تفسير سورة آل عمران

تفسير القرآن
تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب تفسير القرآن .
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
من سورة آل عمران وهي مدنية

عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ منه آيات محكمات ﴾ قال : المحكم ما يعمل به، ﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ﴾ قال معمر : وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ ﴾ قال : إن لم تكن الحرورية أو السبئية، فلا أدري من هم، ولعمري لقد كان في أصحاب بدر والحديبية، الذين شهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، من المهاجرين والأنصار خبر لمن استخبر وعبرة لمن اعتبر، لمن كان يعقل أو يبصر، إن الخوارج خرجوا وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ كثير بالمدينة وبالشام وبالعراق، وأزواجه يومئذ أحياء، والله إن خرج منهم ذكر ولا أنثى حروريا قط، ولا رضوا الذي هم عليه، ولا ما لؤوهم فيه، بل كانوا يحدثون بعيب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم، ونعته الذي نعتهم به، وكانوا يبغضونهم بقلوبهم، ويعادونهم بألسنتهم، ويشتد والله أيديهم١ عليهم إذا لقوهم، ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع، ولكنه كان ضلالة فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافا كثيرا، فقد ألاصوا٢ هذا الأمر منذ زمان طويل، فهل أفلحوا فيه يوما قط، أو أنجحوا، يا سبحان الله ! كيف لا يعتبر آخر هؤلاء القوم بأولهم، إنهم لو كانوا على حق أو هدى قد أظهره الله وأفلجه٣ ونصره، ولكنهم كانوا على باطل فأكذبه الله تعالى وأدحضه، فهم كما رأيتم خرج منهم قرن أدحض الله حجتهم وأكذب أحدوثتهم وأهراق دماءهم، وإن كتموه٤ كان قرحا في قلوبهم، وغما عليهم، وإن أظهروه أهراق الله دماءهم، ذاكم والله دين سوء فاجتنبوه، فوالله إن اليهودية لبدعة، وإن النصرانية لبدعة، وإن الحرورية لبدعة، وإن السبئية لبدعة، ما نزل بهن كتاب ولا سنهن نبي.
عبد الرزاق قال : حدثنا معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها، فقال : إذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله، فاحذروهم٥.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال : كان ابن عباس يقرؤها :[ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به ].
١ في الطبري (وتشتد والله عليهم أيديهم)..
٢ معنى (ألاص الأمر) حركه وأداره لينتزعه. (لسان العرب ج ٧ ص ٨٩)..
٣ في رواية الطبري (أفلحه) بالحاء المهملة.
ومعنى: أفلجه: غلبه وفضله وجعله يفوز على غيره. (لسان العرب ج ٢ ص ٣٤٧)..

٤ في رواية الطبري (وإن كتموا)..
٥ رواه البخاري في التفسير ج ٥ ص ١٦٦ مع اختلاف في اللفظ.
رواه ابن ماجه في المقدمة ٧. وأبو داود ج ٧ ص ٤ بلفظ: (يتبعون متشابهه).
والترمذي في التفسير ج ٤ ص ٢٩١..

عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم١ مثليهم رأي العين ﴾ قال : يضعفون عليهم، فقتلوا منهم سبعين، وأسروا سبعين يوم بدر.
عبد الرزاق قال : نا الثروي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ قد كان لكم ءاية في فئتين التقتا ﴾ قال : ذلك يوم بدر التقى المسلمون والكفار.
١ رواه البخاري في التفسير ج ٥ ص ١٦٦ مع اختلاف في اللفظ.
رواه ابن ماجه في المقدمة ٧. وأبو داود ج ٧ ص ٤ بلفظ: (يتبعون متشابهه).
والترمذي في التفسير ج ٤ ص ٢٩١..

