(قلت): إما على قوله: ﴿الحمد لله﴾ على عنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق، لأنه ما خلقه إلا نعمة ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ فيكفرون نعمه وإما على قوله ﴿خلق السموات والأرض﴾ على معنى أنه خلق ما خلق، مما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه؛ انتهى. وهذا الوجه الثاني الذي جوزه لا يجوز، لأنه إذ ذاك يكون معطوفاً على الصلة والمعطوف على الصلة صلة، فلو جعلت الجملة من قوله: ﴿ثم الذين كفروا﴾ صلة لم يصح هذا التركيب لأنه ليس فيها رابط يربط الصلة بالموصول، إلا إن خرج على قولهم أبو سعيد الذي رويت عن الخدري يريد رويت عنه فيكون الظاهر قد وقع موقع المضمر، فكأنه قيل: ﴿ثم الذين كفروا به يعدلون﴾ وهذا من الندور، بحيث لا يقاس عليه ولا يجمل كتاب الله عليه مع ترجيح حمله على التركيب الصحيح الفصيح.
﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ﴾ وقال الزمخشري: (فإن قلت): المبتدأ النكرة إذا كان خبره ظرفاً وجب تقديمه فلم جاز تقديمه في قوله: ﴿وأجل مسمى عنده﴾.
(قلت): لأنه تخصيص بالصفة فقارب المعرفة، كقوله: ﴿ولعبد مؤمن خير من مشرك﴾ انتهى. وهذا الذي ذكره من مسوغ الابتداء بالنكرة لكونها وصفت لا يتعين هنا أن يكون هو المسوغ، لأنه يجوز أن يكون المسوغ هو التفصيل لأن من مسوغات الابتداء بالنكرة، أن يكون الموضع موضع تفصيل نحو قوله:
إذا ما بكى من خلفها انحرفت له
بشق وشق عندنا لم يحول
وقد سبق كلامنا على هذا البيت وبينا أنه لا يجوز أن يكون عندنا في موضع الصفة، بل يتعين أن يكون في موضع الخبر.
وقال الزمخشري: (فإن قلت): الكلام السائر أن يقال: عندي ثوب جيد ولي عبد كيس وما أشبه ذلك.