القول الأخير –والأقوال متنوعة؛ لأن المدارس كثيرة-: أن القرآن معجز لأنه كلام الله جل وعلا، وكلام الله جل وعلا لا يمكن أن يشبه كلام المخلوق، وهذا القول هو الذي ذكره الطحاوي هنا قال (عَلِمْنَا وأَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر، وَمَنْ وَصَفَ الله بِمعنَى مِنْ مَعاني البشر، فقدْ كَفَر، فمن أبْصَرَ هذا اعْتَبر، وعَنْ مِثْلِ قول الكفَّارِ انْزَجَر، وعَلِمَ أنَّه بصفاته-التي منها القرآن- ليسَ كالبشر) وهذا القول الذي أشار إليه لو يتفرغ إليه الشارحون -شارحوا هذه الرسالة سواء من السلفيين أو من المبتدعة من الماتريديين وغيرهم- في تقرير هذه المسألة، وهو من أرفع وأعظم الأقوال؛ بل هو قول الحق في هذه المسألة: أنّ كلام الله جل وعلا لا يمكن أن يشبه كلام البشر.
خذ مثلا فيما يتميز به المخلوقات ترى فلانا فتقول هذا عربي، وترى آخر فتقول هذا أوروبي، وترى ثالثا فتقول هذا من شرق آسيا، لم؟ لأنّ الصفة العامة دلت على ذلك، ولو أخذ الآخذ يعدد لأخذ يعدد أشياء كثيرة متنوعة دلته على أن هذه الصورة هي صورة عربي، وهذه الصورة صورة أوربي، وهذه الصورة الخَلقية صورة من شرق آسيا وهكذا.
فإذن الصورة العامة بها تتفرق الأشياء، فالذي يدل على الفرقان ما بين شيء وشيء، وأهمها الصورة العامة له.
كلام الناس –إذا انتقلنا من الصورة الخَلقية- كلام الناس يختلف بعضه عن بعض، قول الصحابة إذا سمعنا كلاما نقول هذا من قول الصحابة أو من قول السلف؛ لأن كلامهم لا يشبه كلام المتأخرين، كما قال ابن رجب: كلام السلف قليل كثير الفائدة وكلام الخلف كثير قليل الفائدة. فكلام السلف له صورة عامة تعلم أن هذا من كلام السلف، فلو أتينا بكلام إنسان معاصر وبكلمات له كثيرة وقارناها بكلام السلف لاتضح الفرق.


الصفحة التالية
Icon