ومن حرص التابعين رحمهم الله تعالى على تلقي القرآن من هؤلاء القرّاء كان بعضهم يستثمر سيره معهم في طريق بأن يقرا عليهم ويتعلم منهم.
فعن إبراهيم بن يزيد التيمي قال :(كنت أقرأ على أُبَيٍّ القرآن في السدة فإذا قرأت السجدة سجد فقلت له يا أبت أتسجد في الطريق؟ قال إني سمعت أبا ذر يقول سألت رسول الله - ﷺ - عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال المسجد الحرام، قلت ثم أي؟ قال المسجد الأقصى قلت كم بينهما قال أربعون عاما ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل) (١)[١٣])
وليت علمائنا وطلبة العلم يحرصون على تأديب تلاميذهم على البدء بالقرآن وتعلمه والتأدب بآدابه قبل تعلم تفريعات الفقه أو الجدل الأصولي أو الفلسفة العقلية التي ملأ بها المتكلمين كتبا سموها كتب العقائد.
فعن علقمة رحمه الله قال :( كنا جلوسا مع بن مسعود فجاء خباب - رضي الله عنهم - فقال يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرؤوا كما تقرأ؟ قال أما إنّك لو شئت أمرت بعضهم يقرأ عليك! قال أجل، قال اقرأ يا علقمة فقال زيد بن حدير أخو زياد بن حدير أتأمر علقمة أن يقرأ وليس بأقرئنا قال أما إنك إن شئت أخبرتك بما قال النبي - ﷺ - في قومك وقومه فقرأت خمسين آية من سورة مريم، فقال عبدالله كيف ترى؟ قال قد أحسن قال عبد الله ما أقرأ شيئاً إلا وهو يقرؤه ثم التفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى؟ قال: أما إنك لم تراه علي بعد اليوم فألقاه) (٢)[١٤])
(٢) ١٤] - صحيح البخاري برقم ٤١٣٠