تفسير سورة الأنفال

أحكام القرآن للكيا الهراسي
تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب أحكام القرآن للكيا الهراسي المعروف بـأحكام القرآن للكيا الهراسي .
لمؤلفه الكيا الهراسي . المتوفي سنة 504 هـ

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

سورة الأنفال
قوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)، الآية: ١.
اعلم أن النفل هو الزيادة في اللغة، على القدر المستحق، ومنه النوافل «١».
والنفل يكون من الإمام للسرايا التي تتقدم الجيش الأعظم، مثل أن يقول للسريّة: لكم الربع بعد الخمس.
أو يقول: من أصاب سهما فهو له، على وجه الحث على القتال والتضرية على العدو.
أو يقول: من قتل قتيلا فله سلبه.
فأما بعد إحراز الغنيمة، فلا يجوز له أن ينفل شيئا من نصيب الجيش، ويجوز له أن ينفل من الخمس.
وقد اختلف في سبب نزول الآية فقد روي عن سعد أنه قال:
(١) يقول صاحب محاسن التأويل: الأنفال هي المغانم، جمع نفل- محركة- وهو الغنيمة. كذلك انظر تفسير ابن تيمية وتفسير المهايمي لهذه الآية.
149
أصبت يوم بدر سيفا، فأتيت به النبي صلّى الله عليه وسلم، فقلت له: نفلنيه:
فقال: ضعه من حيث أخذت، فنزل قوله: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)، قال فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: اذهب خذ سيفك.
وروي عن ابن عباس أنه قال: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)، الأنفال هي الغنائم التي كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم خاصة ليس لأحد فيها شيء، ثم أنزل الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) «١».
وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم، كانت تنزل نار من السماء فتأكلها، فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم، فأنزل الله تعالى:
(لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً) «٢».
ورووا عن عبادة بن الصامت وابن عباس وغيرهما، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نفل يوم بدر أنفالا كثيرة مختلفة وقال: من أخذ شيئا فهو له.
واختلفت الصحابة فقال بعضهم:
نحن حمينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكنا ردءا لكم «٣».
وقال قوم: نحن قاتلنا وأخذنا، فلما اختلفنا وساءت أخلاقنا انتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقسمه غير الخمس، وكان في ذلك تقوى وطاعة رسول الله، وصلاح ذات البين لقوله تعالى:
(١) سورة الأنفال آية ٤١
(٢) سورة الأنفال آية ٦٨- ٦٩.
(٣) في الأصل: رداه.
150
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ)، فقال صلّى الله عليه وسلم: ليرد قوي المسلمين على ضعيفهم.
وبين الله تعالى، أن ذلك مما يظهر به إيمانهم، وأنه لا يجدون في أنفسهم حرجا بما قضى به رسول الله تعالى، فهو معنى قوله: إن كنتم مؤمنين.
قال الرازي: وهذا غلط، وإنما قال النبي عليه الصلاة والسلام يوم حنين: «من قتل قتيلا فله سلبه» «١».
وقوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
نزل بعد حيازة غنائم بدر، وما كانت الغنائم قبل ذلك تحل.
وهذا ليس بصحيح، لإمكان أن الله تعالى أحلها يوم بدر للمسلمين، ولكن لما اختلفوا انتزع منهم وجعل ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم.
ومما قاله في ذلك، أنه عليه الصلاة والسلام كيف يقول: من أخذ شيئا فهو له ويخلف وعده.
وهذا ليس بشيء، فإنه ما أخلف وعده، لإمكان أنه كان كذلك، ولكن ورد بعده الناسخ، لما اختلفوا، وإنما جعل لهم ذلك بشرط ألا يختلفوا، خلا خبر فيما قاله.
فإذا ثبت ذلك، فاعلم أن قوله: يسألونك عن الأنفال، ظاهر في أنهم سألوه عن مال معلوم، وأن الجواب في ذلك، أن ذلك لله والرسول،
(١) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأبو داود، والترمذي عن أبي قناة، وأخرجه الامام أحمد في مسنده، وأبو داود أيضا عن أنس، وأخرجه الامام أحمد في مسنده وابن ماجة عن سمرة رضي الله عنهم.
151
ومعلوم أن كل شيء فهو لله تعالى ملكا حقا، فلم يختلف العلماء أن المراد به استضياع كلام.
