والظاهر تعارض ما نقل مع ما قبله، لأن ما قبله فيه: أن الأستفهام وقع على اللبس فحسب، وأما: يكتمون، فخبر حتماً لا يجوز فيه إلاّ الرفع، وفيما نقله ابن عطية أن: يكتمون، معطوف على موجب مقرر، وليس بمستفهم عنه، فيدل العطف على اشتراكهما في الإستفهام عن سبب اللبس وسبب الكتم الموجبين، وفرق بين هذا المعنى وبين أن يكون: ويكتمون، إخباراً محضاً لم يشترك مع اللبس في السؤال عن السبب، وهذا الذي ذهب إليه أبو علي من أن الإستفهام إذا تضمن وقوع الفعل لا ينتصب الفعل بإضمار أن في جوابه، تبعه في ذكل ابن مالك. فقال في (التسهيل) حين عد ما يضمر: أن، لزوماً في الجواب، فقال: أو لإستفهام لا يتضمن وقوع الفعل، فإن تضمن وقع الفعل م يجز النصب عنده، نحو: لم ضربت زيداً، فيجاز بك؟ لأن الضرب قد وقع ولم نر أحداً من أصحابنا يشترط هذا الشرط الذي ذكره أبو علي، وتبعه فيه ابن مالك في الإستفهام، بل إذا تعذر سبك مصدر مما قبله، إما لكونه ليس ثم فعل، ولا ما في معناه ينسبك منه، وإما لإسحالة سبك مصدر مراد استقباله لأجل مضي الفعل، فإنما يقدر فيه مصدر استقباله مما يدل عليه المعنى، فإذا قال: لم ضربت زيداً فأضربك. أي: ليكن منك تعريف بضرب زيد فضرب منا، وما ردّ به أبو عليّ على أبي إسحاق ليس بمتجه. لأن قوله: ﴿لم تلبسون﴾ ليس نصاً على أن المضارع أريد به الماضي حقيقة، إذ قد ينكر المستقبل لتحقق صدوره، لا سيما على الشخص الذي تقدم منه وجود أمثاله. ولو فرضنا أنه ماض حقيقة، فلا ردّ فيه على أبي إسحاق، لأنه كما قررنا قبل: إذا لم يمكن سبك مصدر مستقبل من الجملة، سبكناه من لازم الجملة.