عبد الرزاق قال : نا الثوري عن حبيب عن أبي ثابت عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ والخيل المسومة ﴾ قال : هي المطهمة الحسان، قال حبيب وقال سعيد بن جبير هي : الراعية يعني السائمة.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ والخيل المسومة ﴾ قال : شية الخيل في وجوهها.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ﴾ قال : هو نقصان أحدهما في الآخر.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وتخرج١ الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ قال : يخرج الحي من هذه النطفة الميتة، ويخرج هذه النطفة الميتة من الحي، قال معمر، وقال الحسن : يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن الزهري : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على بعض نسائه، فإذا عندها٢ امرأة حسنة الهيئة، فقال : " من هذه ؟ " قالت : إحدى خالاتك، قال : " إن خالاتي بهذه البلدة لغرائب، وأي خالاتي هذه ؟ " قالت٣ : بنت الأسود بن عبد يغوث، قال : " سبحان الله٤ الذي يخرج الحي من الميت " وكانت امرأة صالحة وكان أبوها كافرا. ٥
١ في (ق) (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) بالياء التحتانية في الموضعين وهي قراءة نافع وحمزة والكسائي انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد ص ٢٠٣..
٢ في رواية الطبري (فإذا بامرأة حسنة النغمة)، وفي (ق) فإذا عندها امرأة حسنة الهيئة. وقد أثبتنا نص (ق) مع حذف الباء لعدم انسجامها مع كلمة عندها..
٣ في رواية الطبري (قالت ابنة الأسود....)..
٤ في رواية الطبري (قال سبحان الذي)..
٥ أخرجه ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه مع اختلاف في اللفظ انظر الدر ج ٢ ص ١٥..
عبد الرزاق نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ﴾ قال : لا يحل للمؤمن أن يتخذ كافرا وليا في دينه. وقوله تعالى :﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ إلا أن يكون بينك وبينه قرابة فتصله لذلك.
عبد الرزاق قال : نا ابن عيينة عن عمرو عن الحسن أنه قرأ :﴿ ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ﴾ قال : من رأفته بهم أن حذرهم نفسه.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ﴾ قال : ذكر الله تعالى أهل بيتين صالحين، ورجلين صالحين، ففضلهما الله على العالمين فكان محمد صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله :﴿ إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ قال : نذرت ولدها للكنيسة.
﴿ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى ﴾ وإنما كانوا يحررون الغلمان قالت :﴿ وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ﴾.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مولود يولد إلا الشيطان يمسه، فيستهل صارخا من مسة الشيطان إياه إلا مريم وابنها " ثم يقول أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم :﴿ وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ﴾١
عبد الرزاق قال : نا المنذر بن النعمان الأفطس أنه سمع وهب بن منبه يقول : لما ولد عيسى عليه السلام أتت الشياطين إبليس، فقالوا : أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها، فقال : هذا٢ حادث حدث، مكانكم، وطار حتى جاء خافقي الأرض، فلم يجد شيئا، ثم جاء٣ البحار فلم يقدر على شيء، ثم طار أيضا فوجد عيسى قد ولد عند مذود حمار، فإذا الملائكة قد حفت حوله فرجع إليهم، فقال : إن نبيا قد ولد البارحة، وما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذه، فايأسوا٤ هو من أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة، ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة.
١ أخرجه الشيخان. في البخاري: قال حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.... (ج ٥ ص ١٦٦) وهو السند المذكور هنا نفسه ومسلم ج ٧ ص ٩٦..
٢ في رواية الطبري فقال: هذا في حادث فقال مكانكم..
٣ في رواية الطبري: ثم جاء البحار، وفي (ق) ثم جاب..
٤ في رواية الطبري فأيسوا بصيغة الماضي، وفي (ق) فايأسوا بصيغة الأمر.
وهو المناسب لما بعده: ولكن ائتوا..

عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وجد عندها رزقا ﴾ قال : وجد عندها ثمرة في غير زمانها، ﴿ قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ﴾.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ أن الله يبشرك بيحيى ﴾ قال : شافهته الملائكة بذلك.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾ قال : يعني بعيسى ابن مريم ﴿ وسيدا وحصورا ﴾ قال : الحصور الذي لا يأتي النساء.
﴿ قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أياما إلا رمزا ﴾ قال : إيماء، وكانت عقوبة عوقب بها إذ سأل الآية بعد مشافهة الملائكة إياه بما بشرته به.
عبد الرزاق قال نا معمر عن الزهري عن ابن المسيب في قوله تعالى :﴿ يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ﴾ قال : كان أبو هريرة يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خير النساء ركبن الإبل صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه لزوج في ذات يده " قال أبو هريرة ولم تركب مريم بعيرا قط١.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خير نساء ركبن الإبل، خيار نساء قريش، أحناه على ولد في صغره وأرعاه لزوج في ذات٢ يده ".
١ رواه البخاري ج ٤ ص ١٣٩.
ورواه مسلم ج ٧ ص ١٨٢..

٢ انظر التخريج السابق للحديث..
عبد الرزاق قال : نا الثوري عن أبي ليلى عن الحكم عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ اقنتي لربك ﴾ قال : أطيلي الركود، السكون في الصلاة.
قال الثوري وقال ليث عن مجاهد : كانت تصلي حتى تورم قدماها.
عبد الرزاق قال : نا معمر جاء غلمان إلى يحيى بن زكريا، فقالوا : اذهب بنا نلعب ؛ فقال : ما للعب خلقت، قال : وذلك قوله تعالى :﴿ وآتيناه الحكم صبيا ﴾.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ اقنتي لربك ﴾ قال : أطيعي ربك.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة ابنة خويلد وفاطمة ابنة محمد " ١.
١ تفرد به الترمذي وصححه ج ٥ ص ٣٦٧..
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إذ يلقون أقلامهم ﴾ قال : تساهموا على مريم، أيهم يكفلها، فقرعهم زكريا.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وأبرئ الأكمه والأبرص ﴾ قال : الأكمه الأعمى.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة :﴿ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ﴾ قال : أنبئكم بما تأكلون من المائدة، وما تدخرون منها، قال : وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخروا، فادخروا وخانوا، فجعلوا خنازير حين ادخروا، فذلك قوله تعالى :﴿ فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ﴾١.
قال معمر ذكره قتادة عن خلاس بن عمرو عن عمار بن ياسر.
١ الآية (١١٥) من سورة المائدة..
عبد الرزاق قال : نا معمر عن الحسن في قوله تعالى :﴿ إني متوفيك ﴾ قال : إني متوفيك من الأرض.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن ثابت البناني قال : رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة وخفا راع١ وحذافة يحذف بها الطير.
١ المدرعة: ضرب من الثياب، ولا تكون إلا من الصوف. والخذافة: المقلاع. والمخذفة: المقلاع وشيء يرمى به. انظر لسان العرب. ج ٨ ص ٨٢، ٦١..
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾ قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليداعي أهل نجران، فلما رأوه هابوا وفرقوا فرجعوا.
قال معمر وقال قتادة : لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يباهل أهل نجران أخذ بيد حسن وحسين، وقال لفاطمة : " اتبعينا "، فلما رأى ذلك أعداء الله١ رجعوا.
عبد الرزاق قال : نا معمر أخبرني عبد الكريم الجزري عن عكرمة قال : قال ابن عباس : لو خرج الذين يباهلون النبي صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا.
١ رواه الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى بمعناه، ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
ورواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي مرسلا..

عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة والكلبي في قوله تعالى :﴿ آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ﴾ قالا : قال بعضهم لبعض : أعطوهم الرضى بدينهم أول النهار واكفروا آخره، فإنه أجدر أن يصدقوكم ويعلموا أن قد رأيتم فيهم ما تكرهون، وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم.
عبد الرزاق : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار ﴾ قال : القنطار مائة رطل من ذهب أو ثمانون ألف درهم من ورق، قال معمر وقال الكلبي : القنطار ملء مسك ثور ذهبا.
عبد الرزاق قال : أنا عمر بن حوشب عن عطاء الخراساني قال : سئل ابن عمر، كم القنطار ؟ قال : سبعون ألفا.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ما دمت عليه قائما ﴾ قال : تقتضيه إياه.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ قال : ليس علينا في المشركين سبيل، يعنون من ليس من أهل الكتاب.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن صعصعة بن معاوية أنه سأل ابن عباس، فقال : إنا نصيب في الغزو١ من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة، قال ابن عباس : فتقولون ماذا ؟ قالوا : نقول : ليس علينا بأس في ذلك، قال : هذا كما قال أهل الكتاب ﴿ ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ إنهم إذا أدوا الجزية لم تحلل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم.
١ في رواية الطبري: في العرف أو العذق- الشك من الحسن-.
وما أثبتناه من (ق) وهو متسق مع السياق..

عبد الرزاق قال : نا معمر عن الزهري عن ابن المسيب في قوله تعالى :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ قال : هي اليمين الفاجرة يقتطع بها الرجل مال أخيه، واليمين الفاجرة من الكبائر وتلا ابن المسيب :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ﴾.
عبد الرزاق قال : نا ابن عيينة عن عبد الملك بن أعين عن أبي وائل عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من رجل يقتطع مالا بيمين فاجرة إلا لقي الله عليه غضبان " ١.
١ أخرجه البخاري من حديث الأعمش ج ٧ ص ٢٢٨. ومسلم عنه أيضا ج ١ ص ٨٥.
وأبو داود ج ٤ ص ٣٥٤..

قال عبد الرزاق وأخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه في قول الله تعالى :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبئين لما١ ءاتيتكم من كتاب وحكمة ﴾ قال : أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا، ثم قال :﴿ ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ﴾ قال : فهذه الآية لأهل الكتاب، أخذ الله ميثاقهم أن يؤمنوا لمحمد ويصدقوه.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن منصور بن المعتمر عن أبي رزين في قوله تعالى :﴿ كونوا ربانين ﴾ قال : حلماء علماء.
١ في (ق) (أتيناكم) وهي قراءة نافع. انظر كتاب السبعة في القراءات ص ٢١٤..
قال : نا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها ﴾ قال : أما المؤمن فأسلم طوعا، وأما الكافر فأسلم حين رأى بأس الله، قال : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا.
عبد الرزاق : أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى :﴿ كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ قال : هم أهل الكتاب، كانوا يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم مكتوبا في كتابهم، ويستخفون به، فكفروا بعد إيمانهم به. قال معمر وقال الكلبي : هم قوم ارتدوا بعد إيمانهم.
عبد الرزاق قال : أنا جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال : جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم : ثم كفر الحارث، فرجع إلى قومه فأنزل الله تعالى فيه القرآن ﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ إلى ﴿ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ﴾ فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه، قال : فقال الحارث : والله إنك ما علمت لصدوق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك، وإن الله لأصدق الثلاثة، قال فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ثم ازدادوا كفرا ﴾ قال : ازدادوا كفرا حتى١ إذا حضرهم الموت فلم تقبل توبتهم حين حضرهم الموت.
قال معمر، وقال مثل ذلك عطاء الخراساني.
١ في (ق) حين حضرهم الموت، وما أثبتناه من رواية الطبري وهو أصح..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن أيوب وغيره أنه لما نزلت :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ جاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها، فقال : هذه في سبيل الله، فحمل النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، فكأن زيدا وجد في نفسه، فلما رأى ذلك منه النبي صلى الله عليه وسلم قال : أما الله فقد قبلها١.
١ أخرجه ابن أبي حاتم عن محمد بن المنكدر..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ﴾ قال : اشتكى إسرائيل عرق النساء، فقال : إن الله شفاني لأحرمن العروق فحرمها.
عبد الرزاق قال معمر : قال الكلبي : قال إسرائيل : إن الله شفاني لأحرمن أطيب الطعام والشراب أو قال : أحب الطعام والشراب إلي، فحرم لحوم الإبل وألبانها.
عبد الرزاق قال : أخبرني الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان إسرائيل أخذه عرق النساء، فكان يبيت له زقاء فجعل الله عليه إن شفاه ألا يأكل العروق، فأنزل الله تعالى :﴿ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ﴾ قال سفيان : له زقاء قال : صياح.
قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ﴾ قال : أول بيت وضعه الله في الأرض، فطاف به آدم ومن بعده، قال قتادة : وبكة، يبك الناس بعضهم بعضا، الرجال والنساء، يصلي بعضهم بين يدي بعض ويمر بعضهم بين يدي بعض، لا يصلح ذلك إلا بمكة.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقتادة في قوله تعالى :﴿ آيات بينات مقام إبراهيم ﴾ قالا : مقام إبراهيم من الآيات البينات.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ومن دخله كان ءامنا ﴾ قال : كان ذلك في الجاهلية، فأما اليوم فإن سرق فيه وأخذ١ قطع، ولو قتل فيه قتل، ولو قدر على المشركين فيه قتلوا.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ من استطاع إليه سبيلا ﴾ قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحج فقال : " الزاد والراحلة " ٢.
عبد الرزاق قال : أنا هشام عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
عبد الرزاق قال معمر عن الحسن في قوله تعالى :﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾ قال : كفره الجحود به والزهادة فيه.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ ومن كفر ﴾ قال : هو من إن حج لم يره برا، وإن قعد لم يره مأثما.
١ في رواية الطبري (فإن سرق فيه أحد قطع وإن قتل فيه قتل)..
٢ رواه الحاكم من حديث قتادة عن أنس.. ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. انظر ج ١ ص ٤٤٢.
ورواه ابن ماجه من حديث إبراهيم يزيد الخوزي المكي، وفيه مقال ورواه الترمذي ج ٢ ص ١٥٤ بسند فيه الخوزي أيضا.
قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن والعمل عليه عند أهل العلم... ثم قال وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي المكي قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه..

