ﰡ
وَقَالَ بَعْضُ المُفَسِّرينَ مُسْتَنِدينَ إِلى إِحاديثَ صَحِيحةٍ: إِنَّ حَادِثَ انِشِقَاقِ القَمَرِ قَدْ وَقَعَ فِعلاً قبلَ هِجرَةِ الرَّسولِ ﷺ بحوالي خَمْسِ سنينَ، فَقدْ رَوَى أَنَسٌ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا الرَّسُولَ ﷺ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فأَراهُمُ القَمَرَ شِقَّينِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ (جَبَلَ مَكَّةَ) بَيْنَهما. وفي رِوايةٍ لابنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: انشَقَّ القَمرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِرْقَتينِ فرقةً على الجبلِ وفرقةً دُونَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: اشْهَدُوا. وَلكنَّ مُفَسِّرينَ آخرينَ يَرَوْنَ أَنَّ القَمرَ لم يَنْشَقَّ فَعْلاً. وأَنَّ الإِنشقاقَ سَيحدثُ حينَما يَقْتَرِبُ قِيَامُ السَّاعَةِ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ اللهَ تعالى اسْتَعْمَلَ صِيغَة المَاضِي في التَّعبيرِ عَنِ اقْتِرَابِ السَّاعةِ وانِشْقَاقِ القَمَرِ تَأْكِيداً إِلَى أَنَّ الحَدَثَينِ وَشِيكا الوُقُوعِ.
(٢) - وَإِذَا رَأَى هؤُلاءِ المُكَذِّبونُ حُجَّةً وَدَلِيلاً عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِكَ، أَعْرَضُوا عَنْها مُكَذِّبينَ بِها، وَقَالُوا: هذا الذِي رَأَيْنَاهُ هُوَ سِحرٌ سَحَرنَا بِهِ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ يَفْعَلُ ذلِكَ السِّحرَ عَلَى مَرِّ الأَيَّامِ.
مُسْتَمِرٌّ - دَائِمٌ أَوْ مُحْكَمٌ.
مُسْتَقِرٌّ - مُنْتَهٍ إِلى غَايَةٍ يَسْتَقِرُّ عَلَيهَا.
مُزْدَجَر - ازْدِجَارٌ وانْتِهَارٌ وَرَدْعٌ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ.
(٥) - وإِنَّ الذِي جَاءَهُم مِنَ الأَنْبَاءِ عَنْ مَصِيرِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ لَهُوَ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ في الهدَايةِ والإِرْشَادِ إِلى طَريقِ الحقِّ لمَنْ فَكَّرَ وَتَدَبَّرَ، وَلَكِنْ مَا الذِي تُغْنِيهِ النُّذُرُ، وَمَا الذي يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْها كُتِبَتْ عَلَيهِ الشَّقَاوَةُ، وَخَتَمَ اللهُ عَلَى سَمْعِه وَقَلْبِهِ وَبَصَرِهِ؟ وَمَنْ ذا الذِي يَهْدِيه مِنْ بَعْدِ اللهِ؟
النُّذُرُ - الرُّسُلُ، أَوِ الأُمُورُ المُخَوِّفَةُ لَهُمْ.
شَيءٍ نُكُرٍ - مُنْكَرٍ فَظِيعٍ - وَهُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ.
(٧) - وَحِينَ يَدْعُوا الدَّاعي، يَخْرُجُ الكَافِرُونَ في ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ القُبُورِ، وَأَبْصَارُهُم خَاشِعَةٌ ذليلةٌ، وَهُمْ يَسِيرُونَ وَكَأنَّهُم في انتِشَارِهِمْ، وَسُرْعَةِ سَيرِهِمْ، جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ في الآفَاقِ.
الأجْدَاثِ - القُبُورِ.