فتحصل من الجواب أن الأنفال للرسول.
وظاهر هذا القول يقتضي أمرين:
إما أن يكون ملكا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، أو وضعه حيث يريد، وإن لم يملكه حقيقة.
فعلى هذا الوجه اختلف العلماء، فقال بعضهم:
إن للرسول عليه الصلاة والسلام أن ينفل ذلك على المجاهدين على ما يراه صلاحا.
وقال بعضهم: بل ذلك ملك الرسول أو كالملك له، حتى يصرفه إلى من شاء.
وظاهر قوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ)، كالدلالة على أنه متى أراد وضع ذلك فيهم، تنازعوا واختلفوا، فأنزل الله تعالى ذلك، بعثا لهم على الرضا بما يفعله من القسمة بينهم، وذلك دليل على أنه ليس بملك له ولا لهم وإلا كانوا في ذلك كغيرهم، وكان لا يكون لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) معنى، فإن أراد المريد بالملك أن له أن يتصرف فيه على ما يراه ويختاره فنعم، وإن أراد به الاستبداد والانتفاع به، فما ذكرناه كالمانع منه، وقيل لذلك نفل، لأن الغنائم لما لم تكن مباحة من قبل، كانت كأنها عطية زائدة من الله تعالى، فسميت أنفالا لذلك «١».
قوله تعالى: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ)، الآية: ١٦.
(١) أنظر القاسمي.
152
روى أبو نضرة «١» عن أبي سعيد، أن ذلك إنما كان يوم بدر، وقال أبو نضرة: لأنهم لو انحازوا يومئذ، لانحازوا إلى المشركين، ولم يكن يومئذ مسلم غيرهم.
وهذا الذي قاله أبو نضرة فيه نظر، لأنه كان بالمدينة خلق كثير من الأنصار لم يأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالخروج، ولم يكونوا يرون أنه يكون قتال، وإنما ظنوا أنها العير، فخرجوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيمن خف معه.
فقول أبي نضرة إنه لم يكن هناك مسلم، وإنهم لو انحازوا انحازوا إلى المشركين، غلط لما بيناه.
وقد قيل: إنه لم يجز لهم الانحياز يومئذ، لأنهم كانوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلم يكن الانحياز جائزا لهم، قال الله تعالى:
(ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) «٢».
فلم يكن لهم أن يسلموا نبيهم، وإن تكفل الله بنصرته وعصمته من الناس، كما قال تعالى:
(وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) «٣».
فكان ذلك فرضا عليهم، قلّ أعداؤه أو كثروا، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فئة المسلمين يومئذ، ومن كان ينحاز عن القتال، فإنما كان ينحاز إلى فئة، وما كان للمسلمين فئة غير رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
(١) هو المنذر بن مالك أبو نضرة العبدي.
(٢) سورة التوبة آية ١٢٠.
(٣) سورة المائدة آية ٦٧. [.....]
153
قال ابن عمر: كنت في جيش، فخاض الناس خيضة، ورجعنا إلى المدينة فقلنا: نحن الفرارون، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أنا فئتكم «١».
فلم يكن للمسلمين إذ ذاك أن ينحازوا، قل عدد العدو أو كثر، وقال تعالى في آية أخرى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) «٢»، ثم نسخ بقوله: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) «٣»، وليس عند أصحاب الشافعي في ذلك تفصيل، فيجوز فرار الواحد من ثلاثة.
وقال محمد: إذا بلغ الجيش اثني عشر ألفا، فليس لهم أن يفروا من عدوهم وإن كثر عددهم، ولم يذكر عن أصحاب أبي حنيفة خلافا فيه، واحتج بحديث الزهري عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
خير الأصحاب أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يؤتى اثنا عشر ألفا من قلة، وفي بعضها ما يغلب قوم يبلغون اثني عشر ألفا إذا اجتمعت كلمتهم.
وهذا ليس بيان حكم شرعي وإنما هو بيان حكم العرف.
وذكر الطحاوي أن مالكا سئل فقيل له: أيسعنا التخلف عن قتال من خرج عن أحكام الله تعالى وحكم بغيرها؟ فقال مالك: إن كان معك اثنا عشر ألفا مثلك فلا يسعك التخلف، وإلا فأنت في سعة من التخلف.
قوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)، الآية: ٢٥:
(١) الحديث أخرجه أبو داود في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما
(٢) سورة الأنفال آية ٦٥.
(٣) سورة الأنفال آية ٦٦.
عنى بذلك هرجا يعم المصلح والمفسد.
قوله تعالى: (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) الآية: ٣٩، معناه شرك.
وقيل حتى لا يفتن مؤمن عن دينه، ويدل على ذلك أن قتل الكفار لدفع الضرار لا جزاء على الكفر، وقد شرحناه من قبل.
قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ)، الآية: ٤١.
وقال في آية أخرى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً) «١».
قال ابن عباس ومجاهد: إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ)، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام، جعل ينفل ما أحرزوه بالقتال لمن شاء، ولم يكن لأحد فيه حق، إلا من جعله الرسول له، وذلك كان في يوم بدر، وقد روينا حديث سعد في قصة السيف الذي استوهبه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر وقال:
إنك سألتني هذا السيف، وليس هو لي ولا لك، ثم نزل: (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ)، فدعاه فقال:
إنك سألتني هذا السيف، وما كان لي ولا لك، وإن الله تعالى جعله لي وجعلته لك «٢».
وروى أبو صالح عن أبي هريرة قال:
لما كان يوم بدر، تعجل ناس من المسلمين، فأصابوا من الغنائم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
لم تبح الغنائم لقوم سود الرؤوس من قبلكم، كان النبي إذا غنم هو
(١) سورة الأنفال آية ٦٩
(٢) أنظر أسباب النزول للواحدي النيسابوري.
155
وأصحابه جمعوا غنائمهم، فتنزل نار من السماء فتأكلها، فأنزل الله تعالى:
(لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً) «١».
وقوله: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً)، يقتضي بظاهره أن تكون الغنيمة للغنائم فقط، وأن يكونوا مشتركين فيها على سواء، إلا أن قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ)، بين وجوب إخراج الخمس منه وصرفه إلى الوجوه المذكورة، ثم بعده يخلص للقائمين بعد الصفي والسلب والعطايا المتقدمة، ولولا الأخبار المأثورة لكان الفارس كالراجل، والعبد كالحر، والصبي كالبالغ.
واعلم أن الاتفاق حاصل على أن المراد بقوله: (غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) : مال الكفار، إذا ظهر به المسلمون على وجه الغلبة، ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص، ولكن عرف الشرع قيد اللفظ بهذا النوع: وسمى الشرع الواصل إلينا من الكفار من الأقوال باسمين:
أحدهما: الفيء، وهو الذي يصل إلينا من الكفار من غير حرب، كالجزية والخراج الحق.
ثم إن الله تعالى كما أضاف الغنيمة إلى الغانمين، أضاف الفيء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال:
(ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) «٢».
فاقتضى ظاهر الآية، أن يجعل بعد إخراج الخمس أربعة أخماس،
(١) سورة الأنفال آية ٦٨- ٦٩.
(٢) سورة الحشر آية ٧.
156
والفيء لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما يختص الغانمون بأربعة أخماس الغنيمة، فإنه تعالى قال: (أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ).
وقال: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً).
فاقتضى ظاهره أن يكون كله له، خص منه البعض، بقي الثاني على مقتضى الإضافة، وهذا حسن بين.
ومن جملة الفيء، مال المرتد إذا قتل على الردة.
ومال الكافر غنيمة، إن كان وصوله إلينا بقهره وقتله، فإن مات من غير قتال، فوجدنا ماله فهو فيء.
وإذا ثبت القول في أربعة أخماس الفيء والغنيمة فنقول:
أما الخمس، فإن الذي لا خلاف فيه، أن لليتامى والمساكين وابن السبيل حقا باقيا في خمس الغنيمة.
واختلف الناس بعد الثلاثة في قوله: (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) «١».
فأما قوله: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)، فأكثر العلماء على أنه استفتاح كلام، وأن لله تعالى الدنيا والآخرة.
وروى الطحاوي عن أبي العالية، أن سهم الله تعالى مصروف في نفقات الكعبة، والذي ذكره بعيد، فإنا إن أقررنا سهما لله تعالى، أدى ذلك إلى أن يكون الخمس مقسوما على ستة، فعلى هذا يجب أن نقول: فأن لله سدسه، ولأنه ليس بأن يجب صرفه إلى بيت الله تعالى بأولى من صرفه إلى أولياء الله.