عبد الرزاق قال : أنا معمر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ يأيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ﴾ قال : كان جماع قبائل الأنصار بطنين : الأوس والخزرج، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن، حتى من الله عليهما بالإسلام وبالنبي صلى الله عليه وسلم، فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم وألف بينهم بالإسلام قال : فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحدثان، ومعهما يهودي جالس فلم يزل يذكرهما أيامهما، والعداوة التي بينهما، حتى استبا، ثم اقتتلا قال : فنادى هذا قومه، وهذا قومه، فخرجوا بالسلاح، وصف بعضهم لبعض، قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ شاهد بالمدينة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يمشي بينهم إلى هؤلاء وإلى هؤلاء يسكنهم١ حتى رجعوا ووضعوا السلاح، قال فأنزل الله تعالى٢ في القرآن في ذلك :﴿ يا أيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتب يردوكم ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ أولئك لهم عذاب عظيم ﴾٣.
١ في رواية الطبري ليسكنهم..
٢ في رواية الطبري (فأنزل الله تعالى القرآن في ذلك) وهو أوضح..
٣ ذكره أصحاب التفاسير كابن جرير والقرطبي، ولم يخرجه أصحاب السنن..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ قال : يطاع فلا يعصى، ثم نسخها ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن زبيد عن مرة عن عبد الله في قوله تعالى :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ قال : يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ واعتصموا بحبل الله ﴾ قال بعهد الله وبأمره.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن أيوب عن عكرمة قال : لقي النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار، فآمنوا به وصدقوه، وأراد أن يذهب معهم، فقالوا : يا رسول الله إن بين قومنا حربا، وإنا نخاف إن جئت على حالك هذه أن لا يتهيأ الذي تريد، فواعدوه١ من العام المقبل، وقالوا : نذهب يا رسول الله لعل٢ الله يصلح تلك الحرب، قال :٣ ففعلوا، فأصلح الله تلك الحرب، وكانوا يرون أنها لا تصلح أبدا، وهو يوم بعاث، فلقوه من العام المقبل سبعين رجلا قد آمنوا به، فأخذ منهم٤ النقباء اثني عشر رجلا فذلك حين يقول الله عز وجل :﴿ واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن حرام بن عثمان عن ابن جابر عن جابر بن عبد الله قال : النقباء كلهم من الأنصار : سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وهو من بني ساعدة وسعد بن خيثمة من بني عمرو بن عوف وسعد بن ربيع وأسعد ابن زرارة من بني النجار وأسيد بن حضير من بني عبد الأشهل وعبادة بن الصامت وعبد الله بن رواحة وأبو الهيثم بن التيهان وعبد الله بن عمرو أبو جابر بن عبد الله من بني سلمة والبراء بن معرور من بني سلمة ورافع بن ملك الزرقي.
١ في رواية الطبري (فوعدوه العام المقبل)..
٢ في الطبري (فلعل الله أن يصلح)..
٣ في رواية الطبري (فذهبوا ففعلوا)..
٤ في رواية الطبري (عليهم) بدل منهم..
عبد الرزاق قال : نا إسرائيل عن سماك بن جرير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : أنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى١.
عبد الرزاق قال معمر : وقال الكلبي : أنتم خير الناس للناس.
١ رواه الترمذي وقال حديث حسن ج ٤ ص ٢٩٤. ط دار الفكر..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إلا بحبل من الله وحبل من الناس ﴾ قال : بعهد من الله وعهد من الناس.
عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن منصور قال : بلغني أنها نزلت ﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله أناء وهو الليل وهم يسجدون ﴾ فيما بين المغرب والعشاء.
عبد الرزاق قال أنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول :﴿ إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ﴾ قال : نحن هم بنو سلمة وبنو حارثة وما نحب أن لو لم تكن١، لقول الله تعالى ﴿ والله وليهما ﴾.
١ في رواية الطبري (وما نحب أن لو لم تكن همتا) وهو أوضح..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ مسومين ﴾ قال : سيماها صوف في نواصيها وأذنابها.
عبد الرزاق قال أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ من فورهم هذا ﴾ قال : من وجههم هذا.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه قال : نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق، عليهم عمائم صفر، وكان على الزبير يومئذ عمامة صفراء.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري وعن عثمان الجزري عن مقسم أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد حين كسر رباعيته ودمى١ وجهه : فقال : " اللهم لا يحل عليه الحول حتى يموت كافرا " فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار٢.
عبد الرزاق قال أخبرني ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن يعقوب بن عاصم قال : الذي دمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد رجل من هذيل، يقال له : عبد الله بن القمئة، فكان حتفه أن سلط الله تعالى عليه تيسا، فنطحه حتى قتله.
عبد الرزاق قال : نا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في صلاة الفجر بعد الركوع الآخرة فقال : " اللهم العن فلانا وفلانا " ناسا من المنافقين، فأنزل الله تعالى :﴿ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم ﴾٣ الآية.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة أن رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم أصيبت يوم أحد، أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في جبهته، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن النبي الدم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم " فأنزل الله تعالى :﴿ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ﴾٤.
١ في رواية الطبري (ووثأ وجهه) والوثء: الضرب حتى يرهص الجلد واللحم ويصل الضرب إلى العظم من غير أن ينكسر. كما في لسان العرب ج ١ ص ١٩٠..
٢ رواه أصحاب السير، انظر السيرة الحلبية في غزوة أحد ج ٢ ص ٥١٣..
٣ رواه البخاري من حديث سالم عن أبيه بلفظ قريب ج٥ ص ١٧١.
والنسائي من حديث سالم عن أبيه ج ٢ ص ٢٠٣..

