الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية نحن نعلم الجدل الكبير حول كلمة (وَلَقَدْ...

برنامج لمسات بيانية نحن نعلم الجدل الكبير حول كلمة (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ (24) يوسف) ولكن نريد القول الفصل في هذا الموضوع وما معنى كلمة ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا﴾؟ (د.فاضل السامرائى) معنى الهمّ أنه أراد أن يفعل الفاحشة. لقد هممت أن أفعل كذا أي أردت وحاولت ودفعتني نفسي إلى أن أفعل كذا فالهمّ بداية الفعل. اللغة تقول لم يهمّ بها يوسف أصلاً. ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ يعني لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها. لو رجعنا إلى اللغة هو لم يهمّ بها أصلاً ﴿وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه﴾ لا نقف عند ﴿وهمّ بها﴾ وإنما تقرأ الآية كاملة. ﴿ولقد همت به/ وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه﴾ لو قلت همت به وهمّ بها أين جواب وموقع ﴿لولا أن رأى برهان ربه﴾ ؟ هذه من حيث اللغة لم يهمّ بها. * هم يقولون همت به فعلاً وهمّ بها تركاً؟ نحن نتكلم لغة ولا نتكلم تفسير. كنت أضربه لولا أبوه، يعني لم أضربه، لولا أبوه لضربته يعني لم أضربه، قدّمت وأخّرت، كنت أضربه لولا أبوه يعني ما ضربته، لولا أبوه لضربته يعني ما ضربته، (إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا (42) الفرقان) يعني ما ضلّ. وكذلك ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ في اللغة كما ذكره أهل اللغة في هذه الآية أنه لم يقع منه همّ أصلاً. * حتى تتضح الصورة خارج القرآن نقول ولقد همّت به ولولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها؟ نحن نتكلم لغة، لأنه لو همّ بها لا يصبح هنالك معنى لـ ﴿لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ لا يصبح لها معنى من حيث اللغة، لو كان همّ بها ما الفائدة؟ هو لم يحاول لوجود ﴿لولا﴾ لولا العصمة لهمّ بها إذن لم يهمّ بها، لولا برهان ربه لهمّ بها لكنه ما همّ. البعض قال أنها همت به فعلاً وهمّ بها تركاً وهذا لا يصح لغوياً لأن الكلام سيكون ولقد همت به وهمّ بها ولا يعود لقوله ﴿لولا أن رأى برهان ربه﴾ لا يعود لها موقع ولا وجود وليس لها موقع في الكلام أصلاً. يقتضي أن نقول ولقد همت به وهم بها، و﴿لولا أن رأى برهان ربه﴾ لا يعود لها وجود ولا دلالة. قسم من كبار المفسرين مثل صاحب البحر المحيط قال لم يهمّ بها ونص كلامه " لم يقع منه عليه السلام همٌّ البتة". إذن من حيث اللغة لم يهمّ بها. المفروض أن نفهم هذه الآية على أنه امتنع الهمّ لوجود البرهان. * لولا حرف امتناع لوجود، امتناع الهمّ لوجود برهان ربه؟ ﴿لولا﴾ هنا حرف امتناع لوجود، لم يحصل منه همّ لوجود البرهان. ﴿لولا﴾ تأتي في موطنين للتحضيض لولا فعلت هذا يحضّه، (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) المنافقون) تدخل على الأفعال (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) النور) تحتاج لفعل ولا تحتاج إلى جواب نقول لولا فعلت هذا. إذن لولا حرف تحضيض أو امتناع لوجود. حرف امتناع لوجود لو قلت لولا أخوه لضربته تكون لم تضربه امتنع الضرب لوجود الأخ (حرف امتناع الجواب لوجود الفعل) (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) سبأ) امتنع الشيء لوجود أمر. وفي الشعر قيل: ولولا بنوها حولها لخرّبتها، تقدّم أو تأخر، يجوز أن يتقدم معنى الجواب كما في قوله تعالى (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ (77) الفرقان) أصلها لولا دعاؤكم لا يعبأ بكم ربي، (إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا (42) الفرقان) لولا أن صبرنا لكاد أن يضلنا، يجوز التقديم والتأخير، عموم أدوات الشرط أن يتقدم ما يدل على الجواب أو يتأخر، كنت ضربته لولا أخوه أو لولا أخوه لكنت ضربته. صاحب البحر المحيط يقول: قارفت الذنب لولا أن عصمك الله، تكون لم تقارف الذنب لوجود عصمة الله، همّ بها لولا أن رأى برهان ربه، هذا منطوق اللغة.

ﵟ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﵞ سورة يوسف - 24


Icon