نعم قد قال تعالى: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)، يعني كل ذلك الخمس يصرفه
(١) سورة الحشر آية ٧.
157
فيما شاء، وأراد لا أن له البعض دون البعض، ولا يجوز أن يعتقد من الإطلاق، كون مال الفيء مشتركا بين الله وبين غيره.
وأما سهم الرسول، فقد كان له الخمس من خمس الغنيمة، فيصرفه في كفاية أولاده ونسائه، ويدخر من ذلك قوت سنة، وما يفضل يصرفه إلى الكراع والسلاح وغير ذلك من المصالح.
وقال الشعبي: ما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يطلب من الغنائم لنفسه شيئا قط، إلا الصفي من المغنم، وهو ما كان يتناوله من عبد أو أمة أو فرس.
حكى الطحاوي ذلك عن الشعبي، وذكر عنه أن سهمه من الغنيمة، كان كسهم رجل من المسلمين وراء ما خص به من الصفي.
والظاهر يدل على أن الخمس مشترك بين رسول الله وبينهم، ولا يمكن أن يقال إن الصفي من جملة ذلك، فإن الصفي كان يتناوله من جملة الغنيمة قبل القسمة، فهو حق، سوى هذا الخمس المذكور.
ولرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا حضر الوقعة، ما لسائر من حضرها من أربعة أخماس الغنيمة.
واختلفوا في سهمه، فقال الطحاوي:
إن طائفة قالت: هو للخليفة بعده.
وقالت أخرى: يصرف في الحمل والعدة في سبيل الله.
وطائفة قالت: بل زال بموته.
ولا يدل الظاهر على أكثر من استحقاقه في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا يدل على مصرف من هذه المصارف بعده.
وقد دل الدليل، على أن ملك رسول الله صلّى الله عليه وسلم المستقر في حالة حياته، لا يورث عنه، فلأن لا يورث عنه ما يتجدد من الغنيمة، ولا يوجد سبب ملكه أولى.
158
ولا دليل على قيام الإمام مقامه بعده، لأنه اختص به لمنصب النبوة، كما اختص بالصفي من المغنم، وأقرب شيء يتخيل فيه صرفه في الكراع والسلاح، بدلالة أنه عليه السلام كان يصرف الفاضل من الخمس في هذا الوجه.
والجواب: أنه كان يصرفه اختيارا لا استحقاقا، ولو ثبت أنه كان يصرفه إلى هذا الوجه استحقاقا، لقرب أن يقال: إن الأولى بهذا السهم هذا الوجه، فعلى هذا الأقرب، أنه يصرف خمس الخمس إلى الباقين، قياسا على الصدقة الواجب صرفها إلى الأصناف، إذا تعذر صنف وجب صرفه إلى الباقين.
فعلى هذا قال الشافعي: يقسم الخمس بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أربعة، وهذا مذهب الشافعي، فإنه قال:
إن لبني هاشم وبني عبد المطلب سهما من الخمس.
وقال أبو حنيفة: يقسم الخمس على ثلاثة أسهم: على اليتامى والمساكين وابن السبيل.
وخالفه أبو يوسف.
وقال قائلون: هو لفقرائهم عوضا عما حرموا من الصدقة.
وقال آخرون: هو للفقراء والأغنياء منهم.
ثم إن الذين أثبتوا لهم الاستحقاق اختلفوا:
فمنهم من قال: يقسم قسمة الغنيمة على التساوي.
ومنهم من قال: يقسم كقسمة المواريث، فإنه مال مستحق بالقرابة.
والظاهر تعلق الاستحقاق بالقرابة، إلا أن القرآن ورد بذكر ذي القربى، وقد صار بعض السلف لأجله، إلى أنه لجميع قريش، وثبت أنه عليه الصلاة والسلام لم يعط من ذلك من انتمى إليه باقرابه مطلقا، والمراد
159
به الخصوص، وليس يتأتى تعليله بالقرابة المطلقة، لأن سعيد بن المسيب، روى عن جبير بن مطعم، أنه وعثمان جاءا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكلمانه فيما قسمه من خمس الخمس بين بني هاشم وبني المطلب، فقالا:
يا رسول الله، قسمت لإخواننا بني المطلب وقرابتنا وقرابتهم واحدة، فقال:
«إنما أرى هاشما والمطلب شيئا واحدا» «١».
