لقد رأيت لبعض المدرسين من طلبة العلم أثراً طيباً في تلاميذهم، فبعد حفظ القرآن الكريم وإتقانه اتجه هؤلاء التلاميذ إلى طلب العلم بجد واجتهاد، وطَرْحِ الرقاد، زرعوا فحصدوا، وعملوا فوجدوا، فما أحسن غرسهم لِلَّهِ وما أجلَّ عملَهم! وكان هذا بفضل الله تعالى، ثم بفضل هؤلاء المدرسين المربين.
وهناك تقصير من بعض المدرسين في توجيه طلابهم إلى العلم، وقد يكون السبب هو اقتصار المدرس على حفظه للقرآن الكريم، فينشأ الطالب مقتصراً على الحفظ دون العلم بأحكام القرآن الكريم وعلومه، وإعجازه وإيجازه، وهناك من يحصِّل شيئاً من العلم، ثم ينقطع عنه، وينشغل بالدنيا، وينسى القرآن الكريم.
والمأمول أن يكون مدرس القرآن الكريم في الحلقات القرآنية من طلبة العلم؛ حتى يكون له تأثير طيب في تلاميذه في البناء العلمي لطلاب الحلقات القرآنية، وهذا ما قرّره بعض الباحثين عند حديثهم عن مقومات شخصية المدرس، وذكروا من صفاته :(( طلب العلم، والتفقه في الدين، وعدم الاقتصار على حفظه للقرآن الكريم وتدريسه له - مع عظم ذلك ـ وليتأس بأصحاب الشأن في ذلك، فإن جُلَّ أئمة القرآن والقراءات علماء في غير ذلك من العلوم النافعة المفيدة كالعقيدة والحديث والتفسير والفقه واللغة... ونحو ذلك ))(١)
ولا يشترط أن يكون طالب الحلقات القرآنية متخصصاً في العلوم الشرعية، بل له طلب العلوم النافعة في الدين والدنيا، وقد رأيت مِن طلاب الحلقات مَن درَس الطب والهندسة والحاسب، ونال أعلى المراتب، والحمد لله تعالى على التوفيق.
المطلب الثاني : تربية الناشئ على التحلي بآداب طالب العلم.