ومما ورد في السيرة أن الأشعريين قوم أبي موسى الأشعري - رضي الله عنهم - أنعم الله عليهم بتعلم القرآن قبل غيرهم وسبقهم فيه حتى إنّ النبي - ﷺ - كان يعرف منازلهم من منازل غيرهم بصوت القرآن لهم دويٌّ كدَوِيِّ النَّحل، فعن أبي موسى- رضي الله عنه - قال النبي - ﷺ - (إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار ومنهم حكيم إذا لقي الخيل أو قال العدو قال لهم إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم) (١)[٥])وكانت حولهم في بلادهم بعض قبائل العرب ممن اسلم بعدهم ولم ينل حظا وافرا من تعلم القرآن فأنذر النبي - ﷺ - قوم أبي موسى - رضي الله عنهم - وأمهلهم عاما ليقوموا بواجب الإقراء لمن حولهم من القرى والبادية فعن عبد الرحمن بن أبزى - رضي الله عنه - قال خطب رسول الله - ﷺ - ذات يوم فأثنى على طوائف من المسلمين خيرا - ثم قال – (ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم! وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون! والله ليعلِّمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتفطنون أو لأعاجلنهم العقوبة، ثم نزل فقال قوم من ترونه عني بهؤلاء؟ قال الأشعريين، هم قوم فقهاء ولهم جيران جفاة من أهل المياه والأعراب، فبلغ ذلك الأشعريين، فأتوا رسول الله - ﷺ - فقالوا يا رسول الله ذكرت قوما بخير وذكرتنا بشر فما بالنا؟ فقال لَيُعَلِّمَنَّ قومٌ جيرانهم وليفقهنهم وليفطننهم وليأمرنهم ولينهونهم ولَيَتَعَلَّمَنَّ قوم من جيرانهم ويتفطنون ويتفقهون أو لأعاجلنهم