وروى أنه قال: «إن بني المطلب لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام» «٢».
فلم يعط لبني أمية ولا لبني نوفل شيئا، وقرابتهم كقرابة بني المطلب، وهذا يدل على التخصيص.
فعلى هذا، رأى أبو حنيفة استحقاقهم بالنصرة في حياة رسول الله.
وقال آخرون: لا بل لا استحقاق لهم إلا بالفقر، إلا أن ذكر ذوي القربى مع أن الفقر مستقل، كذكر اليتامى، ولا يصرف إلى اليتامى إلا إذا كانوا فقراء، ولا فرق... ولا معنى لقول من يقول: إن اليتم عبارة عن الحاجة، فإن اليتم عبارة عن الحاجة إلى الكافل لا إلى المال، وليس في اسم اليتم ما يدل على عدم المال، ولعلهم يقولون:
إنما ذكر ذوي القربى مع أن الفقر شرط، حتى لا يتوهم متوهم، أنهم كما فارقوا الفقراء من المسلمين في أن لا تصرف الصدقات إليهم مع الفقر، فكذلك الخمس، فقطع الشرع هذا الاحتمال، وهذا محتمل، ويصرف إلى اليتامى مع أن الفقر شرط، والمقصود من ذكره أن الخمس يقسم على أربعة أسهم عند الشافعي، وعلى ثلاثة عند أبي حنيفة، ولا بد من الصرف إلى هذه الأجناس.
(١) أخرجه الامام مسلم في صحيحه بلفظ مشابه.
(٢) قال به جمهور العلماء
160
والمقصود من ذكرها مع اشتراط الفقر فيها، تعديد جهات الحاجات واستيعابها، فأما الأربعة أخماس، فظاهر القرآن يقتضي أنها لمن غنمه.
وقوله (أَنَّما غَنِمْتُمْ) : يشتمل الرقاب والعقار، إلا أن الرقاب الخيرة فيها إلى الإمام بلا خلاف، وفي الديار اختلف العلماء فيها.
وليس في كتاب الله تعالى تفضيل للفارس على الراجل، بل فيه أنهما على سواء.
وفي المأخوذ على جهة التلصص، اتفق العلماء على أنه لا تخميس، وظاهر القرآن يقتضي تخميس كل مغنوم، وذلك يستوي فيه هذا وما سواه.
وظاهر اللفظ أيضا يقتضى التسوية فيه بين الصبي والبالغ، إلا أن الدليل قام على أن الصبي يرضخ له.
واعلم أن ظاهر قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ)، ربما لا يظهر عند الناس في تعارف اللغة، أن من استولى على مثله فقد غنمه، وأنه يصرف خمسه إلى كذا وكذا، في أن الحرية تسلب عن المسترق، وإنما ظهر ذلك بعرف الشرع، وعرف الشرع دل على أن الغنيمة اسم للمأخوذ من الكفار بطريق القهر، ولا يدل على أخذ أنفسهم من حيث عرف اللغة، وفي الشرع، الإمام على التخيير بين الخلال التي بينها الفقهاء.
قوله تعالى: (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً)، الآية ٤٥:
الأمر بالثبات تقدم بيانه عند النهي عن القرار من الزحف، إلا على تفصيل ذكرناه، وقوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً) : يحتمل الذكر بالقلب، وذلك بأحد وجهين:
إما بتذكر ما عند الله تعالى من ثواب المجاهدين، وتهوين أمر الدنيا في جنب ما عند الله تعالى.
والثاني: ذكر دلائله ونعمه وما يستحقه الله تعالى على عباده من بذل المهج في مرضاته، وأنهم وإن بلغوا الغاية في طاعته، فلا يبلغ كنه جلاله، وكل ذلك مما يعين على الصبر والثبات، ويستمد بها النصر من الله تعالى، والجرأة على العدو والاستهانة بهم.
قوله تعالى: (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا)، الآية ٤٦:
نهى عن الاختلاف المؤدي إلى الفشل وجرأة العدو.
وقوله تعالى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) «١».
أبان أن المقصود من التنكيل بالأسر، زجر من سواهم، ولأجله شرعت العقوبات، ولأجله أمر الصديق بالتنكيل بأهل الردة، وإحراق بعضهم بالنيران، ورمي بعضهم من رؤوس الجبال، وطرحهم في الآبار.
