بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } [ آل عمران ١٠٤ ]، وفروض الكفاية فيما يتعلق بكتاب الله لا تقتصر على تعلم قراءته وحفظ ألفاظه فقط، وإنما أعظمها تدبره وفهمه ليتلوا ذاك العمل ﴿ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ﴾ [ ص ٢٩ ] أي فليتدبروا وكذا قوله تعالى ﴿ أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ﴾ [ النساء ٨٢ ] أمر بالتدبر والفهم لآيات الله، ولاشك أن تفهيم كتاب الله للأمة واجب العلماء وهي يجب عليها الجلوس لهم والإنصات لقولهم وإزالة عوائق الفهم من قلوبهم وفك الأقفال التي تحول دون ذلك ﴿ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ﴾ [ محمد ٢٤ ] ولما كانت الأمة لا يتمكن جميع أفرادها تحصيل تمام الفهم أو ما يجزئ من العلم وجب على من آتاه الله أدواته ويسر له أسبابه أن ينتدب نفسه لتحصيل العلم ثم تعليمه للناس ويكون من ضمن الفئة التي يتأدّى بها فرض الكفاية ولها الشرف وعليها وزر التقصير والانحراف ﴿ وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ﴾ [ التوبة ١٢٢ ]
وما أحوجنا إلى العودة إلى بيوت الله ننطلق منها في عبادتنا وتربيتنا، وتعود إليها منزلتها التي أنزلها الله من الأرض فهي أحبُّ البقاع إلى الله، وهنيئاً لمن قلبه معلق بها حيث يستحق منزلة التظليل بعرش الله يوم لا ظلّ إلا ظله ﴿ الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم - في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال ﴾ [ النور٣٥- ٣٦ ]