الوقفات التدبرية

قوله تعالى: (فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ...

قوله تعالى: (فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) إن قلت: لم خصهم بذلك مع أن أصحاب الشمال كذلك إذا نظروا إلى ما في كتابهم من الفضائح والقبائح أخذهم من الحياء والخل والخوف ما يوجب انقباض ألسنهم من إقامة الحروف فتكون قراءتهم كلا قراءة، وأمر أصحاب اليمين على العكس، وأما قوله " ولا يضلمون فتيلا " فعائد إلى كل الناس لا إلى أصحاب اليمين خاصة، وإنما خصهم بذلك لأنهم يعلمون أنهم لا يظلمون ويعتقدون ذلك بخلاف أصحاب الشمال فإنهم يعتقدون أو يظنون أنهم يظلمون. وقوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى(94)﴾ الآية. قال ذلك هنا، وقاله في الكهف بزيادة " ويستغفروا ربَّهم " لأن المعنى هنا: ما منعهم عن الِإيمان بمحمد، إلَّا قولُهم: " أبعثَ الله بشراً رسولًا "؟ هلَّا بعثَ مَلَكاً إ! وجهلوا أن التَّجانس يورث التَّوانس، والتغايرَ يورثُ التنافر. والمعنى في الكهف: ما منعهم عن الإِيمان والاستغفار، إلا إتيانُ سنة الأوَّلين، فزاد فيها (وَيسْتَغْفروا رَبَّهُمْ " لاتصاله بقوله " سُنَّةَ الأوَّلينَ " وهم قومُ نوحٍ، وهود، وصالح، وشعيب، حيث أمروا بالاستغفار. فنوحٌ قال: " اسْتَغْفِرُوا ربَّكُمْ إنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ". وهود قال: " وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُم تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجَيبٌ ". وشعيب قال: " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) .

ﵟ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﵞ سورة الإسراء - 71


Icon