الأراذل وَجَاز تَأَخّر الظّرْف بعد إِلَّا وَمَا بعْدهَا من الْفَاعِل وصلته لِأَن الظروف يَتَّسِع فِيهَا مَالا يَتَّسِع فِي المفعولات فَلَو قلت فِي الْكَلَام مَا أَعْطَيْت أحدا إِلَّا زيدا درهما فأوقعت أسمين مفعولين بعد إِلَّا لم يجز لِأَن الْفِعْل لَا يصل بَالا إِلَى أسمين إِنَّمَا يصل إِلَى اسْم وَاحِد كَسَائِر الْحُرُوف أَلا ترى أَنَّك لَو قلت مَرَرْت بزيد عَمْرو فتوصل الْفِعْل اليهما بِحرف وَاحِد لم يجز وَكَذَلِكَ لَو قلت اسْتَوَى المَاء والخشبة الْحَائِط فتنصب بواو من اسْمَيْنِ لم يجز إِلَّا أَن تَأتي فِي جَمِيع ذَلِك بواو الْعَطف فَيجوز فيصل الْفِعْل اليهما بحرفين فَأَما قَوْلهم مَا ضرب الْقَوْم أَلا بَعضهم بَعْضًا فَإِنَّمَا جَازَ لِأَن بَعضهم بدل من الْقَوْم فَلم يصل الْفِعْل بعد إِلَّا إِلَّا إِلَى اسْم وَاحِد
قَوْله ﴿تزدري أعينكُم﴾ أصل تزدري تزتري وَالدَّال مبدلة من تَاء لِأَن الدَّال حرف مجهور فقرن بالزاي لِأَنَّهَا مجهورة أَيْضا وَالتَّاء مهموسة ففارقت الزَّاي وَحسب الْبَدَل لقرب المخرجين وَالتَّقْدِير تزدريهم أعينكُم ثمَّ حذف الْإِضْمَار لطول الِاسْم
قَوْله ﴿فعميت عَلَيْكُم﴾ من خففه من الْقُرَّاء حمله على معنى فعميتم عَن الْأَخْبَار الَّتِي أتتكم وَهِي الرَّحْمَة فَلم تؤمنوا بهَا وَلم تعم الْأَخْبَار نَفسهَا عَنْهُم وَلَو عميت هِيَ لَكَانَ لَهُم فِي ذَلِك عذرا إِنَّمَا عموا هم عَنْهَا فَهُوَ من المقلوب كَقَوْلِهِم أدخلت القلنسوة فِي رَأْسِي وأدخلت الْقَبْر زيدا فَقلت جَمِيع هَذَا فِي ظَاهر اللَّفْظ لِأَن الْمَعْنى لَا يشكل وَمثله قَوْله تَعَالَى


الصفحة التالية
Icon