(٨) - وَيَتْبَعُونَ الدَّاعي، وَهُمْ مُسْرِعُونَ في سَيْرِهِمْ، لا يُخَالِفُونَ وَلاَ يَتَأخَّرونَ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (أَوْ يَقُولُونَ في أنفُسِهِمْ) : إِنَّ هذا اليَوْمَ لَيَوْمٌ عَسِيرٌ، شَدِيدُ الهَوْلِ.
مُهْطِعِينَ - مُسْرِعِينَ في مَشْيِهِمْ، وَهُمْ يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ.
يَوْمٌ عَسِرٌ - صَعْبٌ، شَدِيدٌ، لِعِظَمِ أَهْوَالِهِ.
وَازْدُجِرَ - انْتَهِرَ وَزُجِرَ عَنْ تَبْلِيغِ رِسَالَةِ رَبِّهِ بِالسَّبِّ والإِيذَاءِ.
مَغْلُوبٌ - مَقْهُورٌ.
فَانْتَصِرْ - فَانْتَقِمْ أَنْتَ يَا رَبِّ مِنْهُمْ.
(١١) - فأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَطَراً غَزِيراً يَنْهَمِرُ انْهِمَاراً.
أَبْوابَ السَّماءِ - السَّحَابَ.
مُنْهَمِرٍ - يَنْصَبُّ بِشِدَّةٍ وَغَزَارَةٍ.
فجَّرْنا الأَرْضََ عُيُوناً - شَقَقْنَاها.
أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ - أَمْرٍ قَدَّرْنَاهُ مِنَ الأَزَلِ - أَيْ هَلاَكِهِمْ بِالطُّوفَانِ.
(١٣) - وَأَنْقَذْنَا نُوحاً وَأَهْلَهُ، وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ في سَفِينَةٍ ذَاتِ ألْوَاحٍ ضَخْمَةٍ مِنَ الخَشَبِ مُثْبَتَةٍ بِمَسَامِيرَ.
دُسُرٍ - مَسَامِيرَ ضَخْمَةٍ تَشُدُّ الأَلْواحَ.
تَجِري بِأَعْيُننا - بِحِفْظِنا وَرِعَايِتنا أَوْ بِأَمْرِنا.
(١٥) - وَلَقَدْ تَرَكْنَا حَادِثةَ إِغْراقِ قَوْمِ نُوحٍ، وَإِنْجَاءَ الرَّسُولِ وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ في السَّفِينَةِ عِبرَةً وَعِظَةً للأُمَمِ التَّالِيَةِ لِيَرَوا مَا فَعَلَ اللهُ بِالمُكَذِّبينَ، فَلا يَفْعَلُوا مِثْلَ فِعْلِهِمْ.
(وَقِيلَ أَيْضاً إِنَّ المَعْنى هُوَ: أَنَّ اللهَ تَعَالى تَرَكَ السَّفِينَةَ مُلْقَاةً في الأَرْضِ أَمداً طَوِيلاً لِيَراهَا النَّاسُ وَيَتَّعِظُوا بِها)، وَلكِنْ هَلْ مِنْ مُعْتَبِرٍ بِتِلكَ المُعْجِزَةِ العَظِيمةِ، الحَرِيَّةِ بالتَّفكِير والتَّدَبُّر؟
تركْنَاها آيةً - أَبْقَيْنَاهَا عِظَةً وَعِبْرَةً.
نُذُرِ - إِنْذَارِي.
(١٧) - وَلَقَدْ جَعَلْنا القُرآنَ سَهْلَ المَعْنى، يَسِيرَ اللَّفْظِ، لِيَقْرأَهُ النَّاسُ وَيَتَدَبَّرُوا مَعَانِيَهُ، وَيَتَّعِظُوا بِما جَاءَ فِيهِ، وَلكِنْ هَلْ مَنْ مُتَّعظٍ بِهِ، مُزْدَجرٍ بِهِ عَنْ مَعَاصِيهِ؟
وَكَيفَ انْتَصَرْتُ لِرُسُلِي، وَأَهْلَكْتُ الكَافِرينَ المُعَانِدِينَ؟ لَقَدْ كَانَ أَخْذِي شَدِيداً، وَعَذابِي أَلِيماً.
