وإذا ابتلى الله جل وعلا العبد بذنب فإنه إذا عمله في خلوة أيسر مما إذا عمله في علن أو جهر به؛ لأن الله جل وعلا يستر على عبده، قد ثبت في صحيح البخاري أنّ النبي ﷺ قال «كل أمتي معافى -يعني يغفر له بالأسباب- إلا المجاهرون»، «كل أمتي معافى إلا المجاهرون»، قالوا: ومن المجاهرون يا رسول الله؟ قال «من يصبح وقد ستر الله عليه ذنبه فيصبح يتحدث للناس بما فعل في ليلته»، فالعبد إذا أبتلي بمعصية فإن المعصية إذا كانت سرا لم تضر إلا صاحبها، ويمنّ الله جل وعلا على عبده المنيب بالمغفرة، وأما إذا تحدث بها فإنها المجاهرة بمعصية الله يتحدث فعلت وفعلت من باب الاستعلاء وعدم رعاية حق الله في المعصية والاستهانة بالمعصية والتهاون بها.
لهذا قال بعض أهل العلم: إن العبد قد يعمل كبيرة من الكبائر فتظل نفسُه تلومه وتلومه وتلومه حتى يغفر الله جل وعلا له تلك المعصية الكبيرة باستغفاره وبإنابته، وإن العبد ليفعل المعصية من الصغائر فيظل يتهاون بها يتهاون بها ولا يراها شيئا حتى تؤول به إلى كبيرة.
وقد ثبت في الصحيح أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الرجل الكافر -أو قال المنافق- إذا همّ بالمعصية فكأنما مرّ على أنفه ذباب فقال به هكذا –يعني ليست بشيء، بعد فترة قليلة كأنه ما عمل شيئا- وإن العبد المؤمن أو قال الصالح إذا فعل معصية فكأنما على رأسه جبل يخشى أن يقع عليه. فالعبد المؤمن إذا كان تسرّه حسنته..... (١) وفعلت وقابل ونظر وغشيت وكذا وكذا وإلى آخر ذلك مفاخرا بذلك متهاونا به.
نسأل الله جل وعلا للجميع المغفرة والتوبة والإنابة وأن يمن علينا بالعمل الصالح وبمغفرة الذنوب جميعها. اقرأ
(((((

(١) يوجد قطع في الشريط.


الصفحة التالية
Icon