﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَبِ﴾ في موضع الصفة لطائفة، والطائفة رؤساؤهم وأحبارهم. وقال ابن عطية: ويحتمل: من، أن تكون لبيان الجنس، وتكون الطائفة جميع أهل الكتاب، وما قاله يبعد من دلالة اللفظ، ولو، هنا قالوا بمعنى: أن فتكون مصدرية، ولا يقول بذلك جمهور البصريين، والأولى إقرارها على وضعها. ومفعول: ودّ، محذوف، وجواب: لو، محذوف، حذف من كلَ من الجملتين ما يدل المعنى عليه، التقدير: ودّوا إضلالكم لو يضلونكم لسرّوا بذلك، وقد تقدم لنا الكلام في نظير هذا مشبعاً في قوله: ﴿يود أحدهم لو يعمر ألف سنة﴾ فيطالع هناك.
﴿وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ جملة حالية.
﴿وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ وأما: يكتمون، فخبر حتماً لا يجوز فيه إلاَّ الرفع بمعنى أنه ليس معطوف على: تلبسون، بل هو استئناف، خبر عنهم أنهم يكتمون الحق مع علمهم أنه حق، وقال ابن عطية: قال أبو علي: الصرف ها هنا يقبح، وكذلك إضمار: أن، لأن: يكتمون، معطوف على موجب مقرر، وليس بمستفهم عنه، وإنما استفهم عن السبب في اللبس، واللبس موجب، فليست الآية بمنزلة قولهم: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، وبمنزلة، قولك: أتقوم فأقوم؟ والعطف على الموجب المقرر قبيح متى نصب، إلاَّ في ضرورة شعر، كما روي:
وألق بالحجاز فاستريحا
وقد قال سيبويه: في قولك: أسرت حتى تدخلها، الا يجوز إلاَّ النصب، في: تدخل، لأن السير مستفهم عنه غير موجب. وإذا قلنا: أيهم سار حتى يدخلها، رفعت، لأن السير موجب، والأستفهام إنما وقع عن غيره. إنتهى ما نقله ابن عطية عن أبي علي.