وما ذكره الزجاج وأوضحه ابن عطية صحيح من حيث المعنى، لكن صناعة النحو لا تساعد عليه لأنهما زعما أن ﴿في السماوات﴾ متعلق بلفظ ﴿الله﴾ لما تضمنه من المعاني ولا تعمل تلك المعاني جميعها في اللفظ، لأنه لو صرح بها جميعها لم تعمل فيه بل العمل من حيث اللفظ لواحد منها، وإن كان ﴿في السماوات﴾ متعلقاً بها جميعها من حيث المعنى، بل الأولى أن يعمل في المحرور ما تضمنه لفظ ﴿الله﴾ من معنى الألوهية وإن كان لفظ ﴿الله﴾ علماً لأن الظرف والمجرور قد يعمل فيهما العلم بما تضمنه من المعنى كما قال: أنا أبو المنهال بعض الأحيان. فبعض منصوب بما تضمنه أبو المنهال كأنه قال أنا المشهور بعض الأحيان.
وقالت فرقة: ﴿وهو الله﴾ تم الكلام هنا. ثم استأنف ما بعده وتعلق المجرور بـ﴿يعلم﴾ وقالت فرقة: ﴿وهو الله﴾ تام و﴿في السماوات وفي الأرض﴾ متعلق بمفعول ﴿يعلم﴾ وهو ﴿سركم وجهركم﴾ والتقدير يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض، وهذا يضعف لأن فيه تقديم مفعول المصدر الموصول عليه والعجب من النجاس حيث قال: هذا من أحسن ما قيل فيه، وقالت فرقة: هو ضمير الأمر والله مرفوع على الابتداء وخبره ﴿في السماوات﴾ والجملة خبر عن ضمير الأمر وتم الكلام. ثم استأنف فقال: ﴿وفي الأرض يعلم سركم وجهركم﴾ أي: ويعلم في الأرض.
وقيل: يتعلق ﴿في السماوات﴾ بقوله: ﴿تكسبون﴾ هذا خطأ، لأن ﴿ما﴾ موصولة بـ﴿تكسبون﴾ وسواء كانت حرفاً مصدرياً أم اسماً بمعنى الذي، فإنه لا يجوز تقديم معمول الصلة على الموصول. وقيل ﴿في السماوات﴾ حال من المصدر الذي هو ﴿سركم وجهركم﴾ تقدم على ذي الحال وعلى العامل. وقال الزمخشري: يجوز أن يكون ﴿الله في السماوات﴾ خبراً بعد خبر على معنى أنه الله وأنه في السموات والأرض بمعنى أنه عالم بما فيهما، لا يخفى عليه شيء منه كأن ذاته فيها وهو ضعيف، لأن المجرور بفي لا يدل على وصف خاص إنما يدل على كون مطلق وعلى هذه الأقوال ينبني إعراب هذه الآية.