قوله تعالى: (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ)، الآية ٥٨:
أباح الله لرسوله إذا توقع من أعدائه غائلة من مكر، أن ينبذ إليهم على سواء، حتى لا يقول المبطل: إنك نقضت العهد بنصب الحرب، ولم ينبذ إلى أهل مكة عهودهم، بل غزاهم نبذا، لأنهم كانوا نقضوا العهد، لمعاونة هذيل على خزاعة حلفاء النبي، ولذلك جاء أبو سفيان إلى المدينة يسأل تجديد العهد بينه وبين قريش، فلم يجبه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ذلك، فلأجل ذلك لم يحتج إلى النبذ إليهم، إذ كانوا أظهروا نقض العهد بنصب الحرب لحلفاء الرسول عليه الصلاة والسلام.
(١) سورة الأنفال آية ٥٧.
قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)، الآية: ٦٠:
هو الأمر بالاستعداد للعدو، وبإعداد الكراع والسلاح قبل وقت القتال إرهابا للعدو، والتقدم في ارتباط الخيل استعدادا لقتال المشركين، ومنه أخذ إعداد الأموال والخزائن لحاجة المسلمين إليها يوم القتال.
قوله تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)، الآية ٦١:
منسوخ بقوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) «١»، و (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) «٢» وهو الظاهر.
فإن سورة براءة، آخر ما نزلت، فكان العهد بين رسول الله والمشركين قبل ذلك، وقد قال تعالى:
(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) «٣».
فنهى عن المسالمة عند القوة على قهر العدو وقتلهم، ولذلك قال بعض أصحابنا: إذا قدر بعض أهل الثغور على قتال العدو لم يجز مسالمتهم، قالوا: وإن قدروا بعد ذلك على قتالهم، نبذوا إليهم على سواء إن توقعوا منهم غائلة، وإن لم يمكنهم دفع العدو عن أنفسهم إلا بمال يبذلونه لهم، جاز لهم ذلك، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد كان صالح عيينة بن حصن وغيره يوم الأحزاب على نصف ثمار المدينة، حتى إنه لما شاور الأنصار، قالوا: هذا مما أمرك الله به أم الرأي والمكيدة «٤» ؟ فقال: لا بل
(١) سورة التوبة آية ٥.
(٢) سورة التوبة آية ٢٩.
(٣) سورة محمد آية ٣٥. [.....]
(٤) أخرجه ابن سغد في طبقاته، وابن هشام في سيرته، والترمذي في الشمائل.
هو رأي، لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحد، فأردت أن أدفعه عنكم إلى يوم، فقال السعدان: سعد بن عبادة وسعد بن معاذ رضي الله عنهما:
والله يا رسول الله إنهم لم يطمعوا فيها منا إلا بشراء أو قراء، ونحن كفار، فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالإسلام، ولا نعطيهم إلا بالسيف، وشقا الصحيفة.
قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ)، الآية... وقوله تعالى: (وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) «١».
وعلم الله تعالى سابق أزلي، فمعناه أن الله تعالى بيّن أن الواحد في ابتداء الإسلام يفي بعشرة لأمور:
منها: النصرة منه تعالى.
ومنها: الصبر والقوة.
ومنها: قوة النية والبصيرة.
ثم بعد زمان نسخ ذلك لنقصان القوة في الدين، وضعف النية في محاربة المشركين.
فهذا معنى قوله: (وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً).
فقوله تعالى الآن، دخل في ضعف الناس لا في علم الله تعالى.
قوله تعالى: (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)، الآية: ٦٧.
وذلك يدل على أن العدول عن القتل إلى الأسر حرام على كل نبي، حتى يكثر القتل منه، فتحصل هيبته في القلوب، وتمتلئ النفوس منه
(١) سورة الأنفال آية ٦٥- ٦٦
رعبا، فإذا أثخن في الأرض بالإكثار من القتل، يجوز أن يكون له أسرى، فدل من هذا الوجه، أن الجهاد من تكليف سائر الأنبياء، فلذلك عمهم تعالى به.
وقال قائلون: كأن الله تعالى أمرهم بإكثار القتل بقوله: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) «١»، لكي يعظم الرعب في قلوبهم، فيكفهم ذلك عن المحاربة، ويميل بهم إلى الإسلام والمسالمة...