رِيحاً صَرْصَراً - شَدِيدَةَ البُرُودَةِ وَالهُبُوبِ.
يَوْمِ نَحْسٍ - يَوْمِ شُؤْمٍ.
مُسْتَمِرٍّ - دَائِمٍ نَحْسُهُ، أَوْ مُحْكَمٍ.
تنْزِعُ - تَقْتَلِعُ مِنَ المَغَارِسِ وَتَرْمِي إِلى الأَرْضِ.
أَعْجَازُ نَخْلٍ - أُصُولُهُ.
مُنَقَعِرٍ - مُنْقَلِعٍ مِنْ مَغْرِسِهِ.
(٢٢) - وَلَقَدْ جَعَلْنَا القُرآنَ سَهْلَ المَعْنى، يَسِيرَ اللَفْظ، لِيَقْرأَهُ النَّاسُ وَيَتَدَبَّروا مَعَانَيه، وَيَتَّعِظوا بِمَا جَاءَ فِيه، وَلكِنْ هَلْ مِنْ مُتَّغِظٍ بهِ، مُزْدَجِرٍ بِهِ عَنْ مَعَاصِيهِ؟
(٢٤) - إِنَّنا إِذا اتَّبَعْنا رَجُلاً وَاحِداً مِنّا، وَأَسْلَمْنا إِليهِ قِيَادَنا، وَآمَنَّا بِما يَدْعُونا إِليهِ، فَإِنَّنا إِذاً لَضَالُّونَ عَنِ الصِّراطِ السَّوِيِّ، فَاقِدُوا العُقُولِ.
سُعُرٍ - جُنُونٍ أَوْ شِدَّةِ العَذَابِ أَو شِدَّةِ حَرِّ النَّارِ.
(٢٥) - أَأَنْزِلَ عَلَيهِ وَحْيُ اللهِ مِنْ بَيْنِنا، وَاخْتَارَهُ اللهُ لِيَكُونَ نَبِيَّهُ مِنْ دُونِنا، وَمَا هُوَ إِلاَّ بَشَرٌ مِنَّا وَلَيْسَ مَلَكاً؟ فَكَيفَ يَكُونُ ذلِكَ؟ إِنَّهُ بِلا شَكٍّ كَذَّابٌ مُتَجَاوِزُ الحَدِّ في كَذِبِهِ، يُريدُ بِادِّعَائِهِ النُّبُوَّةَ، وَإِنزَالَ الوَحْي عَلَيهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سُلْطَانٌ وَمُلْكٌ عَلَينا.
الأَشِرُ - البَطِرُ والبَطَرُ هُوَ دَهَشٌ يَعْتَرِي الإِنْسَانَ مِنْ سُوءِ احْتِمَالِ النِّعْمَةِ، وَقِلَّةِ القِيَامِ بِحَقِّهَا.
(٢٧) - إِنَّا سَنُخْرِجُ لَهُمُ النَّاقَةَ مِنَ الصَّخْرَةِ كَمَا طَلَبُوا مِنْ نَبِيِّهِمْ صَالحٍ، لِتَكُونَ آيةً لَهُمْ، وَحُجَّةً عَلَى صِدْقِ نَبِيِّهِمْ، وَلِتُكُونَ فِتْنَةً واخْتِبَاراً لَهُمْ، أَيُؤْمِنُونَ بِاللهِ، وَيَتَّبِعُونَ رَسُولَ اللهِ، وَيُقْلِعُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيه مِنَ الكُفْرِ والطُّغْيَانِ والفَسَادِ في الأَرْضِ؟ أَمْ إِنَّهُم يَتَوَلَّوْنَ وَيُعْرِضُونَ؟ وَاصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ فَيُهْلِكهُمْ جَميعاً، وَيُنْجِيكَ وَمَنْ مَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ.
