﴿وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَنُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قًّرِيناً﴾ والفاء جواب الشرط، وساء هنا هي التي بمعنى بئس للمبالغة في الذم، وفاعلها على مذهب البصريين ضمير عام، وقريناً تمييز لذلك الضمير. والمخصوص بالذمّ محذوف وهو العائد على الشيطان الذي هو قرين، ولا يجوز أن يكون ساء هنا هي المتعدية ومفعولها محذوف وقريناً حال، لأنها إذ ذاك تكون فعلاً متصرفاً فلا تدخله الفاء، أو تدخله مصحوبة بقد. وقد جوّزوا انتصاب قريناً على الحال، أو على القطع، وهو ضعيف. وبولغ في ذمّ هذا القرين لحمله على تلك الأوصاف الذميمة. قال الزمخشري وغيره: ويجوز أن يكون وعيداً لهم بأن الشيطان يقرن بهم في النار انتهى. فتكون المقارنة إذ ذاك في الآخرة يقرن به في النار فيتلاعنان ويتباغضان كما قال: ﴿مقرنين في الأصفاد﴾ و﴿إذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين﴾. وقال الجمهور: هذه المقارنة هي في الدنيا كقوله: ﴿وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم﴾ ونقيض له شيطاناً فهو له قرين وقال قرينه ربنا ما أطغيته قال ابن عطية: وقرن الطبري هذه الآية بقوله تعالى: ﴿بئس للظالمين﴾ بدلاً وذلك مردود، لأنّ بدلاً حال، وفي هذا نظر. والذي قاله الطبري صحيح، وبدلاً تمييز لا حال، وهو مفسر للضمير المستكن في بئس على مذهب البصريين، والمخصوص بالذم محذوف تقديره: هم أي الشيطان وذريته. وإنما ذهب إلى إعراب المنصوب بعد نعم وبئس حالاً الكوفيون على اختلاف بينهم مقرر في علم النحو.
﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأٌّخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيماً﴾.