٤ رواه مسلم من حديث أنس ج ٥ ص ١٧٩.
ورواه الترمذي من حديثه أيضا وقال هذا حديث حسن صحيح ج ٤ ص ٢٩٥.
ورواه البخاري معلقا ج ٥ ص ٣٥ مع اختلاف في السياق..

عبد الرزاق قال أنا داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن رجل من أهل الشام، يقال عبد الجليل عن عم له عن أبي هريرة في قوله تعالى :﴿ والكاظمين الغيظ ﴾ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه، ملأه الله أمنا وإيمانا " ١.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ﴿ والعافين عن الناس ﴾ قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شدة رجل وقوته فقال : " ألا أخبركم بأشد منه، رجل شتمه أخوه فغلب نفسه وشيطان صاحبه، ثم قال : أيعجز أحدكم أن يكون مثل أبي فلان كان إذا أصبح قال : اللهم إني قد تصدقت بعرضي على عبادك " ٢.
عبد الرزاق قال : أخبرني الثوري عن منصور عن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا " ٣.
١ رواه أبو داود ج ٧ ص ١٦٤ والترمذي ج ٣ ص ٢٥١ وقال: حسن غريب..
٢ معنى الحديث وأصله في الصحيحين واللفظ عند الشيخين: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
انظر البخاري في الأدب ج ٧ ص ٩٩.
ومسلم في البر ج ٨ ص ٣٠.
وأحمد في المسند ج ٢ ص ٢٣٦..

