- فمن سمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كلامُ البشرِ، فَقَدْ كَفَرَ، وقد ذمَّهُ الله وعابَهُ وأوعَدهُ بسَقَر، حيث قال تعالى؟سَأُصْلِيهِ سَقَرَ؟[المدثر: ٢٦]، فَلَمَّا أَوْعَدَ اللهُ بِسَقَرٍ لمنْ قال ؟إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ؟[المدثر: ٢٥]، عَلِمْنَا وأَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر.
وَمَنْ وَصَفَ الله بِمعنَى مِنْ مَعاني البشر، فقدْ كَفَر، فمن أبْصَرَ هذا اعْتَبر، وعَنْ مِثْلِ قول الكفَّارِ انْزَجَر، وعَلِمَ أنَّه بصفاته ليسَ كالبشر.
[الشرح]
الحمد لله حق حمده وصلى الله وسلم على نبيه وعبده، وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليما مزيدا.
أما بعد:
قد مضى الكلام في الدرس الماضي عن كلام الله جل وعلا، وعلى أن القرآن كلام الحق سبحانه وتعالى، وعلى أنّ القرآن كلام الله جل وعلا بحروفه ومعانيه، وأنّ الله سبحانه تكلم به، فمنه بدأ فسمعه منه جبريل عليه السلام، وبلغه إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
وتقدم لنا إبطالَ قول القائل إن القرآن مخلوق، أو أنَّ الكلام عبارة عن كلام الله، أو قال أن كلام الله جل وعلا [محدث] وكلام الله جل وعلا قديم، ونحو ذلك من أقوال أهل البدع والضلالات؛ من أقوال المعتزلة والأشاعرة والفلاسفة وغلاة الصوفية، وتقدم لنا ذلك مختصرا في أوجه الرد على أولئك.
وفي مسألة الكلام النفسي ذكرنا بعض الأوجه، وسبق أن تقدم لنا في شرح الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ردود مزيدة على ما ذكرنا، وقد ردّ شيخ الإسلام ابن تيمية على من قال بالكلام النفسي بتسعين وجها، في رسالة مطبوعة سميت التسعينية؛ لأنها اشتملت على تسعين وجها تردّ قول من قال إن كلام الله جل وعلا نفسي؛ يعني أنه لم يتكلم بصوت يسمع وإنما ألقى ما أراده بروع جبريل.


الصفحة التالية
Icon