)) ما خصوصية استعمال القرآن لكلمتي العدل والقسط؟(د.فاضل السامرائى) أصل القسط الحظ والنصيب، القسط نصيب ولذلك في القرآن الكريم لم يستعمل مع الوزن إلا القسط (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ (9) الرحمن) (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ (85) هود). العدل معناه المساواة في الأحكام. (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (35) الإسراء) القسطاس هو ميزان العدل أصل كلمة قسطاس عدل فسموا الميزان قسطاس لأنه عدل. عندنا عَدل وعِدل العِدل فيما يُبصر من الأشياء هذا عِدل هذا مثل حملين متساويين يقال هذا عِدل هذا أما العَدل فهو أحكام ومساواة في الحكم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ (95) المائدة) ذوا قسط (أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا (95) المائدة) الصيام لا يُبصر (وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا (70) الأنعام) لم يقل كل قسط، (وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ (123) البقرة). إذن القسط هو الحظ والنصيب والقرآن لم يستعمله إلا مع الموازين وهذا من خصوصية الاستعمال القرآني والقسط يستعمل مع غير الميزان لكن القرآن يستعمله مع الميزان ولا يستعمل العدل مع الميزان. القسط قد يكون في القسمة وفيه ارتباط بالآلة (قسطاس). * قال أحد العلماء لو أن الله تعالى لم ينزل سوى هذه الآية لكفى وهي قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل)؟(د.فاضل السامرائى) لو لاحظنا هذه الآية ذكر فيها مقومات المجتمع وعوامل دوامه واستمراره وهذه كلها صفات اجتماعية العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى كلها صفات بناء المجتمع ودوامه واستمراره وذكر صفات تخريبه وزواله وعناصر إفساده وتفكيكه وهي الفحشاء والمنكر والبغي. إذن فيها عناصر بناء المجتمع والنهي عن تخريبه وتفكيكه. عناصر بناء المجتمع ذكر ثلاثة أشياء: العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وبدأ بالعدل لأن العدل واجب فرض، والإحسان ليس بمنزلة العدل والإحسان فيه وفيه وهو فوق العدل أن تحسن إلى الآخرين، إيتاء ذي القربى هذه تمتين العلاقات بين الأفراد وهي اللبنة الأولى للمجتمع. فإذن بناء المجتمع متكامل من اللبنة الأولى إلى عموم المجتمع. العدل والإحسان وهو فوق العدل. العدل هو الإنصاف أن يأخذ كل حقه والإحسان قد يكون شيئاً فردياً إحسان العادة والإحسان إلى الآخرين، إحسان العمل والإحسان إلى الآخرين وهو فوق العدل (وجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا (40) الشورى) هذا عدل ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ﴾ هذا من الإحسان. ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ هذه مرتبة أعلى. الإيتاء العطاء وهذا لتمتين العلاقة. الآن ذكر عناصر بقاء المجتمع ودوامه واستمراره ونهى عن عناصر تفكيك المجتمع الفحشاء والمنكر والبغي هذه تهدم المجتمع ثم هذا المجتمع مؤمن بالله والرسول لأنه قال إن الله يأمر بالعدل يعني هذا أطاع ما أمر الله به عن طريق الرسول إذن هذا المجتمع مؤمن بالله وبالرسول وهذه صفاته يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى التي هي عناصر بناء المجتمع ودوامه واستمراره وبقاءه وينهى عن عناصر التفكيك والتخريب هذه كافية في بقاء المجتمع. في نقض المجتمع وهدمه لم يأت بنقيض العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. الفحشاء عامة والمنكر أوسع، الفحشاء هو الإفراط في اتباع الشهوات عموماً والمنكر ما أنكره الشرع وما أنكره العقل السليم وهذه أوسع من الفحشاء والبغي خداع الآخرين. في الأمر قدم العدل وفي النهي أخر البغي وقدم ما هو أعم وهو الفحشاء ويدخل فيه البغي. مناط المحاسبة عند الله تعالى العدل. إذن الترتيب مقصود لذاته فالعدل واجب يشمل الجميع (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) المائدة) والإحسان مرتبة أخرى.

ﵟ ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﵞ سورة النحل - 90


Icon