٣ رواه الإمام أحمد في مسنده ج ١ ص ١٩٣..
عبد الرزاق قال : نا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني قال : سمعت الحسن قرأ هذه الآية :﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء ﴾ إلى ﴿ المحسنين ﴾ ثم قرأ :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾ إلى ﴿ أجر العاملين ﴾ قال : إن هذين النعتين نعت رجل واحد.
عبد الرزاق قال : نا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني قال : بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية ﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾ بكى عدو الله.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى :﴿ ولم يصروا على ما فعلوا ﴾ إتيان الذنب عمدا إصرارا حتى يتوب، وتلاها قتادة، قال : قدما قدما في معاصي الله، لا تنهاهم مخافة الله حتى جاءهم أمر الله.
عبد الرزاق قال : أخبرني الثوري عن بيان عن الشعبي في قوله تعالى :﴿ هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ﴾ قال : بيان من العمى، وهدى من الضلالة، وموعظة من الجهل.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ولقد كنتم تمنون الموت ﴾ قال : كانوا يتمنون أن يلقوا المشركين١ أن يقاتلوهم، فلما لقوهم يوم أحد ولوا.
١ في رواية الطبري (كانوا يتمنون أن يلقوا المشركون فيقاتلوهم)..
عبد الرزاق قال : أخبرني معمر عن الزهري أن الشيطان صاح بأعلى صوته يوم أحد أن محمدا قتل، قال كعب بن مالك : فكنت أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم، عرفت عينيه من تحت المغفر، فناديت بصوتي الأعلى هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأشار إلي أن أسكت فأنزل الله تعالى :﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأين مات أو قتل ﴾ الآية١.
١ رواه أصحاب السير، البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥ انظر مختصر سيرة ابن هشام ص ١٨٣، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٥١٧..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى :﴿ معه ربيون كثير ﴾ قال : علماء كثير.
قال معمر، وقال قتادة : جموع كثير، قال ابن عيينة، وأخبرني الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله قال : هم الألوف.
عبد الرزاق قال : أنا عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إذ تحسونهم ﴾ يقول : إذ تقتلونهم.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ﴾ : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد حين غزا أبا سفيان وكفار قريش : " إني رأيت كأني لبست درعا حصينة، فأولتها المدينة، فاجلسوا في صمعكم، وقاتلوا من ورائه، وكانت المدينة قد شبكت البنيان فهي كالحصن " فقال رجل ممن لم يشهد بدرا : يا رسول الله اخرج بنا إليهم فلنقاتلهم، وقال عبد الله بن أبي بن سلول : نعم ما رأيت يا رسول الله ؟ إنا والله ما نزل بنا عدو قط فخرجنا إليه إلا أصاب فينا، ولا ثبتنا في المدينة وقاتلنا من ورائها إلا هزمنا عدونا، فكلمه ناس من المسلمين، فقالوا : يا رسول الله، اخرج بنا إليهم، فدعا بلامته فلبسها، ثم قال : " ما أظن الصرعى إلا ستكثر منكم ومنهم إني أرى في النوم بقرا منحورة، فأقول : بقر والله خير، فقال رجل : يا رسول الله بأبي وأمي فاجلس بنا، قال : " إنه لا ينبغى لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يلقى البأس " فقال : " فهل من رجل يدلنا بالطريق فيخرجنا على القوم من كثب " فانطلقت به الأدلاء بين يديه، حتى إذا كان بالواسط من الجبانة انخذل عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش أو قريب من ثلث الجيش، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم حتى لقيهم بأحد وفاجؤوهم، فعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه إن هزموهم ألا يدخل لهم حجرا، ولا يتبعوهم، فلما التقوا هزموهم وعصوا النبي صلى الله عليه وسلم، وتنازعوا الغنائم، ثم صرفهم الله ليبليهم كما قال، وأقبل المشركون، وعلى خيلهم خالد بن الوليد بن المغيرة، فقتل من المسلمين سبعون رجلا، وأصابتهم جراح شديدة، وكسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم، ووثئ١ بعض وجهه، حتى صاح الشيطان بأعلى صوته : قتل محمد، قال كعب بن مالك : فكنت أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم عرفت عينيه من تحت المغفر فناديت بصوتي الأعلى : هذا رسول الله، فأشار إلي أن اسكت، ثم كف الله المشركين، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقوف، فنادى أبو سفيان بعدما مثل ببعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وجدعوا، ومنهم من بقر بطنه فقال أبو سفيان : إنكم ستجدون في قتلاكم بعض المثل، وإن ذلك لم يكن عن ذوي رأينا ولا ساداتنا، ثم قال أبو سفيان : أعل هبل، فقال عمر ابن الخطاب : الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان : انعمت فعال عنها، قتلى بقتلى بدر، فقال عمر : لا يستوي القتل، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، قال أبو سفيان : لقد خبنا إذن، ثم انصرفوا راجعين، وندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في طلبهم بعدما أصابهم القرح، فطلبوهم حتى بلغوا قريبا من حمراء الأسد ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم٢.
قال معمر عن قتادة : وكان فيمن طلبهم عبد الله بن مسعود، وذلك حين يقول الله تعالى :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ﴾.
١ تقدم معنى الوثء انظر الصفحة رقم (١٣٢)..
٢ أحداث غزوة أحد وردت في الصحاح والسنن مع اختلاف في السياق، انظر مثلا:
صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٨ وما بعدها.
وصحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٨ وما بعدها..

عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ غما بغم ﴾ قال : الغم الأول : الجراح والقتل، والغم الآخر حين سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل، وما كانوا يرجون من الغنيمة، وذلك حين يقول :﴿ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم ﴾.
عبد الرزاق : أنا معمر في قوله تعالى :﴿ أمنة نعاسا ﴾ قال : ألقى الله عليهم النعاس، فكان ذلك أمنة لهم، قال : وذكر أن أبا طلحة قال : ألقي علي النعاس يومئذ، فكنت أنعس حتى يسقط سيفي من يدي.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ظن الجاهلية ﴾ قال : ظن أهل الشرك.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾ قال : أن يغله أصحابه، ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة.
عبد الرزاق قال معمر، وقال قتادة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غنم مغنما بعث مناديا فنادى : ألا لا يغلن رجل مخيطا فما دونه، ألا لا يغلن رجل بعيرا، فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء، ألا لا يغلن رجل فرسا، فيأتي به يوم القيامة على ظهره له حمحمة١.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن زيد بن أسلم قال : جاء عقيل بن أبي طالب بمخيط٢، فقال لامرأته ؛ خيطي بهذه ثيابك، قال : فبعث النبي صلى الله عليه وسلم مناديا : ألا لا يغلن رجل إبرة٣ فما دونها، فقال عقيل لامرأته : ما أرى إبرتك إلا قد فاتتك.
عبد الرزاق قال : أنا معمر قال : أنا همام٤ قال : سمعت أبا هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " غزا نبي من الأنبياء، فقال : لا يغزون معي رجل تزوج امرأة لم يبن بها، ولا رجل له غم ينتظر ولادتها، ولا رجل يبني بناء لم يفرغ منه، فلما أتي المكان الذي يريده وجاءه عند العصر، قال للشمس : إنك مأمورة وإني مأمور، اللهم احبسها علي ساعة. فحبست له ساعة حتى فتح الله عليه، قال : وزعموا أنها لم تحبس لأحد من قبله ولا بعده، ثم وضعت الغنيمة، فجاءت النار فلم تأكلها، فقال : إن فيكم غلولا فليبايعني من كل قبيلة منكم رجل، قال : فلزقت يده بيد رجلين أو ثلاثة، قال : فقال : إن منكم الغلول، قال : فأخرجوا رأس بقرة من ذهب فألقوا في الغنيمة فجاءت النار فأكلتها، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فلم تحل الغنيمة لأحد قبلنا وذلك أن الله رأى ضعفنا فطيبها٥ لنا ".
١ رواه ابن ماجه في باب الجهاد مع اختلاف في اللفظ.
والإمام أحمد في مسنده بمعناه ج ٣ ص ٤٩٨..

