تفسير سورة آل عمران

المصحف المفسّر
تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب المصحف المفسّر .
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة آل عمران مدنية وآياتها مائتان

تفسير الألفاظ :
﴿ الم ﴾ الأحرف التي في أوائل السور قيل إنها رموز وقيل هي أسماء لله، وقيل إقسام من الله تعالى. وقال الأكثرون : إنها أسماء للسور.
تفسير الألفاظ :
﴿ القيوم ﴾ أي الدائم القيام يأمر الخلق وحفظه.
تفسير المعاني :
الله لا شريك له في الإلهية، هو الحي الدائم القيام بأمر خلقه.
تفسير المعاني :
أنزل عليك يا محمد القرآن مصدقا لما سبقه من الكتب هداية للناس وأنزل الفرقان.
تفسير الألفاظ :
﴿ الفرقان ﴾ هو القرآن لأنه يفرق بين الحق والباطل. ﴿ انتقام ﴾ النقمة عقوبة المجرم، فعله نقم ينقم ونقم ينقم نقما أي عاقب. ونقم عليه أو منه أمرا أنكره عليه وعابه.
تفسير المعاني :
كرر ذكر القرآن تعظيما لشأنه وإظهارا لفضله.
إن الذين كفروا بما أوحاه الله من الآيات أعد لهم عذاب شديد. فإن الله غالب على أمره منتقم من المجرمين.
تفسير المعاني :
لا يخفى عليه شيء في ملكه.
تفسير الألفاظ :
﴿ الأرحام ﴾ جمع رحم هو العضو الذي ينمو فيه الجنين في بطن أمه.
تفسير المعاني :
يصوركم في أرحام أمهاتكم على أي الصور أراد.
تفسير الألفاظ :
﴿ آيات محكمات ﴾ أي محكمة العبارات لا تقبل الصرف عن ظاهرها ولا الذهاب في محتملاتها مذاهب شتى. ﴿ أم الكتاب ﴾ أي أصله يرد إليها غيرها. ﴿ وأخر متشابهات ﴾ أي محتملات لا يتضح مقصودها لكونها مجملة أو غير موافقة للظاهر إلا بتدقيق الفكر. ﴿ زيغ ﴾ أي عدول عن الحق. ﴿ ابتغاء الفتنة ﴾ أي طلبا للفتنة. ﴿ والراسخون في العلم ﴾ رسخ الشيء أي ثبت، والمعنى : الثابتون في العلم المتمكنون منه. تصريفه رسخ يرسخ رسوخا. ﴿ يذكر ﴾ أي يتذكر ﴿ الألباب ﴾ العقول جمع لب.
تفسير المعاني :
هو الذي أنزل عليك يا محمد القرآن منه آيات لا تحتمل التأويل ظاهرة المعاني هي أصل الكتاب، ومنه آيات دقيقة المعنى تحتمل التأويل، فأما الذين أشربت قلوبهم الضلالة فيتعلقون بظاهره أو بتأويل باطل طلبا لفتنة الناس بالتشكيك ورجاء أن يؤولوه على ما تشتهيه أهواؤهم، والحال أنه لا يعلم تأويله أحد إلا الله، والمتمكنون من العلم يقولون آمنا به كله متشابهه ومحكمه.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا تزغ ﴾ لا تمل قلوبنا عن الحق.
تفسير المعاني :
ربنا لا تضل قلوبنا بعد أن هديتنا إلى الحق وامنحنا منك رحمة إنك أنت الوهاب.
تفسير الألفاظ :
﴿ ليوم لا ريب فيه ﴾ ليوم القيامة لا شك فيه.
تفسير المعاني :
ربنا إنك جامع الناس ليوم القيامة لا شك فيه إنك لا تخلف الميعاد.
تفسير الألفاظ :
﴿ وقود النار ﴾ الوقود هو ما توقد به النار من حطب أو فحم، أما الوقود بضم الواو فهو مصدر وقدت النار تقد وقودا أي اشتعلت.
تفسير المعاني :
إن الذين كفروا لا تجديهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله نفعا وأولئك هم حطب النار.
تفسير الألفاظ :
﴿ كدأب آل فرعون ﴾ على تقدير دأب هؤلاء كدأب آل فرعون في الكفر. وهو مصدر دأب يدأب أي كدح. ونقل هذا الدأب إلى معنى الشأن أي شأنهم كشأن آل فرعون.
تفسير المعاني :
شأنهم كشأن آل فرعون والذين سبقوهم، كذبوا بآيات الله فأهلكهم بذنوبهم والله شديد العقاب.
تفسير الألفاظ :
﴿ المهاد ﴾ الفراش جمعه أمهدة ومهد.
تفسير المعاني :
قل يا محمد للكافرين ستغلبون أيها الكافرون في الدنيا وستحشرون إلى جهنم وبئس الفراش.
تفسير الألفاظ :
﴿ فئتين ﴾ طائفتين. ﴿ التقتا ﴾ أي تقابلتا في ميدان الحرب. ﴿ رأى العين ﴾ رأى مصدر رأى. ﴿ لعبرة ﴾ أي لموعظة. ﴿ الأبصار ﴾ جمع بصر أي عين. وقيل معنى الأبصار هنا البصائر.
تفسير المعاني :
فلا تغتروا بكثرتكم واعتبروا بطائفتين تقابلتا يوم بدر إحداهما مؤمنة والأخرى كافرة، يرى الكافرون المؤمنين مثل عددهم مرتين وأيدهم بنصره إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.
تفسير الألفاظ :
﴿ القناطير المقنطرة ﴾ القناطير جمع قنطار قيل هو مائة ألف دينار وقيل ملء جلد ثور، والمقنطرة مشتقة من قنطار للتأكيد ﴿ الخيل المسومة ﴾ المعلمة من السومة وهي العلامة. ﴿ والأنعام ﴾ جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم. ﴿ والحرث ﴾ إلقاء البذر في الأرض وتهيئتها للزرع، وقد يسمى المحروث حرثا. والمراد هنا المزروعات. ﴿ متاع ﴾ أي تمتع. ﴿ المآب ﴾ المرجع من آب يئوب أوبا أي رجع.
تفسير المعاني :
زين الشيطان للناس الميل إلى الشهوات من النساء والأولاد والذهب والفضة والخيل المعلمة والماشية والزرع، وكل ذلك تمتع في الحياة الفانية والله عنده حسن المآب أي المرجع.
تفسير الألفاظ :
﴿ أؤنبئكم ﴾ أي أأخبركم. ﴿ رضوان ﴾ أي رضاء.
تفسير المعاني :
قل أأخبركم بأحسن من هذه النعم كلها ؟ للذين اتقوا جنات عند ربهم تجري من تحتها الأنهار مخلدين فيها، وأزواج طاهرات ورضاء من الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ وقنا ﴾ أي واحمنا، من وقاه يقيه أي حفظه وحماه.
تفسير المعاني :
والله بصير بعباده الذين يدعونه قائلين : ربنا إننا آمنا بك وبرسلك وكتبك فاغفر لنا ذنوبنا واحمنا عذاب النار.
تفسير الألفاظ :
﴿ والقانتين ﴾ الملازمين للطاعة مع الخضوع، من قنت يقنت قنوتا. ﴿ بالأسحار ﴾ جمع سحر وهو الوقت الذي يختلط فيه ظلام آخر الليل بضياء النهار.
تفسير المعاني :
الصابرين والصادقين والملازمين للطاعة والباذلين أموالهم في سبيل الله والمستغفرين في الأسحار.
تفسير الألفاظ :
﴿ بالقسط ﴾ أي بالعدل.
تفسير المعاني :
شهد الله بما نصبه من الدلائل وأوحاه من الآيات أنه لا إله غيره، وشهد بذلك ملائكته وأهل العلم، شهدوا أنه مقيم للعدل بين خلقه وهو العزيز الحكيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ بغيا ﴾ أي حسدا أو طلبا للرئاسة.
تفسير المعاني :
لا دين مرضي عند الله غير الإسلام، وهو الدين الذي بعث به جميع المرسلين فاختلف أهل الكتاب فيه، وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم اليقين على صحته، وكان ذلك منهم طلبا للرئاسة، ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب.
تفسير الألفاظ :
﴿ حاجوك ﴾ جادلوك. ﴿ أسلمت وجهي لله ﴾ أخلصت نفسي له. ﴿ ومن اتبعن ﴾ أي أسلمت وجهي لله أنا ومن اتبعني. ﴿ والأميين ﴾ الذين لا يقرؤون ولا يكتبون جمع أمي، والمراد به هنا العرب. ﴿ وإن تولوا ﴾ أي وإن أدبروا. ﴿ البلاغ ﴾ التبليغ.
تفسير المعاني :
فإن جادلوك يا محمد في الدين فقل لهم : إني أخلصت نفسي لله أنا ومن اتبعني من المؤمنين. وقل لأهل الكتاب من اليهود والنصارى وقل للعرب الأميين : أأسلمتم مثل إسلامي ؟ فإن أسلموا فقد اهتدوا، وإن أدبروا فإنما عليك التبليغ وعلينا الحساب.
تفسير الألفاظ :
﴿ بالقسط ﴾ أي بالعدل من قسط يقسط ويقسط أي عدل ومثله أقسط.
تفسير المعاني :
إن الذين يكفرون بكتب الله ويفتكون بالنبيين إمعانا منهم في الكفر، ويقتلون الذين يأمرون الناس باتباع العدل فبشرهم بعذاب النار.
تفسير الألفاظ :
﴿ حبطت ﴾ فسدت وهدرت.
تفسير المعاني :
أولئك بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين يحمونهم من بطش الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ﴾ هم اليهود أوتوا التوراة.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ﴾ الآية، نزلت في جماعة من اليهود. وذلك أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يهوديان معترفين بالزنا وطلبا إليه أن يحكم بينهما فحكم عليهما بالرجم فعارضاه فأحالهما إلى التوراة فوجداها تأمر بالرجم فرجما.
تفسير المعاني :
فغضب جماعة من اليهود من ذلك لأنهم قالوا إن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة وغرهم ما كانوا يفترونه في دينهم، ومن كان يأخذ بأمثال هذه الترهات يستخف بحدود الله ويتعرض بذلك لسخطه.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا ريب فيه ﴾ لا شك فيه.
تفسير المعاني :
فكيف الحال يكون إذا جمعناهم ليوم القيامة وهو لا شك فيه ووفيت كل نفس جزاء ما عملته من خير وشر بالقسطاس المستقيم ؟
تفسير الألفاظ
﴿ اللهم ﴾ أي يا الله. والميم فيه عوض عن يا ولذلك لا يجتمعان. ﴿ تنزع ﴾ أي تقلع وتخلع.
تفسير المعاني :
قل : يا رب، يا مالك كل شيء، إنك تهب الملك لمن تشاء وتخلع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك خزائن كل خير وأنت على كل شيء قدير. نزلت هذه الآية حينما كان النبي وأصحابه يحفرون الخندق اتقاء غزوة المشركين لهم وبشرهم بملك الفرس والروم وهما دولتا العالم إذ ذاك، فقال المنافقون هيهات ! فنزلت تأكيدا لما يقول.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولج ﴾ أي تدخل. ثلاثيه ولج يلج ولوجا بمعنى دخل.
تفسير المعاني :
ثم قال : تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي، أي أن التعاقب بين الظلمة والنور والموت والحياة من سنن الخالق، فلا عجب أن يبدل ضعف المسلمين قوة وذلهم عزا.
تفسير الألفاظ :
﴿ أولياء ﴾ جمع ولي، أي أحبابا وأنصارا وأصدقاء. ﴿ إلا أن تتقوا ﴾ أي إلا أن تخافوا. ﴿ تقاة ﴾ مصدر تقيته تقيه أتقيه أي خفته أخافه.
تفسير المعاني :
ثم نهى الله عن اتخاذ الكافرين أنصارا وأحبابا من دون المؤمنين خشية أن يكون ذلك سببا لانحلال جماعتهم، وهذا لا ينافي برهم والعدل فيهم والتودد إليهم والاستقامة في معاملتهم.
تفسير المعاني :
قل إن الله يعلم ما تبدونه وما تخفونه في ضمائركم من ولاية الكفار وغيرها، ويعلم كل ما هو حادث في السموات والأرض، وهو على كل شيء قدير.
تفسير الألفاظ :
﴿ محضرا ﴾ أي حاضرا. ﴿ تود ﴾ أي تحب. ﴿ أمدا ﴾ الأمد مدة لها حد مجهول إذا أطلق. وقد ينحصر فيقال أمد كذا كما يقال زمان كذا ؛ ولذلك قال بعضهم : المدى والأمد متقاربان في المعنى. ﴿ ويحذركم الله نفسه ﴾ تهديد شديد مشعر بأن المنهي عنه متناه في القبح، وذكر النفس ليعلم أن المحذر منه عذاب يصدر منه تعالى فلا يجوز أن يلتفت معه لما يخشى من عدم تولي الكفرة. ﴿ رءوف ﴾ أي رحيم أشد الرحمة.
تفسير المعاني :
﴿ يوم تجد ﴾ متعلق بما قبله أي تتمنى كل نفس يوم تجد صحائف أعمالها حاضرة لو أن بينها وبين ذلك اليوم زمانا بعيدا. والله يخوفكم نفسه فإنه يجب أن يخاف ويخشى وإن كان رؤوفا بعباده فإن من الرأفة أن يعاقبكم على الشر تطهيرا لكم من دنسه.
تفسير المعاني :
قل : إن كنتم أيها الناس تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله لأني رسوله، وقد أوحى إلي ما فيه صلاحكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولوا ﴾ أدبروا.
تفسير المعاني :
وقل : أطيعوا الله والرسول. فإن أعرضوا فإن الله يكره الكافرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ اصطفى ﴾ اختار.
تفسير المعاني :
إن الله اختار من العالمين آدم ونوحا آل إبراهيم وآل عمران أي موسى وهارون وخصهم بالمزايا الروحانية والجثمانية.
تفسير الألفاظ :
﴿ نذرت ﴾ أوجبت على نفسي. تصريفه نذر ينذر وينذر نذرا ونذورا. ﴿ محررا ﴾ معتقا من كل تكليف إلا خدمة مولاه.
تفسير المعاني :
إذ قالت امرأة عمران بن ماثان جد عيسى : إني نذرت ما في بطني من الولد لخدمة الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ أعيذها بك ﴾ أي أجيرها بك.
تفسير المعاني :
فلما وضعتها وجدتها أنثى، فقالت : رب إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى من حيث صحة النذر " فإنهم ما كانوا ينذرون الإناث "، وإني سميتها مريم وإني أجيرها هي وذريتها بك من وسوسة الشيطان الرجيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ وأنبتها نباتا حسنا ﴾ شبهها في نموها وترعرعها بالزرع، والكلام مجاز عن تربيتها بما يصلحها في جميع أحوالها. ﴿ وكفلها ﴾ أي جعله كافلا لها وضامنا بمصالحها. ثلاثيه كفله يكفله كفالة. ﴿ المحراب ﴾ الغرفة والمسجد. وأشرف جهة في المسجد. ﴿ أنى ﴾ أي من أين.
تفسير المعاني :
فرضي الله بمريم في النذر على أنها أنثى ورباها تربية كاملة. وكلف زكريا كفالة مريم فكان كلما دخل عليها حجرتها وجد عندها فاكهة وطعاما فكان يسألها عن مصدره فتجيبه أنه من عند الله.
تفسير المعاني :
فما وسع زكريا في ذلك الوقت – وقد أكبر هذه الكرامة – إلا أن يدعو الله بأن يهبه ذرية طيبة.
تفسير الألفاظ :
﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾ أي مصدقا بعيسى لأنه كلمة من الله، وإنما سمي بذلك لأنه وجد بأمره تعالى مباشرة بلا أب. ﴿ وحصورا ﴾ أي مبالغا في حصر نفسه أي حبس نفسه عن الشهوات. فعله حصره يحصره حصرا.
تفسير المعاني :
فنادته الملائكة وهو يصلي أن الله يبشرك بغلام اسمه يحيى يؤمن بعيسى ويكون سيد القوم ومتشددا في حبس نفسه عن الشهوات ونبيا من الصالحين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أنى ﴾ من أين أو كيف.
تفسير المعاني :
فاستبعد زكريا أن يكون له ولد وقد أخذ منه الكبر وامرأته عقيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ آية ﴾ أي علامة. ﴿ رمزا ﴾ أي بالإشارة. يقال : رمز إليه يرمز ويرمز أي أشار. ﴿ وسبح ﴾ التسبيح تنزيه الله تعالى. ﴿ بالعشي ﴾ جمع عشية وهي من متوسط النهار إلى الغروب. ﴿ والإبكار ﴾ بكسر الهمزة من طلوع الفجر إلى الضحى. وقرئ والأبكار بفتح الهمزة جمع بكر كسحر وأسحار.
تفسير المعاني :
فقال له ربك يفعل ما يشاء من العجائب مثل ذلك فطلب إلى لله أن يجعل له علامة يعرف بها حدوث الحمل لامرأته : فقال له : علامتك أن لا تستطيع التكلم ثلاثة أيام إلا بالإشارة. وأمره بأن يكثر من ذكره بالعشي والإبكار، أي من الزوال إلى الغروب، ومن طلوع الفجر إلى الضحى.
تفسير الألفاظ :
﴿ اصطفاك وطهرك واصطفاك ﴾ اصطفاك الأولي أي قبلك من أمك ولم يقبل قبلها أنثى في نذر، واصطفاك الثانية معناها هداك وخصك بالكرامات.
تفسير المعاني :
كلم الملائكة مريم فقالوا لها : إن الله قبلك وطهرك وخصك بالكرامات فأطيعي الله وصلى له مع المصلين.
تفسير الألفاظ :
﴿ اقنتي ﴾ أي الزمي الطاعة مع الخضوع.
تفسير المعاني :
كلم الملائكة مريم فقالوا لها : إن الله قبلك وطهرك وخصك بالكرامات فأطيعي الله وصلى له مع المصلين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أنباء ﴾ جمع نبأ وهي الأخبار.
﴿ نوحيه ﴾ ننزله بواسطة الملك. يقال أوحى يوحي إيحاء ووحي يحي وحيا بمعنى واحد. ﴿ يلقون أقلامهم ﴾ القلم آلة الكتابة والمراد به هنا القداح وهي سهام صغيرة ترمى للاقتراع بها. ﴿ أيهم يكفل مريم ﴾ يعولها وينفق عليها.
تفسير المعاني :
ذلك يا محمد من الأخبار المغيبة أوحيناها إليك وما حضرتهم حين يتنازعون على كفالة مريم ولا حين يقترعون عليها.
تفسير الألفاظ :
﴿ وجيها ﴾ شريفا عاليا. فعله وجه يوجه وجاهة.
تفسير المعاني :
وقد بشرت الملائكة مريم بكلمة منه هو عيسى يولد بلا أب.
تفسير الألفاظ :
﴿ المهد ﴾ فراش الطفل. ﴿ وكهلا ﴾ الكهل من جاوز الثلاثين إلى الواحد والخمسين.
تفسير المعاني :
وجيها ويكلم الناس وهو في المهد، مقربا عند الله ومن الصالحين – فاستبعدت ذلك إذ لم يمسها بشر. فقال جبريل : إن الله يخلق من العجائب مثل ذلك إذا أراد أمرا قال له : كن، فيكون.
تفسير الألفاظ :
﴿ أنى ﴾ من أين أو كيف. ﴿ قال كذلك ﴾ القائل جبريل.
تفسير المعاني :
وجيها ويكلم الناس وهو في المهد، مقربا عند الله ومن الصالحين – فاستبعدت ذلك إذ لم يمسها بشر. فقال جبريل : إن الله يخلق من العجائب مثل ذلك إذا أراد أمرا قال له : كن، فيكون.
تفسير الألفاظ :
﴿ الكتاب ﴾ المراد به الكتب المنزلة. ويمكن أن يكون المراد بالكتاب الكتابة لأن كليهما مصدر كتب. ﴿ والحكمة ﴾ إصابة الحق بالعلم والعمل. فالحكمة من الله معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات.
تفسير المعاني :
ويعلمه الله الكتابة والحكمة والتوراة والإنجيل ويرسله إلى بني إسرائيل.
تفسير الألفاظ :
﴿ الأكمه ﴾ هو الذي ولد كفيف البصر والممسوح العين. ﴿ والأبرص ﴾ المصاب بالبرص وهو داء يبيض منه الجلد وهو معد عضال، يقال برص الرجل يبرص برصا.
تفسير المعاني :
فلما أرسله إليهم قال لهم إن آية صدقي أني أصنع لكم من الطين ما يشبه الطير فأنفخ فيها فتكون طيرا وأبرئ المولود أعمى وأشفي المصاب بالبرص وأحيي الموتى بإذن الله، وأخبركم بما تأكلونه مع أهلكم وما تدخرونه في بيوتكم.
تفسير المعاني :
وأمرت أن أكون مصدقا لما هو أمامي من التوراة وأن أحل لكم بعض ما حرم عليكم. وجئتكم بآية أخرى من ربكم هي أن الله ربي وربكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا، فثاروا عليه وكذبوه.
تفسير المعاني :
وجئتكم بآية أخرى من ربكم هي أن الله ربي وربكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا، فثاروا عليه وكذبوه.
تفسير الألفاظ :
﴿ من أنصاري ﴾ الأنصار جمع ناصر وهو المعين. ﴿ الحواريون ﴾ مشتق من الحور وهو البياض الخالص، سمي به أنصار عيسى لبياض قلوبهم وخلوص نياتهم.
تفسير المعاني :
فلما علم عيسى بكفرهم بما أوحاه الله إليه أراد أن يميز المؤمنين من الكافرين فقال لقومه : من أنصاري إلى الله ؟ أي من أنصاري الذين يعينوني في سلوك السبيل إلى الله، فأجابه أصحابه قائلين : نحن أنصار الله، إننا آمنا بك فاشهد بأننا مسلمون، أي منقادون إلى الله. ومعنى الإسلام الاستسلام إلى الله والانقياد له.
تفسير المعاني :
ثم دعا الحواريون ربهم قائلين : ربنا إننا آمنا بما أوحيت إلينا واتبعنا رسولك فاكتبنا مع الشاهدين بوحدانيتك.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومكروا ﴾ أي الذين أحس عيسى منهم الكفر بأن سلطوا عليه من يقتله. ﴿ ومكر الله ﴾ برفع عيسى. ومعنى المكر الاحتيال على الغير للإضرار به وهو بهذا المعنى لا يصح إسناده إلى الله إلا للمقابلة والازدواج.
تفسير المعاني :
ولكن الذين لم يؤمنوا به مكروا ليقتلوه فأحبط الله مكرهم بإنقاذ عيسى رسوله منهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ متوفيك ﴾ مستوفي أجلك أو مؤخرك إلى أجلك، يقال توفى حقه أخذه كاملا. وقيل معنى متوفيك مؤخرك إلى أجلك عاصما إياك منهم، أو قابضك من الأرض أو مميتك عن الشهوات العائقة عن العروج إلى عالم القدس.
تفسير المعاني :
فقال له : يا عيسى إني مميتك بعد استيفائك أجلك ورافعك إلى محل كرامتي ومطهرك من سوء مجاورة الذين كفروا ثم إلي مرجعكم جميعا فأقضى بينكم فيما كنتم فيه تختلفون.
تفسير المعاني :
فأما الذين كفروا فأعذبهم في الدنيا والآخرة.
تفسير المعاني :
وأما الذين آمنوا فأوفيهم أجر ما عملوا ولا أحب الظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ والذكر الحكيم ﴾ المراد بالذكر هنا القرآن. ووصفه بالحكيم لأنه مشتمل على الحكمة. وقيل الحكيم بمعنى المحكم الذي لا يتطرق الخلل إليه.
تفسير المعاني :
هذا يا محمد خبر عيسى نقرأه عليك من آيات القرآن الحكيم.
تفسير المعاني :
إن شأن عيسى – وهو في بابه غريب إذ خلقه بلا أب – كشأن آدم فقد خلقه من التراب ثم قال له كن بشرا سويا فكانه. فآدم قد خلق بلا أب ولا أم فحاله أغرب من عيسى وأدعى لإظهار قدرة الله. فلا يجوز اتخاذ أمثال هذه الأمور داعية للغو في حق المرسلين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الممترين ﴾ أي الشاكين وأصله الامتراء، والمماراة المجادلة فيما فيه مرية، والمرية هي التردد في الأمر.
تفسير المعاني :
هذا هو الحق من ربك فلا تكن من الشاكين.
تفسير الألفاظ :
﴿ حاجك ﴾ جادلك. ﴿ نبتهل ﴾ أي نتباهل، والمباهلة هي الملاعنة أي نلعن الكاذب منا.
تفسير المعاني :
فمن جادلك فيه أي في عيسى من بعد ما جاءك هذا العلم الصحيح عنه، فقل هلموا نجتمع رجالا ونساء وولدانا ثم نتباهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ القصص ﴾ مصدر قص الحديث أي سرده على وجهه. وهنا معناه الخبر والبيان.
تفسير المعاني :
هذا هو الخبر الصحيح عن عيسى وليس يوجد إله غير الله وحده.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولوا ﴾ أعرضوا.
تفسير المعاني :
فإن أعرضوا عن هذا التوحيد فإن الله عليم بالمفسدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ سواء ﴾ مصدر بمعنى مستو أمرها بيننا وبينكم، لا يختلف فيها اثنان.
تفسير المعاني :
قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة لا يختلف فيها أحد منا، وهي أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن أعرضوا عن هذا التوحيد فقولوا لهم : قد لزمتكم الحجة فاشهدوا بأننا مسلمون.
لما نزلت هذه الآية قال عدى بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله " أي ما كنا نعبد رؤساء ديننا " قال : أليس كانوا يحلون لكم ويحرمون ؟ قال : نعم. قال : هو ذاك.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم ﴾ نزلت حين زعم اليهود أن إبراهيم كان يهوديا وزعم النصارى أنه كان نصرانيا وتجادلوا في ذلك، فقال لهم : إن هذه الأديان حدثت من بعده بقرون كثيرة فكيف يكون من أهلها ؟ أفلا تعقلون ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ ها أنتم ﴾ ها حرف تنبيه تستعمل لتنبيه السامع. ﴿ فلم تحاجون ﴾ فلماذا تجادلون.
تفسير المعاني :
يا أهل الكتاب ها أنتم جادلتم فيما لكم به علم مما ورد في التوراة والإنجيل، فلم تجادلون فيما لا علم لكم به ولا ورد عنه ذكر في كتابيكم ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ حنيفا ﴾ مائلا عن العقائد الزائغة. من الحنف وهو ميل من الضلال إلى الاستقامة، أما الجنف فهو ميل من الاستقامة إلى الضلال.
تفسير المعاني :
ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما، أي منقادا إلى الله مائلا عن العقائد الزائغة.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولي ﴾ الولي هو الناصر والمحب.
تفسير المعاني :
وأولى الناس به أتباعه من أمته وهذا النبي والذين آمنوا لموافقتهم له في أكثر ما شرع لكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ودت ﴾ أحبت.
تفسير المعاني :
ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم. نزلت في اليهود حين دعوا بعض الصحابة إلى اليهودية.
تفسير الألفاظ :
﴿ وأنتم تشهدون ﴾ أي تشهدون أنها آيات الله حقا.
تفسير المعاني :
يا أهل الكتاب لماذا تكفرون بآيات الله أي القرآن وأنتم تشهدون بما تقرؤون عنه في كتبكم أنه حق ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ تلبسون ﴾ تخلصون. يقال لبس الأمر يلبسه خلطه ولبس الثوب يلبسه وضعه على جسمه.
تفسير المعاني :
ولماذا تخلطون الحق بالباطل وتكتمون الحق، أي نبوة محمد التي ترونها مذكورة في كتبكم، وأنتم تعلمون ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ وجه النهار ﴾ أي أوله. ووجه كل شيء مستقبله وأشرفه ومبدؤه.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا وجه النهار ﴾ نزلت في اثني عشر من أحبار خيبر اتفقوا بأن يدخلوا في الإسلام أول النهار هم يكفروا في آخره قائلين نظرنا في كتابنا فلم نجد نعت محمد فيه، والمقصد من ذلك فتح باب للارتداد عن الإسلام.
قد دبر اليهود أن يؤمنوا أول النهار ويكفروا آخره ليحملوا الناس على الخروج منه، وقالوا : لا تؤمنوا إلا لأهل دينكم. دبروا ذلك حسدا لأن يؤتى أحد من الوحي مثل ما أوتوا.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ﴾ اللام في كلمة لمن زائدة والمعنى : ولا تصدقوا إلا من تبع دينكم. ﴿ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ﴾ متعلق بفعل محذوف تقديره دبرتم ذلك حسدا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، والمعنى : أن الحسد حملكم على ذلك. ﴿ يحاجوكم ﴾ يجادلوكم. ﴿ واسع ﴾ أي كرمه محيط بكل شيء.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا وجه النهار ﴾ نزلت في اثني عشر من أحبار خيبر اتفقوا بأن يدخلوا في الإسلام أول النهار هم يكفروا في آخره قائلين نظرنا في كتابنا فلم نجد نعت محمد فيه، والمقصد من ذلك فتح باب للارتداد عن الإسلام.
قد دبر اليهود أن يؤمنوا أول النهار ويكفروا آخره ليحملوا الناس على الخروج منه، وقالوا : لا تؤمنوا إلا لأهل دينكم. دبروا ذلك حسدا لأن يؤتى أحد من الوحي مثل ما أوتوا.
تفسير الألفاظ :
﴿ يختص ﴾ أي يخص.
تفسير المعاني :
قل : إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.
تفسير الألفاظ :
﴿ بقنطار ﴾ المراد قنطار من الذهب. ﴿ قائما ﴾ أي مداوما على المطالبة والترافع. ﴿ ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ أي ليس علينا فيمن ليسوا من ديننا عتاب ولا ذم إن ظلمناهم. والأميون هنا المراد بهم العرب. وأصل الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب والعرب كانوا كذلك.
تفسير المعاني :
على أن من أهل الكتاب أوفياء أمناء، ومنهم خونة مماطلون، وهؤلاء إنما يفعلون ذلك اعتقادا أنهم لا يلامون إن هضموا حقوق غيرهم من الملل يكذبون على الله وهم يعلمون، بلى إن عليهم في ذلك تبعة.
تفسير الألفاظ :
﴿ بلى ﴾ جواب لاستفهام مقترن بنفي أو إثبات لنفي. ﴿ أوفى بعهده ﴾ أي قام به.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
على أن من أهل الكتاب أوفياء أمناء، ومنهم خونة مماطلون، وهؤلاء إنما يفعلون ذلك اعتقادا أنهم لا يلامون إن هضموا حقوق غيرهم من الملل يكذبون على الله وهم يعلمون، بلى إن عليهم في ذلك تبعة.
تفسير الألفاظ :
﴿ يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ أي يبيعون عهد الله بثمن قليل، فإن باع واشترى كل منهما يؤدى معنى الآخر. ﴿ لا خلاق لهم ﴾ أي لا نصيب لهم.
تفسير المعاني :
إن الذين يبيعون العهد الذي عاهدوا الله عليه من الوفاء بالأمانات ويبيعون أيمانهم " إذ قالوا والله لنؤمنن به ولننصرنه " بثمن زهيد، أولئك لا نصيب لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يطهرهم ولهم عذاب أليم.
تفسير الألفاظ :
﴿ يلوون ﴾ من اللي وهو اللف أي يفتلون ألسنتهم ليميلوها عن الآيات المنزلة إلى العبارات المحرفة.
