وفي قصة أخرى مع صحابي آخر تظهر لنا أن هذا هو دأب الصحابة - رضي الله عنهم - فعن علقمة قال :( دخلت في نفر من أصحاب عبد الله بن مسعود الشام فسمع بنا أبو الدرداء - رضي الله عنه - فأتانا فقال أفيكم من يقرأ؟ فقلنا نعم، قال فأيكم أقرأ؟ فأشاروا إلي، فقال اقرأ فقرأت والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى....) (١)[١٥])
ويدل على ضخامة مشروع إعداد القرّاء وتنظيم هذا المشروع أن النبي - ﷺ - استطاع أن يستجيب لدعوة من بعض القبائل بطلب إرسال مجموعة من القرّاء إليهم أن يرسل النبي - ﷺ - إليهم سبعين قارئاً دفعة واحدة، إلا أن تلك القبائل كانت تريد الفتك بهم والغدر بالنبي - ﷺ - وحصل منهم الغدر وقتلت تلك العصبة المؤمنة من القرّاء ومع ذلك كانت مدرسة النبوة متهيئة لمثل ذلك الموقف العصيب والمصيبة الجلل فبقي في الأمة من القرّاء من يؤدي الرسالة ويواصل المسير.
فعن أنس - رضي الله عنه - :( أن النبي - ﷺ - أتاه رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان فزعموا أنهم قد أسلموا واستمدوه على قومهم فأمدهم النبي - ﷺ - بسبعين من الأنصار، قال أنس كنا نسميهم القرّاء يحطبون بالنهار ويصلون بالليل فانطلقوا بهم حتى بلغوا بئر معونة غدروا بهم وقتلوهم فقنت شهرا يدعو على رعل وذكوان وبني لحيان، قال قتادة وحدثنا أنس أنهم قرؤوا بهم قرآنا: ألا بلِّغوا قومنا بأنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ثم رفع ذلك بعد)(٢)[١٦])
ضرورة الجمعيات والمؤسسات التي ترعى تعليم القرآن ونشره
(٢) ١٦] - صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب العون بالمدد برقم ٣٠٦٤ وأيضا برقم ١٠٠١/ ٤٠٩٠