٢ طمس في (ق) والتوضيح من الطبري..
٣ طمس في (ق) والتوضيح من الطبري..
٤ طمس في (ق) والتوضيح من الطبري..
٥ رواه البخاري في باب النكاح – الشطر الأول من الحديث – انظر ج ٦ ص ١٣٩.
وأحمد في مسنده ج ٢ ص ٣١٨.
ومسلم ج ٥ ص ١٤٥ بالسند نفسه والألفاظ نفسها..

عبد الرزاق قال أنا ابن عيينة عن مطرف عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى :﴿ أفمن اتبع رضوان الله ﴾ قال : من لم يغل، ﴿ كمن باء بسخط من الله ﴾ قال : كمن غل.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة قال : أصيب المسلمون يوم أحد مصيبة، فكانوا قد أصابوا مثلها يوم بدر ممن قتلوا وأسروا، فقال الله تعالى :﴿ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء ﴾ قال : بلغنا أن أرواح الشهداء في صور طير بيض تأكل من ثمار الجنة، قال معمر، وقال الكلبي : في صور طير خضر، تسرح في الجنة وتأوي إلى قناديل تحت العرش.
عبد الرزاق قال : نا الثوري عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال : سألنا عبد الله بن عمر عن هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾ قال : قال : أرواح الشهداء عند الله كطير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح في الجنة حيث شاءت، قال : فاطلع إليهم ربك اطلاعة، فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه ؟ قالوا : ربنا ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا ! ثم اطلع إليهم الثانية، فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه ؟ فقالوا : ربنا ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا ! ثم اطلع إليهم الثالثة، فقال لهم هل تشتهون من شيء فأزيدكموه ؟ فقالوا : ربنا تعيد أرواحنا في أجسادنا، فنقاتل في سبيلك، فنقتل مرة أخرى قال : فسكت عنهم.
عبد الرزاق قال : أخبرني ابن عيينة عن عطاء بن السائب عن أبي عبيدة عن عبد الله أنهم قالوا في الثالثة حين قال : هل تشتهون شيئا فأزيدكموه ؟ قالوا : تقرئ نبينا عنا السلام، وتخبره أن قد رضينا ورضي عنا.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك قال : قالت أم مبشر لكعب بن مالك -وهو شاك- ( اقرأ )١ على ابني السلام، تعني مبشرا، فقال : يغفر الله لك يا أم مبشر، أو لم تسمعي ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ " إنما نسمة المسلم طير تعلق في شجر الجنة يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة " قالت : ضعفت٢ فأستغفر الله٣.
١ زيادة يقتضيها السياق وهي من مسند الإمام أحمد..
٢ في مسند الإمام أحمد: صدقت. وهو أنسب..
٣ رواه النسائي في الجنائز ١١٧ وفي الموطأ الجنائز.
وابن ماجه في الزهد.
وأحمد في المسند ج ٣ ص ٤٥٥..

عبد الرزاق قال : أنا ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية، فخرج ناس من المسلمين يريدونه، فلقيهم ناس من المشركين، فقالوا لهم : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال وأهبة التجارة، وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل، قال : وأتوهم فلم يلقوا أحدا، فأنزل الله تعالى فيهم :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا ابن عيينة وأخبرني زكريا عن الشعبي عن عبد الله ابن عمرو قال : هي كلمة إبراهيم حين ألقي فيه البنيان يعني النار حسبنا الله ونعم الوكيل.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾ قال : حتى يميز الكافر من المؤمن.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ سيطوقون ثم ما بخلوا به يوم القيامة ﴾ قال : يطوقونه في أعناقهم يوم القيامة.
عبد الرزاق قال : نا الثوري عن منصور عن إبراهيم في قوله تعالى :﴿ سيطوقون ما بخلوا به ﴾ قال : طوق من نار.
عبد الرزاق قال : نا الثوري عن أبي إسحاق عن أبي وائل عن ابن مسعود قال : يجئ ماله يوم القيامة ثعبانا١ فينقر رأسه، ويقول : أنا مالك الذي بخلت بي، فينطوي٢ على عنقه.
١ في (ق) ثعبان بالرفع، وما أثبتناه من الطبري، والسياق يقتضيه..
٢ في (ق) فينطوي بي، وما أثبتناه من الطبري، ويقتضيه السياق.
ومعنى ينطوي: أي يلتف عليه..

عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة قال : لما أنزل الله تعالى :﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ﴾ قالت اليهود : إنما يستقرض الفقير من الغني، فأنزل الله تعالى :﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ﴾ قال : هو كعب بن الأشرف، وكان يحرض المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شعره، ويهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانطلق إليه خمسة نفر من الأنصار، فيهم محمد بن مسلمة ورجل آخر، يقال له : أبو عبس، فأتوه وهو في مجلس قومه بالعوالي، فلما رآهم ذعر منهم، وأنكر شأنهم، وقالوا : جئناك لحاجة، قال : " فليدن إلي بعضكم فليحدثني بحاجته " فجاءه رجل منهم، فقال : جئناك لنبيعك أدرعا عندنا لنستنفق بها، قال : " والله لئن فعلتم لقد جهدتم، منذ نزل لكم هذا الرجل " فواعدوه أن يأتوه عشاء حين يهدأ عنهم الناس، فأتوه فنادوه، فقالت امرأته : ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشيء مما تحب، قال : إنهم قد حدثوني بحديثهم وشأنهم، قال معمر عن أيوب عن عكرمة : إنه أشرف عليهم فكلمهم، فقال : ما ترهنوني ؟ أترهنوني أبناءكم ؟ وأرادوا أن يبيعهم تمرا، فقالوا : إنا نستحي أن تعير أبناؤنا، فيقال : هذا رهينة وسق وهذا رهينة وسقين، فقال : أترهنوني نساءكم ؟ فقالوا : أنت أجمل الناس ولا نأمنك، وأي امرأة تمتنع منك لجمالك، ولكنا نرهنك سلاحنا، فقد علمت حاجتنا إلى السلاح اليوم، فقال : نعم ايتوني بسلاحكم، واحتملوا ما شئتم، قالوا : فأنزل إلينا نأخذ عليك وتأخذ علينا، فذهب ينزل، فتعلقت به امرأته فقالت : أرسل إلى أمثالهم من قومك فيكونوا معك، فقال : لو وجدني١ هؤلاء نائما ما أيقظوني، قالت : فكلمهم من فوق البيت فأبى عليها، قال : فنزل إليهم يفوح ريحه، قالوا : ما هذه الريح يا أبا فلان ؟ قال : هذا عطر أم فلان لامرأته، فدنا إليه بعضهم ليشتم لم رأسه، ثم اعتنقه، ثم قال : اقتلوا عدو الله فطعنه أبو عبس في خاصرته، وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف فقتلوه، ثم رجعوا فأصبحت اليهود مذعورين، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا : قتل سيدنا غيلة، فذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه وما كان يحرض عليهم، ويحرض في قتالهم، ويؤذيهم به، ثم دعاهم أن يكتب بينه وبينهم٢ صلحا، قال : وكان ذلك الكتاب مع علي بعد.
١ في (ق) والطبري (لو وجدوني هؤلاء نائما)..
٢ قصة مقتل كعب بن الأشرف في صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٥.
وفي صحيح مسلم ج ٥ ص ١٨٤. أما خبر دعوتهم إلى كتابة صلح فقد ذكره أصحاب السير، منهم الواقدي في المغازي ج ١ ص ١٩٢ ط عالم الكتب..

عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن أبي الجحاف عن مسلم البطين قال : سأل الحجاج جلساءه عن هذه الآية :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ﴾ فقام رجل إلى سعيد بن جبير يسأله فقال : وإذ أخذ الله ميثاق أهل الكتاب –اليهود- لتبيننه للناس محمدا صلى الله عليه وسلم. ولا يكتمونه فنبذوه ﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ قال : بكتمانهم محمدا ﴿ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾ قال : قولهم نحن على دين إبراهيم.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة قال : إن أهل خيبر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقالوا : إنا على رأيكم وهيئتكم وإنا لكم ود، فأكذبهم الله وقال :﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨٧:عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن أبي الجحاف عن مسلم البطين قال : سأل الحجاج جلساءه عن هذه الآية :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ﴾ فقام رجل إلى سعيد بن جبير يسأله فقال : وإذ أخذ الله ميثاق أهل الكتاب –اليهود- لتبيننه للناس محمدا صلى الله عليه وسلم. ولا يكتمونه فنبذوه ﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ قال : بكتمانهم محمدا ﴿ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾ قال : قولهم نحن على دين إبراهيم.

عبد الرزاق قال : أنا ابن جريح قال : أخبرني ابن أبي مليكة أن علقمة ابن وقاص أخبره أن مروان قال لرافع بوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل يعذب، لنعذبن أجمعين، فقال ابن عباس : وما لكم ولهذه، إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود، فسألهم عن شيء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استجابوا لله بما أخبروه عنه مما سألهم، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ثم قرأ :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ﴾ الآية١.
١ رواه البخاري ج ٥ ص ١٧٤، ورواه الترمذي ج ٤ ص ٣٠٠ وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح..
عبد الرزاق قال : أخبرني الثوري عن رجل عن ابن المسيب في قوله تعالى :﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾ قال : هذه خاصة لمن لا يخرج منها.
عبد الرزاق قال : أنا بن عيينة عن عمرو بن دينار، قال : سمعت رجلا من ولد أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قالت أم سلمة : يا رسول الله، لا أسمع ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله تعالى :﴿ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ﴾١.
١ رواه الترمذي في التفسير ج ٤ ص ٣٠٤..
عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن الأعمش عن خيثمة عن الأسود عن عبد الله قال : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها، ثم قرأ عبد الله :﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾ وقرأ هذه الآية :﴿ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم ﴾ الآية.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله ﴾ قال : نزلت في النجاشي وأصحابه ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم : واسم النجاشي أصحمة، قال الثوري : اسم النجاشي أصحمة، قال ابن عيينة : هو بالعربية عطية.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وصابروا ورابطوا ﴾ يقول : صابروا المشركين ورابطوا في سبيل الله.
Icon