والضمير في ﴿به﴾ عائد على المطر، وقيل التثبيت للأقدام معنوي والمراد به كونه لا يفر وقت القتال والضمير في ﴿به﴾ عائد على المصدر الدال عليه ﴿وليربط﴾ وانظر إلى فصاحة مجيء هذه التعليلات بدأ أولاً منها بالتعليل الظاهر وهو تطهيرهم من الجنابة، وهو فعل جسماني أعني اغتسالهم من الجنابة، وعطف عليه بغير لام العلة ما هو من لازم التطهير وهو إذهاب رجز الشيطان حيث وسوس إليهم بكونهم يصلون ولم يغتسلوا من الجنابة ثم عطف بلام العلة ما ليس بفعل جسماني، وهو فعل محله القلب، وهو التشجيع والاطمئنان والصبر على اللقاء وعطف عليه بغير لام العلة ما هو من لازمه وهو كونهم لا يقرّون وقت الحرب فحين ذكر التعليل الظاهر الجسماني والتعليل الباطن القلبيّ ظهر حرف التعليل وحين ذكر لازمها لم يؤكد بلام التعليل وبدأ أولاً بالتطهير لأنه الآكد والأسبق في الفعل ولأنه الذي تؤدي به أفضل العبادات وتحيا به القلوب.
وقال الزمخشري: إذ يوحىإِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} يجوز أن يكون بدلاً ثالثاً من ﴿إذ يعدكم﴾ وأن ينتصب بثبت، وقال ابن عطية: العامل في إذ العامل الأول على ما تقدم فيما قبلها ولو قدّرناه قريباً لكان قوله ﴿ويثبت﴾ على تأويل عود الضمير على الرّبط وأما عوده على الماء فيمكن أن يعمل ويثبت في إذ انتهى وإنما يمكن ذلك عنده لاختلاف زمان التثبيت عنده وزمان هذا الوحي.


الصفحة التالية
Icon