فِتْنَةً لَهُمْ - امْتِحَاناً وابتِلاءً لَهُمْ.
(وَقِيلَ إِنَّ حَيَوانَاتِ القَريةِ كَانَتْ تَنْفِرُ مِنَ النَّاقَةِ فَلاَ تَرِدُ المَاءَ إِذا كَانَتِ النَّاقَةُ عَليهِ، فَصَعُبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ).
قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ - مَقْسُومٌ بَيْنَهُمْ، هُمْ وَالنَّاقَةُ.
مُحْتَضَرٌ - يَحْضُرُ صَاحِبُهُ لأَخْذِهِ.
الشِّربُ - النَّصِيبُ أَوِ الحِصَّةُ مِنَ المَاءِ.
تَعَاطَى - اجْتَرأ عَلَى مُبَاشَرَةِ الأَمْرِ العَظِيمِ.
عَقَرَ النَّاقَةَ - ضَرَبَ قَوائِمَها وأَلْقَاهَا أَرْضاً ثمَّ ذَبَحَهَا.
(٣١) - لَقَدْ أَرْسَلْنا عَلَيهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَهَلَكُوا جَمِيعاً، وَأَصْبَحُوا مُلقَيْنَ عَلَى وَجْهِ الأَرضِ كَالعُشْبِ البَالي، الذِي يَجْمَعُهُ صَاحِبُ الحَظِيرةَ لماشِيتِهِ.
الهَشِيمُ - العُشْبُ اليَابِسُ المُتَفَتِّتُ.
المُحْتَظِرِ - صَاحِبِ الحَظِيرَةِ.
(٣٢) - وَلَقَدْ جَعَلْنَا القُرآنَ سَهْلَ المَعْنى، يَسِيرَ اللَفْظِ لِيَقْرأَهُ النَّاسُ، وَيَتَدَبِّروا مَعَانيهَ، وَيَتَّعِظُوا بِمَا جَاءَ فِيهِ، وَلكِنْ هَلْ مِنْ مُتَّعِظٍ بِهِ، مُزْدَجرٍ بِهِ عَنْ مَعَاصِيهِ؟
(٣٤) - إِنَّا عَاقَبنَاهُمْ بِإِرْسَالِ رِيحٍ تَحْمِلُ الحَصْبَاءَ، وَتَقْذِفُهُمْ بها حَتَّى أَهْلَكَتْهُمْ جَميعاً، إِلا آلَ لُوطٍ فَقَدْ أَمَرَهُمُ اللهُ تَعَالى بِالخُرُوجِ مِنَ القَريةِ وَقْتَ السَّحَرِ، فَخَرَجُوا آخرَ الليْلِ، فَكَانَ في ذلِكَ نَجَاتُهُمْ مِنَ الهَلاَكِ.
حَاصِباً - رِيحاً تَرْمِيهِمْ بِالحَصْبَاءِ.
بِسَحَرٍ - وَقْتَ السَّحَرِ أيْ آخرَ الليْلِ.
بَطْشَتَنا - أَخذَتَنا الشَّدِيدَةِ بِالعَذَابِ.
تَمَارَوْا - شَكُّوا.
(٣٧) - وَجَاءَ قَومُ لُوطٍ إِلى لُوطٍ حِينَما عَلِمُوا أَنَّ لدَيهِ ضُيوفاً صِباحَ الوُجُوهِ، يَطلبونَ إِليهِ أن يُسَلِّمَهُمْ ضُيُوفَه ليفْعَلُوا الفَاحِشةَ فِيهِمْ (مِن إتيانِ الرِّجال شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ). ولمَّا أَلَحُّوا في طَلَبِهِم مِنْ لُوطٍ طَمَسَ اللهُ أَعْيُنَهُمْ فَلَمْ يَعُودُوا يَرَوْنَ شيئاً، فَانْصَرَفُوا إِلى مَنَازِلهم، وَهُمْ لاَ يَرَونَ طَريقَهم. وَقُلنا لَهُمْ ذُوقوا عَذابي الذِي أَنْذَرْتُكُمْ عََلَى لِسانِ رَسُولي، فَشَكَكْتُم فِيما قَالَه لَكُم وَلم تَتَّعِظُوا.
رَاودُوه عَنْ ضِيفِه - طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُمَكِّنَهمْ مِنْ فِعْلِ الفَاحِشَةِ بِضُيُوفِهِ.
فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ - أَعْمَينا أَعيُنَهُمْ أَوْ أَزَلْنا أَثرَها بِمَسْحِها.
مُسْتَقِرٌّ - دَائِمٌ مُسْتَمِرٌ.
البُكْرَةُ - وَقْتُ البكُورِ مِنَ اليَوْمِ، مِنَ الفَجْرِ حَتَّى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
(٤٠) - وَلَقَدْ جَعَلْنَا القُرآنَ سَهْلَ المَعْنى، يَسِيرَ اللَفْظِ لِيَقْرأَهُ النَّاسُ، وَيَتَدبَّروا مَعَانيَه، وَيتَّعِظُوا بِمَا جَاءَ فِيهِ، وَلكِنْ هَلْ مِنْ مُتَّعِظٍ بهِ، مُزْدَجِرٍ بِهِ عَنْ مََعَاصِيهِ؟
(٤١) - وَلَقَدْ جَاءَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَومِهِ بِآياتٍ بَيِّنَاتٍ، وَمُعْجِزاتٍ بَاهِراتٍ (وَهِيَ تِسْعُ آياتٍ: اليَدُ والعَصَا والطُّوفَانُ وَالجَرَادُ.. الخ) وفِيها إِنْذَارٌ وَتَحْذِيرٌ إِذا اسْتَمَرُّوا مُقِيمِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ وَفَسَادِهِمْ في الأَرْضِ.
(٤٢) - فَكَذَّبُوا بِهَذِهِ الآيَاتِ كُلِّها، فَعَاقَبَهُمُ اللهُ عَلَى كُفْرِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ عِقَابَ العَزيزِ الذِي لا يُغَالَبُ وَلاَ يُقَاوَمُ، المُقْتَدِرِ غَيْرِ الضَّعِيفِ وَغَيرِ العَاجِزِ.
(٤٣) - أَكُفَّارُكُم، أَيَّها المُشْرِكُونَ مِنْ قُريشٍ، خَيْرٌ وأَفْضَلُ مِنْ كُفَّارِ الأُمَمِ السَّالِفَةِ الذِينَ أَبادَهُمُ اللهُ (أُولئِكُمْ)، أَمْ إِنَّكُمْ تَمْلِكُونَ بَرَاءَةً مِنَ اللهِ عَلى أَنَّهُ لَنْ يُوقِعَ بِكُمْ عَذَابَه وَنَكَالَهُ، فَأَنْتُمْ تَعْتَمِدُونَ عَلَى هذِهِ البَرَاءَةِ، وَتَطْمَئِنُّونَ إِليهَا؟
الزُّبُرِ - الصُّحُفِ أَوِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ.
نَحْنُ جَميعٌ - نَحْنُ جَمَاعَةٌ مُجْتَمِعٌ أَمْرُنا.
مُنْتَصِرٌ - مُمْتَنِعٌ لا يُغْلَبُ.
يُوَلُّونَ الدُّبُرَ - يَنْهَزِمُونَ في المَعْرَكَةِ مُوَلِّين أَدْبَارَهُمْ لِعَدُوِّهِمْ.
السَّاعةُ - يَوْمُ القِيَامَةِ.
أَدْهَى وَأَمَرُّ - أَعْظَمُ دَاهِيةً وَأَفْظَعُ مَرَارَةً مِنْ عَذَابِ الدُّنْيا.
