﴿حَتَّى إِذَا جَآءُوكَ يُجَدِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ ومجيء الجملة الشرطية ﴿إذا﴾ بعد ﴿حتى﴾ كثير جدًّا في القرآن، وأوّل ما وقعت فيه قوله: ﴿وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح﴾ وهي حرف ابتداء وليست هنا جارة لإذا ولا جملة الشرط جملة الجزاء في موضع جر وليس من شرط ﴿حتى﴾ التي هي حرف ابتداء أن يكون بعدها المبتدأ، بل تكون تصلح أن يقع بعدها المبتدأ ألا ترى أنهم يقولون في نحو ضربت القوم حتى زيداً ضربته أن حتى فيه حرف ابتداء وإن كان ما بعدها منصوباً و﴿حتى﴾ إذا وقعت بعدها ﴿إذا﴾ يحتمل أن تكون بمعنى الفاء ويحتمل أن تكون بمعنى إلى أن فيكون التقدير فإذا ﴿جاؤوك يجادلونك﴾ يقول أو يكون التقدير ﴿وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً﴾ أي منعناهم من فهم القرآن وتدبره؟ إلى أن يقولوا: ﴿إن هذا إلا أساطير الأولين﴾ في وقت مجيئهم مجادليك لأن الغاية لا تؤخذ إلا من جواب الشرط لا من الشرط، وعلى هذين المعنيين يتخرج جميع ما جاء في القرآن من قوله تعالى ﴿حتى إذا﴾ وتركيب ﴿حتى إذا﴾ لا بد أن يتقدمه كلام ظاهر نحو هذه الآية ونحو قوله: فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال: أقتلت، أو كلام مقدر يدل عليه سياق الكلام، نحو قوله: ﴿آتوني زبر الحديا﴾ ﴿حتى إذا﴾ ساوى بين الصدقين قال: انفخوا حتى إذا جعله ناراً التقدير فأتوه بها ووضعها بين الصدقين ﴿حتى إذا﴾ ساوى بينهما قال: انفخوا فنفخه ﴿حتى إذا﴾ جعله ناراً بأمره وإذنه قال آتوني أفرغ ولهذا قال الفراء ﴿حتى إذا﴾ لا بد أن يتقدمها كلام لفظاً أو تقديراً، وقد ذكرنا في كتاب التكميل أحكام حتى مستوفاة ودخولها على الشرط، ومذهب الفراء والكسائي في ذلك ومذهب غيرهما. وقال الزمخشري: هنا هي ﴿حتى﴾ التي تقع بعدها الجمل والجملة قوله: ﴿إذا جاؤوك يقول الذين كفروا ويجادلونك﴾ في موضع الحال؛ انتهى. وهذا موافق لما ذكرناه، ثم قال: ويجوز أن تكون الجارة ويكون ﴿إذا جاؤوك﴾ في