تفسير المعاني :
وإن طائفة من أهل الكتاب يلفون ألسنتهم بالتلاوة لتحسبوها من كتاب الله وهي من الكلام الموضوع للتضليل، ويدعون أنه كلام الله فيكذبون وهم يعلمون أنهم يكذبون.
تفسير الألفاظ :
﴿ والحكم ﴾ الحكمة. ﴿ ربانيين ﴾ جمع رباني وهو المنسوب إلى الرب. ﴿ بما كنتم تعلمون الكتاب ﴾ أي بسبب كونكم معلمين للكتاب.
تفسير المعاني :
ما كان لإنسان أن يهبه الله الكتاب والحكمة والنبوة ثم يدعي الألوهية، ولكنه يأمر الناس أن يكونوا عبادا لله منسوبين لربهم بسبب كونهم يعلمون الكتاب ويدرسونه.
تفسير المعاني :
ولا يأمرهم أن يؤلهوا الملائكة والنبيين، أيأمرهم بالكفر بعد إذ هم مسلمون ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ ميثاق ﴾ الميثاق العهد. ﴿ لما آتيتكم من كتاب وحكمة ﴾ اللام في لما موطئة للقسم لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف وما تحتمل الشرطية. وقرأ حمزة لما بالكسر على أن ما مصدرية أي لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة ثم مجيء رسول مصدق أخذ الله الميثاق عليكم. وقيل ما موصولة بمعنى الذي، أي أخذ الله الميثاق عليكم للذي آتاكموه من كتاب وحكمة. ﴿ إصري ﴾ الإصر والأصر والأصر العهد والذنب والثقل، هي هنا بمعنى العهد.
تفسير المعاني :
إذ أخذ الله العهد على النبيين فقال : لأجل الذي آتيتكم من الكتاب والحكمة أن تؤمنوا برسول يأتي مصدقا لما معكم وأن تنصروه، قال : أأقررتم على ذلك وأخذتم عليه عهدي ؟ قالوا : أقررنا. قال : فاشهدوا على ذلك وأنا معكم من الشاهدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولى ﴾ أي أعرض. ﴿ الفاسقون ﴾ أي الخارجون عن أمر الله، فعله فسق يفسق فسقا أي خرج عن حجر الشرع.
تفسير المعاني :
فمن أعرض بعد أخذ العهد عليه بالإيمان بمحمد " كما هو مذكور في الآية السابقة " فأولئك هم الكفرة المتمردون.
تفسير الألفاظ :
﴿ طوعا ﴾ أي انقيادا عن رغبة. ﴿ وكرها ﴾ أي إجبارا وهو كاره، وقد قيل الكره والكره بمعنى واحد كالضعف والضعف.
تفسير المعاني :
أفغير دين الله يريدون " الهمزة هنا للإنكار " وقد أسلم له من في السموات والأرض انقيادا وقهرا : انقيادا كالمؤمنين والملائكة، وكرها كالكافرين فإنهم في عين كفرهم مسلمون أي منقادون لأمر الله ؛ فإنه هو الذي أقامهم على ما هم عليه لا يستطيعون عنه تحولا.
تفسير الألفاظ :
﴿ والأسباط ﴾ جمع سبط وهو ابن الابن، والمراد بالأسباط هنا قبائل بني إسرائيل من أولاد يعقوب. ﴿ لا نفرق بين أحد منهم ﴾ أي نساويهم في الإيمان بهم فلا نؤمن بالبعض ونكفر بالبعض الآخر. ﴿ مسلمون ﴾ أي مستسلمون لإرادته.
تفسير المعاني :
قل : آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على الأنبياء كلهم، نؤمن بهم جميعا بلا فرق ونحن له مسلمون. وهذا أكمل العقائد وأعدلها وأشملها.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومن يبتغ ﴾ أي ومن يطلب. ﴿ الخاسرين ﴾ الخسر والخسران انتقاص رأس المال، فيقال خسر فلان يخسر أي أضاع من رأس ماله.
تفسير المعاني :
فمن يطلب غير الإسلام – وهو على هذا الكمال – دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الهالكين.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ إلى قوله :﴿ غفور رحيم ﴾ نزلت في رجل من الأنصار آمن ثم ارتد ثم كتب لقومه يطلب إليهم أن يسألوا رسول الله هل له من توبة ؟ فلما نزل الوحي بأن له توبة عاد فأسلم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ينظرون ﴾ أي يمهلون. يقال نظره ينظره وأنظره ينظره أي أمهله، والنظرة الإمهال.
تفسير المعاني :
خالدين في نار جهنم " الضمير عائد على المذكورين في الآية المتقدمة " لا يلطف عذابهم ولا يمهلون.
تفسير الألفاظ :
﴿ تابوا ﴾ رجعوا مثل ثابوا. ﴿ وأصلحوا ﴾ أي أصلحوا ما أفسدوا، أو دخلوا في الصلاح. ﴿ الضالون ﴾ التائهون في مهامه الكفر.
تفسير المعاني :
إلا الذين تابوا بعد ارتدادهم ودخلوا في طور الصلاح والإصلاح فإن الله يغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم.
تفسير المعاني :
أما الذين كفروا بعد إيمانهم ثم تمادوا في كفرهم فلن يقبل لهم توبة.
" يشير سبحانه إلى جماعة آمنوا ثم لحقوا بمكة وارتدوا وازدادوا كفرا بقولهم نتربص بمحمد حتى يموت أو نرجع إليه وننافقه ".
تفسير المعاني :
والذين يرتدون ويموتون وهم مرتدون فلا تقبل من أحدهم فدية ولهم عذاب أليم.
تفسير الألفاظ :
﴿ البر ﴾ هو كمال الخير، وبر الله هو رحمته ورضاؤه وتوفيقه.
تفسير المعاني :
لن تبلغوا حقيقة البر حتى تبذلوا مما تحبون : كالمال والنفس في سبيل الله، وما تبذلوا من شيء يعلمه الله ويثبكم عليه.
تفسير الألفاظ :
﴿ حلا ﴾ أي حلالا وهو مصدر نعت به ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث كما قال تعالى ﴿ لا هن حل لهم ﴾. ﴿ إسرائيل ﴾ هو يعقوب.
تفسير المعاني :
كل أنواع الأغذية كانت محللة لبني إسرائيل قبل التوراة ثم حرم عليهم بعضها بسبب عنادهم فأنكر اليهود هذا الأمر، فقال الله : فأتوا بالتوراة فاقرءوها وهي تشهد بأنها حرمت عليهم لهذا السبب.
تفسير الألفاظ :
﴿ افترى على الله الكذب ﴾ أي اختلقه. والفرية هي الكذب.
تفسير المعاني :
فمن كذب بعد ذلك فأولئك هم الظالمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ حنيفا ﴾ أي مائلا عن العقائد الباطلة. فالحنف هو ميل عن الضلال إلى الاستقامة، والجنف ميل عن الاستقامة إلى الضلال.
تفسير المعاني :
قل : صدق الله فيما أوحى إلى محمد وكذبتم أنتم فاتبعوا دين إبراهيم المائل عن العقائد الباطلة.
تفسير الألفاظ :
﴿ ببكة ﴾ قيل هي مكة وقيل موضع المسجد منها، أما مكة فهي البلد.
تفسير المعاني :
إن أول بيت بني لعبادة الله هو الذي ببكة " قيل هو أولها من حيث القدم وقيل من حيث الشرف ".
تفسير الألفاظ :
﴿ مقام إبراهيم ﴾ أي محل قيام إبراهيم وهو الحجر الذي قام عليه لما ارتفع بناء البيت. ﴿ حج ﴾ بالكسرة هو لغة في مصدر حج يحج.
تفسير المعاني :
فيه آيات واضحات، منها مقام إبراهيم، ومنها أن من دخله يأمن على نفسه ولا يتعرض له أحد. عند أبي حنيفة من دخله لا يقبض عليه ولو كان قاتلا بل يلجأ إلى الخروج. وقد فرض الله على الناس حج البيت، أي قصده، من استطاع تحمل مشاق السفر إليه.
تفسير المعاني :
ثم أخذ يبكت أهل الكتاب على كفرهم بآيات الله وعلى صدهم الناس عن سبيل الله بادعاء أنها سبيل معوجة وهم يشهدون أنها أقوم السبل، ثم نصح المؤمنين أن لا يطيعوا هؤلاء الصادين مخافة أن يردوهم بعد إيمانهم كافرين، ثم قال : وكيف تكفرون وأنتم يتلى عليكم القرآن الفارق بين الحق والباطل وفيكم رسوله يشع عليكم أنوار الإيمان. ومن يلتجئ إلى الله فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ تصدون ﴾ أي تمنعون. من صده يصده ويصده صدا وصدودا منعه وأعرض عنه. ﴿ تبغونها عوجا ﴾ أي تطلبون لها، أي سبيل الله، اعوجاجا بإيهام الناس أن بها اعوجاجا عن الحق.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٨:تفسير المعاني :
ثم أخذ يبكت أهل الكتاب على كفرهم بآيات الله وعلى صدهم الناس عن سبيل الله بادعاء أنها سبيل معوجة وهم يشهدون أنها أقوم السبل، ثم نصح المؤمنين أن لا يطيعوا هؤلاء الصادين مخافة أن يردوهم بعد إيمانهم كافرين، ثم قال : وكيف تكفرون وأنتم يتلى عليكم القرآن الفارق بين الحق والباطل وفيكم رسوله يشع عليكم أنوار الإيمان. ومن يلتجئ إلى الله فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم.

تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون أفرغوا وسعكم في تقوى الله ولا تموتوا إلا وأنتم مستسلمون لإرادته ومنقادون لأوامره.
تفسير الألفاظ :
﴿ يعتصم بالله ﴾ يلتجئ إليه. ﴿ صراط ﴾ طريق جمعه صرط، ويقال له السراط بالسين أيضا. ﴿ حق تقاته ﴾ أي حق تقواه.
تفسير الألفاظ :
﴿ واعتصموا ﴾ وتمسكوا. ﴿ بحبل الله ﴾ أي بالإسلام أو بالقرآن. استعار له كلمة الحبل من حيث إن التمسك به سبب النجاة كما أن التمسك بالحبل سبب السلامة. ﴿ ولا تفرقوا ﴾ أي ولا تتفرقوا حذفت إحدى التاءين تخفيفا. ﴿ فألف ﴾ أي فجمع. ﴿ شفا ﴾ الشفا حرف كل شيء وحده تثنيته شفوان وجمعه أشفاء ويقال : ما بقي منه إلا شفا، أي قليل.