(٤٧) - إِنَّ المُشْرِكِينَ لَفي ضَلاَلٍ عَنِ الطَّرِيقِ السَّوِيِّ، وَلَفِي عمَايَةٍ عَنِ الهُدى في الدُّنيا، وَسَيكُونُ مَصِيرَهُمُ العَذَابُ في نَارِ جَهَنَّمَ المُسْتَعِرَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
سُعُرٍ - جَمْعِ سَعيرٍ وَهُوَ النَّارُ المُتَلَظِّيَةُ - أَوْ هُوَ الجُنُونُ.
سَقَرُ - اسْمٌ مِنْ أَسْماءِ جَهَنَّمَ.
المَسُّ - المُلاَمَسَةُ وَتَعْنِي هُنَا الحَرَّ.
(٤٩) - يُخبِرُ اللهُ تَعَالى عَنْ نُفُوذِ قُدْرَتِهِ في خَلْقِهِ فَيَقُولُ: لَقَدْ خَلَقْنَا الخَلائِقَ جَميعاً بِتَقْدِيرِنا، وَكَونَّاهَا عَلَى مُقْتَضَى الحِكْمَةِ البَالِغَةِ، وَبِحَسَبِ السُّنَنِ التِي وَضَعْنَاهَا في الخَلِيقَةِ.
وهذا مِثْلُ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ وَجَاءَ في الصَّحِيحِ " اسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ فَإِنْ أَصَابَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، وَلا تَقُلْ لَوْ أَني فَعَلْتُ كَذَا لَكَانَ كَذَا، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ "
خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ - بِتَقْدِيرٍ سَابِقٍ، أَوْ مُقَدّراً مُحْكَماً.
(٥٠) - يُخْبرُ اللهُ تَعَالى عَنْ نُفُوذِ مشِيئِتهِ في خَلْقِهِ فيقولُ: إِذَا أردْنا أمْراً قُلْنَا لَهُ: كُنْ. فَإِذا هُوَ كَائِنٌ، في مِثْلِ لَمْحِ البَصَرِ دُونَ إبْطَاءٍ وَلاَ تَأخِيرٍ، وَلاَ يَحْتَاجُ أمْرُنا إلى تَأكِيدِهِ مَرَّةً أُخْرَى.
إلاّ وَاحِدَةٌ - كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ هيَ (كُنْ).
أشْيَاعَكُمْ - أمْثَالَكُمْ وأشْبَاهَكُمْ في الكُفْرِ.
في الزُّبُر - مَسْطُورٌ في صُحُفِ المَلاَئِكَةِ.
" وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِزَوْجَتِهِ عَائِشَةَ، رضْوانُ اللهِ عَلَيها: يَا عَائِشَةُ إيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللهِ طَالِباً " (أخْرَجَهُ أحْمَدُ وَالنِّسَائِي).
مُسْتَطَرٌ - مَسْطُورٌ وَمَكْتُوبٌ في اللْوحِ المَحْفُوظِ.
(٥٤) - وَبَعْدَ أنْ أخْبَرَ اللهُ تَعَالى عَنْ حَالِ الأشْقِيَاءِ، في الآياتِ السَّابِقَاتِ، وَمَا يُلاَقُونَه مِنَ العَذابِ وَالسَّحْبِ عَلَى الوُجُوهِ في النَّارِ، ذَكَر هُنا حَالَ السُّعَداءِ، فَقَالَ: إنَّ المؤْمِنينَ المتَّقِينَ يَكُونُونَ في الجَنَّاتِ نَاعِمينَ في الظِّلالِ الوَارِفةِ، وَالمآكلِ الشَّهِيَّةِ، وَالمَشَارِبِ اللذِيذَةِ، مُتَمَتِّعِينَ بِمَنَاظِرِ المِيَاهِ المُتَدَفِّقَةِ، وَالأنْهارِ الجَارِيةِ في أرْضِ الجَنَّةِ.
نَهَرٍ - أَنْهَارٍ.
مَقْعَدِ صِدْقٍ - مَكَانٍ مُرْضٍ.