الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (39): * ما دلالة الواو في الآية (وَالَّذِينَ...

برنامج لمسات بيانية آية (39): * ما دلالة الواو في الآية (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ (39) الأنعام) وفي البقرة لم يستخدم الواو (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18))؟(د.فاضل السامرائى) ما الفرق بين الصم والبكم وبين صم بكم؟. الصم الذي لا يسمع والأبكم الذي لا يتكلم. في البقرة لما قال ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ وفي الأنعام قال ﴿صُمٌّ وَبُكْمٌ﴾. ﴿صم بكم عمي﴾ هم في جماعة واحدة، ﴿صم وبكم﴾ فيها احتمالان أن يكون جماعة أو أكثر من جماعة قسم صم وقسم بكم. هؤلاء شعراء فقهاء وكتاب، الصفات الثلاث في فئة واحدة هؤلاء شعراء وفقهاء وكتاب أي يحتمل أن المجموعة فيها ثلاث فئات. عندما قال صم بكم عمي الكلام في فئة واحدة وعندما قال صم وبكم احتمالين احتمال أن تكون جماعة واحدة واحتمال أن يكون جماعات متعددة قسم صم وقسم بكم، وذكر في القرآن من يتكلم ولا يبصر (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) طه) أعمى وليس أبكماً. إذن هذا المعنى اختلف كل واحدة لها دلالة قطعية. إحتمال أن تكون الصفة واحدة والعطف لا يقتضي المغايرة دائماً نقول هذا رجل كاتب وفقيه، تعدد الأوصاف بحسب الغرض منها. يبقى السؤال لماذا اختار في آية البقرة أن لا يذكر الواو وذكرها في آية الأنعام؟ لماذا هذه المغايرة؟ آية البقرة أشدّ لأنها في جماعة واحدة ذكر العمى والصمم والبكم ﴿صم بكم عمي﴾ وقال أيضاً في الظلمات (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) البقرة)، آية الأنعام أقلّ لم يذكر العمى قال ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ﴾ إذن أهل البقرة أشد الموصوفين هؤلاء ذكر في المنافقين تسع آيات من الآية (8) إلى (20) أما في الأنعام آية واحدة فقط (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (39)) ، في البقرة ذكر تسع آيات وصفات متعددة، أما في الأنعام ذكر صفة التكذيب بالآيات، صفة واحدة. في البقرة ذكر الإفساد ومخادعة الله والذين آمنوا والاستهزاء وشراء الضلالة بالهدى إضافة إلى صفة التكذيب فأيها الأولى بالذمّ وكثرة الصفات السيئة؟ الذين في سورة البقرة، إذن هم ليسوا جماعتين وإنما جماعة واحدة هؤلاء صم بكم عمي وهم في الظلمات فلا يمكن من الناحية البيانية وضع إحداهما مكان الأخرى ولا يصح فهذا قانون بياني بلاغي. ولو لاحظنا سياق الآيات في السورتين نجد أن في سورة الأنعام لم يقل عمي وإنما قال صم وبكم فقط أما في البقرة فالكلام على المنافقين طويل وذكر فيه أشياء كثيرة كالإستهزاء وغيره. الأعمى أشد من الذي في الظلام لأن الأعمى سواء كان في الظلمات أو في النور فهو لا يري. وقد قال بعضهم أن آية سورة الأنعام هي في الآخرة ﴿رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا﴾ فهو أعمى ويتكلم ويسمع.

ﵟ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ۗ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﵞ سورة الأنعام - 39


Icon