تفسير المعاني :
وتمسكوا بدينه جميعا، أي مجتمعين، وإياكم والفرقة. وتذكروا فضل الله عليكم إذ كنتم أعداء متنابذين فجمع بين قلوبكم فأصبحتم بفضله إخوانا، وكنتم على حافة هاوية من النار فنجاكم منها بالإسلام. كذلك يبين الله لكم آياته، أي مثل هذا التبيين يبين لكم آياته لعلكم ترشدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولتكن منكم أمة ﴾ قيل من هنا للتبعيض، أي وليقم بعضكم بالأمر بالمعروف. وقيل بل هي للتبيين ويكون المعنى كونوا أمة يأمرون بالمعروف.
تفسير المعاني :
ولتقم منكم طائفة بالدعوة إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
تفسير الألفاظ :
﴿ البينات ﴾ الآيات الواضحات.
تفسير المعاني :
واحذروا أن تكونوا كغيركم من أهل الملل إذ تفرقوا واختلفوا في مذاهبهم من بعد ما جاءتهم آيات الله الواضحات التي لا تحتمل التأويل، أولئك لهم عذاب أليم يوم القيامة.
تفسير الألفاظ :
﴿ أكفرتم بعد إيمانكم ﴾ أي يقال لهم أكفرتم بعد إيمانكم، والهمزة للتوبيخ.
تفسير المعاني :
يوم تبيض وجوه الذين حسنت أعمالهم وتسود وجوه الذين ساءت سيرتهم، ويقال لهؤلاء أكفرتم بعد إيمانكم ؟ فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون.
تفسير المعاني :
وأما الذين ابيضت وجوههم بأعمالهم الصالحة فيدخلون في رحمة الله أي جنته خالدين فيها.
تفسير المعاني :
هذه الآيات الواردة في الوعد والوعيد من وحي الله ننزلها عليك ملتبسة بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين.
تفسير المعاني :
له كل ما في السموات والأرض وإليه ترد الأمور فيفصل فيها ويجازي أو يثيب عليها.
تفسير الألفاظ :
﴿ خير أمة ﴾ أي أخير أمة. والأفصح حذف الألف منها ومن أشر، فيقال هذه خير أمة وتلك شر أمة.
﴿ بالمعروف ﴾ بما أمر به الشرع واستحسنه الطبع. ﴿ المنكر ﴾ ما نهى عنه الشرع واستقبحه الطبع.
تفسير المعاني :
كنتم أفضل أمة ظهرت على الأرض، من شأنكم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله على الوجه الحق. ولو آمن أهل الكتاب مثل إيمانكم لكان ذلك أنفع لهم. منهم مؤمنون وأكثرهم فاسقون.
تفسير الألفاظ :
﴿ لن يضروكم إلا أذى ﴾ أي ضررا يسيرا. ﴿ يولوكم الأدبار ﴾ الدبر مؤخر كل شيء. يقال ولاه دبره أي هرب من وجهه.
تفسير المعاني :
لن يضروكم إلا ضررا يسيرا، وإن يقاتلوكم ينهزموا أمامكم ثم لا ينصرهم أحد عليكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ أينما ثقفوا ﴾ أي أينما وجدوا وصودفوا. ﴿ إلا بحبل من الله وحبل من الناس ﴾ استعير الحبل للذمة والعهد، أي أنهم قد ضربت عليهم الذلة إلا إذا كانوا معتصمين بذمة من الله أو بذمة من الناس أي المسلمين. ﴿ وباءوا ﴾ أي رجعوا، مثل فاءوا.
تفسير المعاني :
ضربت عليهم الذلة والمسكنة أينما وجدوا إلا إذا كانوا معتصمين بذمة من الله أو ذمة المسلمين ؛ ذلك لأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق. ذلك الكفر والقتل كان بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ قائمة ﴾ أي مستقيمة عادلة. ﴿ آناء الليل ﴾ أي ساعات الليل مفردها إني.
تفسير المعاني :
ليس أهل الكتاب كلهم سواء في المساوئ، فإن منهم أمة قويمة السيرة عادلة آمنوا بمحمد يتلون القرآن ساعات من الليل وهم ساجدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ويسارعون في الخيرات ﴾ أي يبادرون إلى كل خير.
تفسير المعاني :
يؤمنون بالله على الوجه الصحيح ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويبادرون إلى كل خير. أولئك من الصالحين.
تفسير الألفاظ :
﴿ فلن يكفروه ﴾ أي فلن يجحدوه، بل ينالوا ثوابه جزاء وفاقا.
تفسير المعاني :
لا يجحد لهم فضل ولا يغمط لهم حق. والله عليم بالمتقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ﴾ أي لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم في النجاة من عذاب الله.
تفسير المعاني :
إن الذين كفروا لن تدفع عنهم أموالهم التي تهالكوا على اقتنائها ولا أولادهم الذين تفانوا في حبهم من عذاب الله شيئا، وهم من أصحاب النار خالدين فيها.
تفسير الألفاظ :
﴿ مثل ما ينفقون ﴾ مثل بمعنى مثل كشبه وشبه. ﴿ صر ﴾ أي برد شديد، والشائع إطلاقه على الريح الباردة. ﴿ حرث قوم ﴾ أي زرع قوم، فعله حرث يحرث حرثا، أي شق الأرض للبذر أو زرعها.
تفسير المعاني :
مثل ما ينفق هؤلاء الكافرون رياء وسمعة كمثل ريح فيها برد أصابت زرع فوم ظلموا أنفسهم بالانهماك في المعاصي فأهلكته. وما ظلمهم الله ولكنهم هم الذين كانوا يظلمون أنفسهم بارتكاب تلك المعاصي. دلت هذه الآية على أن العبرة بالنية لا بالعمل، فإن من بذل ماله ما يريد به جزاء ولا شكورا، بل لأن البذل واجب إنساني لا بد من أدائه، لا يكون كمن يبذل ماله ليقال إنه كريم أو ليتخذه وسيلة لنيل الجاه والسلطان ليذل عباد الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ بطانة ﴾ البطانة ويسمى الوليجة، هو الذي يعرفه الإنسان بأسراره ثقة به، شبه يفي التصاقه بصاحبه ببطانة الثوب. ﴿ من دونكم ﴾ أي من دون المسلمين. ﴿ لا يألونكم خبالا ﴾ أي لا يقصرون لكم في الفساد. والألو التقصير، يقال : ألا في الأمر يألو ألوا وألوا قصر فيه. ﴿ ودوا ما عنتم ﴾ أي تمنوا عنتكم. والعنت هو شدة الضرر والمشقة. يقال عنت يعنت وقع في أمر شاق. ﴿ البغضاء ﴾ البغض.
تفسير المعاني :
يحذر الله المؤمنين أن يتخذوا أولياء من غيرهم يطلعونهم على أسرارهم فإنهم لا يقصرون في خذلهم متى سنحت لهم الفرصة.
تفسير الألفاظ :
﴿ الأنامل ﴾ جمع أنملة أطراف الأصابع. ﴿ بذات الصدور ﴾ أي بما في الصدور من الميول والانفعالات.
تفسير المعاني :
ثم قال : ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بكتابهم وكتابكم معا، وهم لا يؤمنون بكتابكم، وإذا لقوكم خدعوكم بإظهار الإيمان، وإذا خلوا، أي مضوا، عضوا عليكم الأصابع غيظا وحقدا.
تفسير الألفاظ :
﴿ كيدهم ﴾ الكيد ضرب من الاحتيال وقد يكون مذموما وممدوحا وأكثر استعماله في المذموم. يقال كاد له يكيد أي احتال عليه ليوقعه في الشر.
تفسير المعاني :
يستاءون للخير يصيبكم ويفرحون بالشر ينزل بكم، ومثل هؤلاء لا يؤتمنون على سر ولا يتخذون أصدقاء.
تفسير الألفاظ :
﴿ غدوت ﴾ أي خرجت غدوة، والغدوة والغداة، الساعات الأولى من الصبح. ﴿ من أهلك ﴾ أي من بيتك. ﴿ تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ﴾ أي تنزلهم في مواقف للقتال. يقال بوأه المكان أي أنزله فيه. المراد يوم أحد.
تفسير المعاني :
واذكر يا محمد إذ خرجت مبكرا من بيتك تنزل المؤمنين مواقف للقتال يوم أحد، والله يسمع أقوالكم، ويعلم أفعالكم.
تفسير المعاني :
واذكر إذ كادت طائفتان من جيشك أن تجبنا وتضعفا فتولاهما الله وثبتهما.
تفسير الألفاظ :
﴿ إذ همت ﴾ أي إذ اعتزمت. ﴿ أن تفشلا ﴾ أي أن تجبنا وتضعفا من الفشل وهو ضعف مع جبن، يقال فشل يفشل. ﴿ والله وليهما ﴾ أي ناصرهما وعاصمهما. ﴿ أذلة ﴾ جمع ذليل وهو المقهور.
تفسير المعاني :
ولقد نصركم ببدر وأنتم ضعاف قليلون إذ تقول لجنودك : أما يكفيكم أن يمدكم الله بالملائكة ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ أن يمدكم ﴾ أي يرسل لكم مددا. ﴿ منزلين ﴾ أي مهبطين من السماء.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
ولقد نصركم ببدر وأنتم ضعاف قليلون إذ تقول لجنودك : أما يكفيكم أن يمدكم الله بالملائكة ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ بلى ﴾ حرف جواب تستعمل جوابا لاستفهام مقترن بنفي نحو ألست بربكم ؟ قالوا : بلى. وتستعمل أيضا ردا لنفي، نحو وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة. بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. ﴿ من فورهم هذا ﴾ أي من ساعتهم هذه، وأصل الفور شدة الغليان، فإن قلت فعلت كذا من فوري كان معناه في غليان الحال وقبل سكون الأمر. ﴿ مسومين ﴾ أي معلمين. من التسويم الذي هو إظهار سيما الشيء. أو مرسلين، من التسويم بمعنى الإسامة وهو الإرسال.
تفسير المعاني :
نعم إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم " أي المشركون " من ساعتهم هذه يزدكم الله مددا من الملائكة.
تفسير المعاني :
وما جعل هذا الإمداد إلا بشر لكم ولتطمئن قلوبكم به، وما النصر إلا من عند الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ ليقطع طرفا ﴾ أي لينقص من أطرافهم. ﴿ أو يكبتهم ﴾ الكبت شدة الغيظ.
تفسير المعاني :
هذا لينقص من أطراف الكافرين بقتلهم وأسرهم أو يخزيهم ويغيظهم فينقلبوا خائبين.
تفسير المعاني :
ليس لك يا محمد من أمر تدبير العباد شيء، فإما يتوب الله على المشركين، وإما يعذبهم فإنهم ظالمون يستحقون العذاب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٨:تفسير المعاني :
ليس لك يا محمد من أمر تدبير العباد شيء، فإما يتوب الله على المشركين، وإما يعذبهم فإنهم ظالمون يستحقون العذاب.

