قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ(48)﴾ الآية.
إن قلتَ: كيف ذمَّهم على ذلك، بما قاله ونهى عنه بقوله: " فَلَا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ " مع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " واللَّهِ إنّي لأمينٌ في السماء، أمينٌ في الأرض " وقول يوسف عليه السلام: " قالَ اجْعَلْني عَلى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حفِيظٌ عَليمٌ "؟
قلتُ: إنما قال النبىُّ ما قاله حين قال المنافقون " اعْدِلْ في القسمة " تكذيباً لهم، حيثُ وصفوه بخلافِ ما كان عليه من العدل والأمانة. وإِنما قال " يوسف " ما قاله، ليتوصَّل إلى ما هو وظيفةُ الأنبياء، وهو إقامةُ العدل، وبسطُ الحقِّ.
ولأنه عَلِمَ أنه لا أحد في زمنه أقوم منه بذلك العمل، فكان متعَيّناً عليه.
ﵟ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﵞ سورة النساء - 49