فأبى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر، إلا أسر بعضهم رغبة في الفداء، فصار ذلك معصية منهم ومخالفة.
فإن قيل: أفكان النبي عليه الصلاة والسلام موافقا لهم؟
قيل: بل كان صلّى الله عليه وسلّم أمرهم بالإثخان، وبلغهم ذلك من الله تعالى، ولذلك كانوا عصاة بترك الأمر.
فإن قيل: فلم أضاف الأمر إلى النبي عليه الصلاة والسلام؟ فقال:
ما كان لنبي أن يكون له أسرى؟
قيل: من الممكن أنهم أسروا الكفار ليسلموهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
فإن قيل: لم توقف بعد الأسر في قتلهم، واستشار أصحابه، فأشار عمر بقتلهم، وأشار أبو بكر باستبقائهم؟ فالجواب: أن ذلك لتجويز تغيير التعبد بعد الأسر، وإن كان الواجب من قبل القتل.
قوله تعالى: (لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ)، الآية ٦٨:
حمله قوم على إسراع المسلمين في الغنائم، فأنزل الله تعالى هذه الآية،
(١) سورة الأنفال آية ١٢.
وقد قيل: لولا تقدم دلالة القرآن على أن الصغائر مغفورة عند اجتناب الكبائر لمسهم العذاب، فعلى هذا ثبت كونهم عصاة، وإن كانت الصغائر مغفورة، فيصح أن يعاتبوا على ما فعلوه.
وقد قيل: معناه لولا أن الوعيد يتقدم العقاب، لمسكم فيما أخذتم، ولكن سبق الكتاب بأن لا مؤاخذة إلا بعد النهي.
وقد قال قائلون: يجوز أن يكون توقفه بعد الأسر في قتلهم، صغيرة ورد فيها العقاب.
ويقال: كيف يكون هذا صغيرة مع تقدم قوله: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ)، وأنتم إن جعلتم ذلك صغيرة، لم تجعلوا قوله: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) واردا بعد حرب بدر بل قبله، فإذا ثبت ذلك، فلا بد أن تكون مخالفة الأمر في ذلك كبيرة.
قيل: احتمل أنهم توهموا أن القتل لما كثر جاز العدول إلى الأسر.
قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً)، الآية ٦٩:
ليس فيه بيان أكله بعد القسمة أو قبلها، أو بعد الغلبة والإحراز بدار الإسلام.
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، الآية/ ٧٢.
يدل قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) «١» : على وجوب الهجرة، إلا أنها كانت واجبة في وقت، وقد زال ذلك الوجوب بالفتح لقوله صلّى الله عليه وسلم:
(١) سورة الأنفال آية ٧٢.
لا هجرة بعد الفتح «١».
وإنما كانت واجبة للخوف من الكفار، والخوف من الافتتان، ولتقوية الرسول عليه الصلاة والسلام، وكل ذلك زال بالفتح.
ويحتمل أن يكون المراد بالولاية الوراثة، لأنهم كانوا من قبل يتوارثون بالإسلام والهجرة، ونسخ ذلك بقوله تعالى:
(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ).
ويحتمل أن تكون الموالاة في الدين.
وقوله تعالى: (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)، يدل على أن من ترك الهجرة، فقد خرج عن أن يكون وليا لسائر المؤمنين، إلا أنه لو خرج عن الدين لما قال الله تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) «٢».
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) «٣»، يدل على أنه أراد به الولاية في الدين، لأنه تعالى قال: (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) «٤».
قوله تعالى: (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ)، الآية/ ٧٥.
يحتمل التوريث بالرحم على قول ابن مسعود.
(١) أخرجه الامام مسلم في صحيحه، والبخاري في صحيحه.
(٢) سورة الأنفال آية ٧٢.
(٣) سورة الأنفال آية ٧٣.
(٤) سورة الأنفال آية ٧٣
167
ويحتمل أن يكون أولى ما بيّن الله تعالى في كتابه من آي المواريث، ويجعل هذه الآية كأنها مجملة وتلك مفصلة، ولا يدل على أن بعضهم أولى ببعض في الميراث من حيث الظاهر، إلا أن يعلم الميراث بدليل.
168
الجزء الرابع
169
Icon