تفسير الألفاظ :
﴿ الربا ﴾ هو ربح المال، يقال ربا المال يربو رباء أي زاد. وأربى الشيء على الشيء أي زاد عليه. ﴿ أضعافا مضاعفة ﴾ أي زيادات مكررة. وأضعافا جمع ضعف، وضعف الشيء أي مثلاه. ﴿ تفلحون ﴾ أي تفوزون.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا لا تأخذوا ربا أموالكم أمثالها زيادات مكررة.
تفسير الألفاظ :
﴿ واتقوا النار ﴾ أي احذروها وخافوها. ﴿ أعدت ﴾ هيئت.
تفسير المعاني :
وخافوا الله واحذروا النار التي هيئت للكافرين.
تفسير المعاني :
وأطيعوا الله ورسوله وبادروا إلى ما يوجب لكم مغفرة من ربكم ويؤهلكم لجنة عرضها كعرض السماوات والأرض فما ظنك بطولها !
هيئت للمتقين الذين يبذلون أموالهم في حالة الرخاء والشدة ويمسكون غيظهم ويعفون عن الناس.
تفسير الألفاظ :
﴿ وسارعوا إلى مغفرة ﴾ أي إلى ما تستحقون به مغفرة.
تفسير المعاني :
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٢:تفسير المعاني :
وأطيعوا الله ورسوله وبادروا إلى ما يوجب لكم مغفرة من ربكم ويؤهلكم لجنة عرضها كعرض السماوات والأرض فما ظنك بطولها !
هيئت للمتقين الذين يبذلون أموالهم في حالة الرخاء والشدة ويمسكون غيظهم ويعفون عن الناس.

تفسير الألفاظ :
﴿ السراء ﴾ الرخاء. ﴿ والضراء ﴾ الشدة والضيق. ﴿ والكاظمين الغيظ ﴾ : أي الممسكين عليه لا يمضونه مع القدرة، من كظم القربة يكظمها كظما أي ملأها وشد رأسها.
تفسير المعاني :
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٢:تفسير المعاني :
وأطيعوا الله ورسوله وبادروا إلى ما يوجب لكم مغفرة من ربكم ويؤهلكم لجنة عرضها كعرض السماوات والأرض فما ظنك بطولها !
هيئت للمتقين الذين يبذلون أموالهم في حالة الرخاء والشدة ويمسكون غيظهم ويعفون عن الناس.

تفسير الألفاظ :
﴿ فاحشة ﴾ أي فعلة بالغة في القبح. فعلها فحش يفحش فحشا، أي يقبح أشد القبح. ﴿ ولم يصروا ﴾ أي ولم يقيموا على ما هم فيه.
تفسير المعاني :
وإذا فعلوا أمرا منكرا أو ظلموا أنفسهم بإتيان أي ذنب كان، تذكروا الله فاستغفروه ولم يصروا على ما فعلوا وهم عالمون به.
تفسير المعاني :
أولئك يجزيهم الله بمغفرة ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين. في هذه الآيات أمهات مكارم الأخلاق من البذل وكظم الغيظ والعفو، وكل منها مصدر لفضائل لا تدخل تحت حصر.
تفسير الألفاظ :
﴿ خلت ﴾ أي مضت. والقرون الخالية أي الماضية. ﴿ سنن ﴾ جمع سنة وهي الطريقة. أيضا الشئون التي سنها الله للأمم وهي لا تتبدل بتبدلها. ومن معاني السنن الأمم أيضا.
تفسير المعاني :
قد مضت من قبلكم أمم فسيحوا في الأرض وانظروا كيف كان حال المكذبين.
تفسير المعاني :
هذا القرآن فيه بيان الحقائق وهدى وموعظة للمتقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا تهنوا ﴾ أي ولا تضعفوا. يقال وهن يهن وهنا، ضعف في العمل وفي الأمر وفي البدن. ﴿ الأعلون ﴾ جمع أعلى.
تفسير المعاني :
ثم أخذ يسليهم عما أصابهم من الهزيمة في وقعة أحد، فقال : لا تضعفوا ولا تحزنوا وأنتم المتفوقون عليهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ قرح ﴾ : القرح بالفتح الجرح، وبالضم ألم الجرح وقيل هما لغتان. ﴿ نداولها ﴾ : أي نصرفها فنجعل الدولة لهؤلاء تارة ولأولئك تارة أخرى.
تفسير المعاني :
فإن كانوا قد أصابوكم يوم أحد فقد أبليتم فيهم يوم بدر، والأيام دول والحرب سجال، ليمتحنكم الله ويعلم المؤمنين بحق، وليكرم بعضكم بنعمة الشهادة بإماتته في الحرب.
تفسير الألفاظ :
﴿ وليمحص ﴾ : أي وليطهر، أصل المحص تخليص الشيء مما فيه من عيب، يقال محصت الذهب ومحصته أي أزلت عنه ما يشوبه من الخبث. ﴿ ويمحق ﴾ المحق نقص الشيء قليلا قليلا.
تفسير المعاني :
وليطهركم ويمحق الكافرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولما ﴾ حرف نفي مثل لم، إلا أن نفيها يمتد إلى زمان التكلم.
تفسير المعاني :
أتتخيلون أنكم تدخلون الجنة قبل أن يختبركم الله، ويعلم المجاهدين والصابرين ؟
تفسير المعاني :
ولقد كنتم تتمنون الموت لتحظوا بالشهادة من قبل أن تذوقوا شدته فها قد رأيتموه بأعينكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ أعقابكم ﴾ جمع عقب وهو مؤخر الرجل. يقال انقلب على عقبيه أي رجع إلى ما كان عليه.
تفسير المعاني :
وما محمد إلا رسول قد مضت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل ارتكستم إلى ما كنتم عليه من الجاهلية ؟ ومن ينقلب فلن يضر الله شيئا، ويجزي الله من يشكره على نعمة الإسلام.
تفسير الألفاظ :
﴿ مؤجلا ﴾ أي له أجل أي وقت محدود لا يتقدم ولا يتأخر.
تفسير المعاني :
وما كان لنفس أن تفارق البدن إلا بإذن ربها كتب عليها الموت كتابا له وقت معلوم. ومن يطلب ثواب أعماله في الدنيا نؤته من ثوابها ومن يرد ثواب أعماله في الآخرة ندخرها له، وسنجزي الشاكرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ وكأين ﴾ أصله أي دخلت الكاف عليها وصارت بمعنى كم والنون تنوين أثبت في الخط على غير قياس. ﴿ ربيون ﴾ جمع ربي منسوب إلى الربة وهي الجماعة، فيكون معنى ربيون أي جماعات. وقيل ربيون بمعنى ربانيون أي علماء أتقياء عابدون لربهم. ﴿ وهنوا ﴾ أي ضعفوا وجبنوا. ﴿ وما استكانوا ﴾ أي وما خضعوا للعدو. أصله استكن من السكون ؛ لأن الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريد، والألف من إشباع الفتحة.
تفسير المعاني :
وكم مضى من نبي قاتل معهم ربانيون علماء أتقياء كثيرون فما ضعفوا ولا خضعوا لعدوهم والله يحب الصابرين.
تفسير المعاني :
وما كان قولهم مع ثباتهم وقوتهم في الدين إلا أن قالوا : ربنا اغفر لنا ذنوبنا وتجاوزنا الحد في أمرنا وثبت أقدامنا في ميادين الحروب وانصرنا على الكافرين.
تفسير المعاني :
فحباهم الله جزاء استغفارهم وصبرهم ثواب الدنيا من الغنيمة والعز وجميل الذكر، وحسن ثواب الآخرة من الجنة والنعيم، وخص ثواب الآخرة بالحسن إشعارا بفضله وأنه الذي يجب أن يعتد به دون غيره.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الكافرين فيما يلقونه إليكم من التضليلات يردوكم إلى ما كنتم عليه من أحوال الجاهلية فتنقلبوا خاسرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ مولاكم ﴾ أي ناصركم.
تفسير الألفاظ :
﴿ بما أشركوا بالله ﴾ أي بسبب إشراكهم بالله. ﴿ سلطانا ﴾ أي حجة، وأصل السلطة القوة ومنه السلاطة لحدة اللسان. ﴿ ومأواهم ﴾ أي مسكنهم، من أوى إلى بيته يأوي أويا أي سكن فيه. ﴿ مثوى ﴾ أي مسكن من ثوى بالمكان يثوى ثواء أي أقام فيه.
تفسير المعاني :
سنقذف في قلوب الكافرين الرعب بسبب شركهم به ما لا تقوم عليه حجة، ومنزلهم النار وبئس منزل الظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ تحسونهم ﴾ أي تقتلونهم من حسه يحسه حسا أي قتله وأبطل حسه. ﴿ فشلتم ﴾ أي جبنتم وضعف رأيكم. ﴿ ليبتليكم ﴾ أي ليمتحنكم، والمراد ليمتحن ثباتكم على الشدة.
تفسير المعاني :
ثم أخذ الله يحكي ما جرى في وقعة أحد إذ عبأ النبي جيشه فأمر نفرا أن يحتلوا جبلا ليدفعوا الخيالة عن المسلمين، وقال لهم : لا تبرحوا مكانكم بحال من الأحوال. فلما التقى الجمعان لم تقو الخيالة على الثبات بسبب السهام التي أخذتهم في وجوههم من الرماة، فانهزم المشركون. فلما رأوا ذلك نزلوا لجمع الأسلاب وثبت رئيسهم ومعه عشرة، فكر عليهم قائد خيالة المشركين فأبادهم، وكر خلفه الجيش فكسروا المسلمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ إذ تصعدون ﴾ الإصعاد الذهاب والإبعاد في الأرض. ﴿ ولا تلوون على أحد ﴾ أي ولا يقف أحدكم لصاحبه وينتظره. ﴿ في أخراكم ﴾ أي في ساقتكم، والمراد ساقة الجيش. ﴿ فأثابكم ﴾ أي فجازاكم فإن الثواب هو الجزاء بخير أو شر. ﴿ غما بغم ﴾ أي غما متصلا بغم، أو فجازاكم غما بغم أذقتموه رسول الله بعصيانكم أمره.
تفسير المعاني :
ولو كان أطاع الرماة أمر رسول الله، ولزموا الجبل على مثال رئيسهم لما حصل كل ذلك.
تفسير الألفاظ :
﴿ آمنة ﴾ أي أمنا واطمئنانا. ﴿ نعاسا ﴾ النعاس أول النوم. ﴿ يغشى ﴾ أي يأتي، يقال عشيه يغشاه أي أتاه إتيان ما ستره. ﴿ أهمتهم أنفسهم ﴾ أي أوقعتهم في الهموم. وقيل معناه لا يهمهم إلا أنفسهم لتخليصها. ﴿ وليبتلى ﴾ وليختبر. ﴿ وليمحص ﴾ التمحيص تخليص الشيء مما فيه من عيب. يقال محصت الذهب ومحصته أي طهرته من خبثه. ﴿ بذات الصدور ﴾ خفياتها.
تفسير المعاني :
لما حكى الله وقعة أحد ذكر أنه جزاهم غما بغم ليتمرنوا على الصبر في الشدائد فلا يحزنوا فيما بعد على نفع فائت ولا ضر لاحق. قال : ثم أنزل عليكم من بعد الغم نعاسا يغشى جماعة منكم وجماعة لا هم لهم إلا أنفسهم يظنون بالله غير الحق، يقولون : لو كان لنا من الأمر شيء لسمعنا قول من قال بالمكث بمكة والدفاع عنها لا الخروج للعدو كما فعلنا ولما كنا قتلنا هنا. قل : لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم أن يقتلوا إلى مصارعهم ؛ وذلك ليمتحن الله ما في صدوركم ولينقى ما في قلوبكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولوا ﴾ أي أدبروا وانهزموا. ﴿ استزلهم ﴾ طلب منهم الزلل أي السقوط.
تفسير المعاني :
أما الذين انهزموا منكم يوم الحرب فإنما طلب الشيطان إيقاعهم في الخطيئة بسبب بعض ذنوبهم ولقد عفا الله عنهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ضربوا في الأرض ﴾ أي سافروا فيها وأبعدوا. ﴿ غزى ﴾ جمع غاز.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون لا تكونوا كالكافرين الذين يقولون لإخوانهم إذا أبعدوا في السفر أو كانوا محاربين : لو كانوا عندنا لما ماتوا وما قتلوا ؛ ليجعل الله تلك العقيدة في قلوبهم حسرة. والواقع أن المحيى والمميت هو الله ولكل أجل كتاب، فلا ينجي الإنسان من الموت حذر، ولا يعجله له التعرض للخطر.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولئن ﴾ اللام للقسم وإن حرف شرط جازم.
تفسير المعاني :
ولئن قتلتم في حب الله وأنتم مجاهدون أو متم في سبيله فما تنالونه من المغفرة والرحمة خير مما يجمعون من حطام الدنيا.
تفسير الألفاظ :
﴿ تحشرون ﴾ الحشر إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها. وفي الحديث : النساء لا يحشرن أي لا يخرجن إلى الغزو.
تفسير المعاني :
ولئن متم أو قتلتم على أي وجه كان لإلى الله تحشرون فيجزيكم بما كنتم تعملون.
تفسير الألفاظ :
﴿ فبما رحمة من الله ﴾ ما زائدة والتقدير فبرحمة من الله. ﴿ فظا ﴾ أي سيئ الخلق جافيا. ﴿ لانفضوا ﴾ لتفرقوا.
تفسير المعاني :
ولقد تحليت باللين لهم برحمة من الله، ولو كنت سيئ الخلق جافيا لتفرقوا من حولك، فاعف عن مسيئهم واستغفر لمذنبهم، فإذا وطنت نفسك على شيء بعد الشورى فتوكل على الله في إمضائه إنه يحب المتوكلين عليه.
تفسير المعاني :
إن يقدر الله لكم النصر فلا يستطيع أحد أن يغلبكم وإن يقدر عليكم الخذلان فمن هذا الذي يمكنه أن ينصركم من دونه ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ أن يغل ﴾ أي أن يخون في الغنائم. يقال غل فلان في الغنيمة يغل غلولا وأغل إغلالا أي أخذ شيئا منها في خفية.
تفسير المعاني :
وما كان لنبي أن يخون في الغنائم. ومن يخن يأت بما أخذه يوم القيامة ثم نقضي على كل نفس جزاءها وهم لا يظلمون. نزلت هذه الآية لما فقدت قطيفة حمراء يوم بدر، فقال بعض المنافقين : لعل الرسول أخذها.
تفسير الألفاظ :
﴿ رضوان ﴾ أي رضاء. ﴿ باء ﴾ رجع، يقال باء يبوء بوءا أي رجع مثل فاء يفيء فيئا. ﴿ بسخط ﴾ السخط والسخط : الغضب الشديد. يقال سخط عليه يسخط سخطا. ﴿ ومأواه ﴾ منزله. يقال أوى إلى بيته يأوي أي أقام فيه.
تفسير المعاني :
أفمن اتبع رضاء الله بالطاعة كمن رجع بسخطه بالمعاصي ومأواه النار وبئس القرار ؟
تفسير المعاني :
المؤمنون درجات عند الله، شبههم بالدرجات لمام بينهم من التفاوت، وقيل هم درجات بمعنى هم ذوو درجات.
تفسير الألفاظ :
﴿ من أنفسهم ﴾ من جنسهم. ﴿ ويزكيهم ﴾ أي ويطهرهم. ﴿ الكتاب ﴾ القرآن. ﴿ والحكمة ﴾ تحقيق العلم وإتقان العمل. ﴿ مبين ﴾ أي ظاهر.
تفسير المعاني :
لقد أنعم الله على المؤمنين إذ أرسل إليهم رسولا عربيا من جنسهم يعلمهم القرآن والحكمة، وقد كانوا من قبله في ضلال ظاهر.
تفسير الألفاظ :
﴿ مثليها ﴾ أي مثلها مرتين. ﴿ أنى هذا ﴾ أي من أين هذا ؟
تفسير المعاني :
ثم عاد إلى تسليتهم عما أصابهم من الهزيمة يوم أحد فقال : أو لما نزلت بكم نازلة يوم أحد فقتل منكم سبعون قد أنزلتم بهم ضعفها يوم بدر إذ قتلتم منهم سبعين، وأسرتم سبعين، قلتم من أين نزل بنا هذا ؟ قل : هو من أنفسكم ؛ إذ تركتم موقفكم الذي وقفكم فيه رسول الله لترموا خيالة المشركين بالنبل فعصيتم أمره طمعا في الغنيمة.
تفسير الألفاظ :
﴿ الجمعان ﴾ الجيشان، المراد يوم أحد.
تفسير المعاني :
ومع هذا فما حدث لكم يوم التقى الجمعان : جمع المسلمين وجمع الكافرين، فهو بقضاء الله وقدره ليتميز المؤمنون عن المنافقين الذين إذا قيل لهم : تعالوا قاتلوا في سبيل الله. قالوا : لو نرى ما يصح أن يسمى قتالا لاتبعناكم، ولكن ما أنتم عليه ليس بقتال بل إلقاء بالنفس إلى التهلكة. هم للكفر يوم قالوا ذلك أقرب منهم للإيمان. يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون.
تفسير المعاني :
ومع هذا فما حدث لكم يوم التقى الجمعان : جمع المسلمين وجمع الكافرين، فهو بقضاء الله وقدره ليتميز المؤمنون عن المنافقين الذين إذا قيل لهم : تعالوا قاتلوا في سبيل الله. قالوا : لو نرى ما يصح أن يسمى قتالا لاتبعناكم، ولكن ما أنتم عليه ليس بقتال بل إلقاء بالنفس إلى التهلكة. هم للكفر يوم قالوا ذلك أقرب منهم للإيمان. يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ فادرءوا ﴾ فادفعوا. يقال درأ عنه الخطر يدرؤه درءا أي دفعه، والدرء الميل إلى أحد الجانبين. يقال قومت درأه.
تفسير المعاني :
أولئك الذين قالوا لإخوانهم الذين قتلوا يوم أحد وهم قاعدون : لو أطاعونا في القعود ما قتلوا، قل : فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ في سبيل الله ﴾ أي في جهاد العدو.
تفسير المعاني :
ولا تظنن الذين قتلوا وهم يجاهدون العدو أمواتا قد تلاشوا بتلاشي أجسادهم، بل هم أحياء قريبون من ربهم في جنته يرزقون.
تفسير المعاني :
فرحين بما منحهم الله من فضله وإحسانه ويستبشرون بإخوانهم الأحياء الذين لم يموتوا بعد. أي أنهم يستبشرون بما تبين لهم من أمر الآخرة وحالة من تركوهم خلفهم في الحياة الدنيا من المؤمنين، أنهم إذا ماتوا أو قتلوا كانوا أحياء حياة لا يكدرها خوف وقوع بلية، ولا حزن فوات محبوب.
تفسير المعاني :
يستبشرون بنعمة من الله وفضل والله لا يضيع أجر المؤمنين الذين بعد حدوث هزيمة أحد لبوا دعوة الرسول لهم إلى الحرب من بعدما نزلت بهم تلك الكارثة، فللذين أحسنوا منهم وخافوا الله، أجر عظيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ القرح ﴾ بالفتح الجرح وبالضم ألم الجرح. وقيل بل هما لغتان بمعنى واحد. يقال قرح الجلد يقرح قرحا، خرجت به الجروح. والمراد بالقرح في هذه الآية ما أصاب المؤمنين من مشتقات وقعة أحد، وما تكبدوه من الخسائر الجسمية والأدبية.
تفسير المعاني :
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧١:تفسير المعاني :
يستبشرون بنعمة من الله وفضل والله لا يضيع أجر المؤمنين الذين بعد حدوث هزيمة أحد لبوا دعوة الرسول لهم إلى الحرب من بعدما نزلت بهم تلك الكارثة، فللذين أحسنوا منهم وخافوا الله، أجر عظيم.

تفسير الألفاظ :
﴿ حسبنا الله ﴾ أي كفانا الله.
تفسير المعاني :
أولئك أرجف لهم المرجفون من أنصار المشركين فقالوا لهم : إنهم جمعوا لكم جموعا لا تحصى فخافوا على أنفسكم، فما زادهم هذا التخويف إلا إيمانا وقالوا : كفانا الله ونعم الوكيل.
تفسير الألفاظ :
﴿ فانقلبوا ﴾ أي فرجعوا.
تفسير المعاني :
فرجعوا بنعمة من الله وفضل لم يمسهم سوء من جراح وكيد عدو، واتبعوا رضاء الله الذي هو مناط الفوز في الدارين، والله ذو فضل عظيم على المومنين، فقد من عليهم بالتثبيت وزيادة الإيمان والتوفيق إلى الجهاد مع ضمان الأجر.
تفسير الألفاظ :
﴿ أولياءه ﴾ أي الذين اتخذوه وليا لهم من دون الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا يحزنك ﴾ ولا يكدرك. حزنه يحزنه وأحزنه بمعنى واحد.
