﴿ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ﴾ وقرأ النخعي وابن وثاب بضم العين والصاد وتخفيف الميم من عموا، جرت مجرى زكم الرجل وأزكمه، وحم وأحمه، ولا يقال: زكمه الله ولاحمه الله، كما لا يقال: عميته ولا صممته، وهي أفعال جاءت مبنية للمفعول الذي لم يسم فاعله وهي متعَدّية ثلاثية، فإذا بنيت للفاعل صارت قاصرة، فإذا أردت بناءها للفاعل متعدية أدخلت همزة التنقل وهي نوع غريب في الأفعال. وقال الزمخشري: وعموا وصموا بالضم على تقدير عماهم الله وصمهم أي: رماهم بالعمى والصمم كما يقال: نزكته إذا ضربته بالنيزك، وركبته إذا ضربته بركبتك انتهى. وارتفاع كثير على البدل من المضمر. وجوّزوا أن يرتفع على الفاعل، والواو علامة للجمع لا ضمير على لغة أكلوني البراغيث، ولا ينبغي ذلك لقلة هذه اللغة. وقيل: خبر مبتدأ محذوف تقديره هم أي: العمى والصم كثير منهم. وقيل: مبتدأ والجملة قبله في موضع الخبر. وضعف بأن الفعل قد وقع موقعه، فلا ينوي به التأخير. والوجه هو الإعراب الأول.
﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَلِثُ ثَلَثَةٍ﴾ ولا يجوز في العربية في ثالث ثلاثة إلا الإضافة، لأنك لا تقول ثلثت الثلاثة. وأجاز النصب في الذي يلي اسم الفاعل الموافق له في اللفظ أحمد بن يحيى ثعلب، وردّوه عليه جعلوه كاسم الفاعل مع العدد المخالف نحو: رابع ثلاثة، وليس مثله إذ تقول: ربعت الثلاثة أي صيرتهم بك أربعة.
﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَحِدٌ﴾ وإله رفع على البدل من إله على الموضع. وأجاز الكسائي إتباعه على اللفظ، لأنه يجيز زيادة من في الواجب، والتقدير: وما إله في الوجود إلا إله واحد أي: موصوف بالوحدانية لا ثاني له وهو الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon