﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَلَهُمْ رِئَآءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الأٌّخِرِ﴾ وفي إعراب والذين ينفقون وجوه: أحدها: أنه مبتدأ محذوف الخبر، ويقدر: معذبون، أو قرينهم الشيطان، ويكون العطف من عطف الجمل. والثاني: أن يكون معطوفاً على الكافرين، فيكون مجروراً قاله: الطبري. والثالث: أن يكون معطوفاً على الذين يبخلون، فيكون إعرابه كإعراب الذين يبخلون. والعطف في هذين الوجهين من عطف المفردات. ورئاء مصدر راء، أو انتصابه على أنه مفعول من أجله، وفيه شروطه فلاينبغي أن يعدل عنه. وقيل: هو مصدر في موضع الحال قاله: ابن عطية، ولم يذكر غيره. وظاهر قوله: ولا يؤمنون أنه عطف على صلة الذين، فيكون صلة. ولا يضر الفصل بين إبعاض الصلة بمعمول للصلة، إذ انتصاب رئاء على وجهيه بينفقون. وجوّزوا أن يكون: ولا يؤمنون في موضع الحال، فتكون الواو واو الحال أي: غير مؤمنين، والعامل فيها ينفقون أيضاً. وحكى المهدوي: أنه يجوز انتصاب رئاء على الحال من نفس الموصول لا من الضمير في ينفقون، فعلى هذا لا يجوز أن يكون: ولا يؤمنون معطوفاً على الصلة، ولا حالاً من ضمير ينفقون، لما يلزم من الفصل بين أبعاض الصلة، أو بين معمول الصلة بأجنبي وهو رئاء المنصوب على الحال من نفس الموصول، بل يكون قوله: ولا يؤمنون مستأنف. وهذا وجه متكلف. وتعلق رئاء بقوله: ينفقون واضح، إما على المفعول له، أو الحال، فلا ينبغي أن يعدل عنه. وتكرار لا وحرف الجر في قوله: ولا باليوم الآخر مفيد لانتفاء كل واحد من الإيمان بالله، ومن الإيمان باليوم الآخر. لأنك إذا قلت: لا أضرب زيداً وعمراً، احتمل أن لا تجمع بين ضربيهما. ولذلك يجوز أن تقول بعد ذلك: بل أحدهما. واحتمل نفي الضرب عن كل واحد منهما علي سبيل الجمع، وعلى سبيل الإفراد. فإذا قلت: لا أضرب زيداً ولا عمراً، تعين هذا الاحتمال الثاني الذي كان دون تكرار.