تفسير المعاني :
ولا يحزنك الذين يسارعون إلى الكفر بالارتداد عن الإسلام، فإنهم لن يضروا الله بكفرهم شيئا بل يريد الله أن لا يجعل لهم نصيبا من ثواب الآخرة ولهم عذاب عظيم.
تفسير المعاني :
﴿ إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ﴾ تكرير للتأكيد أو تعميم للكفرة بعد تخصيص من نافق من المتخلفين أو ارتد من العرب.
تفسير الألفاظ :
﴿ نملي لهم ﴾ أي نمهلهم. الإملاء الإمهال وإطالة العمر، وقيل تخلية الإنسان وشأنه من أملى لفرسه إذا أرخى له الطول أي الحبل ليرعى كيف شاء. ﴿ إثما ﴾ أي ذنيا.
تفسير المعاني :
ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما. المعنى الظاهر : أن الله أراد لهم أن يزدادوا إثما فأمهلهم ليتمادوا ويتسكعوا في ضلالهم، ولكن ذهب المعتزلة إلى أن قوله تعالى :﴿ إنما نملي لهم خير لأنفسهم ﴾ جملة معترضة والتقدير ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم ليزدادوا إثما، بل ليتوبوا ويدخلوا في الإيمان، فقرءوا الجملة المعترضة بكسر ألف إنما وقرءوا قوله تعالى إنما نملي لهم ليزدادوا إثما بفتح ألف أنما.
تفسير الألفاظ :
﴿ ليذر ﴾ أي ليترك وهذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر. ﴿ يميز ﴾ أي يميز. ﴿ يجتبي ﴾ أي يختار.
تفسير المعاني :
ثم ذكر الله أنه يبتلى المؤمنين بالشدائد ليميز الخبيث من الطيب.
تفسير الألفاظ :
﴿ سيطوقون ﴾ أي سيلزمون به لزوم الطوق في الأعناق.
تفسير المعاني :
ثم ذكر البخلاء فقال : لا يظنوا أن بخلهم خير لهم بل هو شر سيلزمون بأدائه يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض، فما لهؤلاء يبخلون عليه بماله ولا ينفقونه في سبيله !
تفسير الألفاظ :
﴿ الحريق ﴾ النار.
تفسير المعاني :
﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ﴾ نزلت لما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يهود بني قينقاع يدعوهم للإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن يقرضوا الله قرضا حسنا. فقال بعضهم : إن الله فقير حتى سأل القرض. فنزلت هذه الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ عهد إلينا ﴾ أي أوصانا، مضارعه يعهد. ﴿ بقربان ﴾ القربان هو ما يذبح من الأنعام تقربا إلى الله تعالى. يقال قرب قربانا أي ذبح ذبيحة لله ﴿ بالبينات ﴾ أي بالآيات الواضحات.
تفسير المعاني :
وقال بعض اليهود : إن الله أوصاهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يقرب لله قربانا فتنزل نار فتلتقمه، وطلبوا إلى رسول الله أن يفعل ذلك. قل : قد جاءكم رسل من قبلي بالآيات الواضحات وبالذي طلبتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ والزبر ﴾ جمع زبور. وهو الكتاب المقصور على الحكم من زبرت الشيء إذا حبسته، وقيل الزبور المواعظ والزواجر من زبرته إذا زجرته، ولكن الأقرب للصواب أنه من زبرت الكتاب أزبره أي كتبته كتابة عظيمة، وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور.
تفسير المعاني :
فإن كذبوك فقد كذبت رسل من قبلك جاءوا بالآيات الواضحات وبالزبر والكتاب المنير.
تفسير الألفاظ :
﴿ زحزح عن النار ﴾ أبعد عنها. والزحزحة في الأصل تكرير الزح وهو الجذب بعجلة. ﴿ متاع الغرور ﴾ المتاع هو كل ما يتمتع به على وجه ما. والغرور مصدر غره أي خدعه.
تفسير المعاني :
كل نفس ميتة لا محالة وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن أبعد عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.
تفسير الألفاظ :
﴿ لتبلون ﴾ أي لتمتحنن من بلاه يبلوه بلوا أي امتحنه. وبلاه أيضا أصابه ببلية. ﴿ من عزم الأمور ﴾ أصل العزم ثبات الرأي على الشيء نحو إمضائه. ومعنى قوله من عزم الأمور مما عزم الله عليه أي أمر به وبالغ فيه.
تفسير المعاني :
لتختبرن والله في أموالكم بتكليف الإنفاق، وفي أنفسكم بالجهاد والقتل، ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن المشركين همزا وطعنا كثيرا وإن تصبروا وتتقوا الله فإن ذلك من الأمور التي يجب العزم عليها.
تفسير الألفاظ :
﴿ ميثاق ﴾ الميثاق والموثق العهد. ﴿ فنبذوه ﴾ فرموه. ﴿ واشتروا به ثمنا قليلا ﴾ أي وأخذوا بدله ثمنا قليلا.
تفسير المعاني :
واذكر إذ أخذ الله عهدا على الذين أعطوا قبلكم الكتاب أي العلماء لتبلغنه للناس ولا تكتمونه فرموا بهذا العهد وراء ظهورهم وأخذوا بدله ثمنا قليلا، فبئس ما يختارون لأنفسهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ يفرحون بما أتوا ﴾ أي بما فعلوا. ﴿ بمفازة من العذاب ﴾ أي بمنجاة من العذاب.
تفسير المعاني :
لا تظنن أن الذين يفرحون بما فعلوا من التدليس وكتم الحق ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الوفاء بالميثاق وإظهار الحق، بمنجاة من العذاب بل لهم عذاب أليم.
تفسير المعاني :
ولله كل ما في الكون من المخلوقات وهو على كل شيء قدير.
تفسير المعاني :
إن في خلق السماوات والأرض على ما بهما من إحكام وإبداع، واختلاف الليل والنهار لآيات لأهل العقول.
تفسير الألفاظ :
﴿ وعلى جنوبهم ﴾ أي مضطجعين. ﴿ باطلا ﴾ أي عبثا دون حكمة. ﴿ سبحانك ﴾ أي تنزيها لك. وسبح الله نزهه وقدسه.
تفسير المعاني :
الذين يذكرون الله على جميع الحالات : قياما وقعودا ومضطجعين ويتفكرون في خلق الوجود قائلين ربنا إنك ما أبدعت هذا كله عبثا من غير حكمة، سبحانك فاحفظنا من عذاب النار.
تفسير المعاني :
يا ربنا إنك من تدخل النار فقد قضيت عليه بالخزي وما للذين ظلموا أنفسهم بالنكوب عن الصراط السوي من أنصار.
تفسير الألفاظ :
﴿ وكفر عنا سيئاتنا ﴾ أي استرها وامحها. ويصح أن يكون معنى التكفير إزالة الكفر كالتمريض إزالة المرض. والسيئات جمع سيئة أي فعلة سيئة. ﴿ الأبرار ﴾ جمع بر أو بار وهو المتوسع في فعل الخير.
تفسير المعاني :
يا ربنا إننا سمعنا مناديا هو رسولك محمد ينادي للإيمان قائلا : أيها الناس آمنوا بربكم فأطعناه وآمنا، فياربنا اغفر لنا ذنوبنا وامح عنا ما ارتكبناه من سيئاتنا واقبضنا إليك مع الأخيار.
تفسير الألفاظ :
﴿ على رسلك ﴾ أي على ألسنة رسلك.
تفسير المعاني :
يا ربنا وامنحنا ما وعدتنا به على لسان رسلك من الثواب ولا تحكم علينا بالخزي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.
تفسير الألفاظ :
﴿ فاستجاب ﴾ ومعناه أجاب ولكنه أخص منه ويعدى بنفسه فيقال استجابه، وباللام فيقال استجاب له.
تفسير المعاني :
فاستجاب لهم ربهم دعاءهم قائلا : إني لا أضيع عمل عامل منكم سواء أكان ذكرا أم أنثى، بعضكم من بعض، أي أن الأنثى من الذكر، والذكر من الأنثى، فالذين هاجروا مع رسولي وخرجوا من ديارهم وحصل لهم أذى في سبيلي وقاتلوا أو قتلوا لأمحون عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار جزاء من عند الله، والله عنده حسن الجزاء.
تفسير الألفاظ :
﴿ لأكفرن عنهم سيئاتهم ﴾ لأمحونها. ﴿ ثوابا ﴾ الثواب ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله، والثواب يستعمل في الخير والشر ولكن أكثر ما يستعمل في الخير.
تفسير المعاني :
كان سبب نزول هذه الآية أن أم سلمة قالت : يا رسول الله إني أسمع الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء، فنزلت حاكمة بتساويهما في استحقاق الكرامة عند الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾ أي تنقلهم فيها للاتجار والاستعمار.
تفسير المعاني :
لا يخدعنك تنقل الذين كفروا في البلاد طلبا للمكاسب وتصيدا للمنافع.
تفسير الألفاظ :
﴿ متاع ﴾ أي تمتع. ﴿ مأواهم ﴾ محل إقامتهم فعله أوى يأوي أويا ومأوى أي انضم إليه ولزمه. ﴿ المهاد ﴾ مفرد وهو ما يهيأ للصبي. والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ، جمعه أمهدة ومهد.
تفسير المعاني :
فذلك لهم تمتع قليل ثم مردهم إلى النار.
تفسير الألفاظ :
﴿ نزلا ﴾ النزل، والنزل ما يقدم للضيف من طعام وشراب وصلة. ﴿ للأبرار ﴾ جمع بر وبار وهن المتوسع في الخير.
تفسير المعاني :
لكن الذين خافوا ربهم، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار مخلدين فيها، صلة من الله وما عند الله للأخيار خير من تقلب الذين كفروا في البلاد.
تفسير الألفاظ
﴿ لا يشترون ﴾ أي لا يبيعون واشترى وباع يستعمل كل منهما أحيانا مكان الآخر.
تفسير المعاني :
وإن من أهل الكتاب من يؤمن بالله وبما أوحى إليكم وما أوحى إليهم لا يبيعون آيات ربهم بثمن قليل أولئك لهم أجرهم عند ربهم والله سريع الحساب.
تفسير الألفاظ :
﴿ وصابروا ﴾ يقال صابر عدوه أي غالبه بالصبر على الشدائد. ﴿ ورابطوا ﴾ أي ترصدوا للغزو في الثغور، والرباط هو المكان الذي يخص بإقامة حرس فيه. والمرابطة المحافظة.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا اصبروا على مشاق الطاعات وما يصيبكم من الشدائد، وغالبوا أعداء الله بالصبر على المكاره، ورابطوا بالثغور لحماية بلادكم وغزو أعدائكم، واتقوا الله لعلكم تفلحون.
Icon