قرأ ابن عباس، وابن سيرين، والحسن، وأبو رجاء: ولا ادرأتكم به بهمزة ساكنة، وخرجت هذه القراءة على وجهين: أحدهما: أن الأصل أدريتكم بالياء فقلبها همزة عل لغة من قال: لبأت بالحج، ورثأت زوجي بأبيات، يريد: لبيت ورثيت. وجاز هذا البدل لأنّ الألف والهمزة من واد واحد، ولذلك إذا حركت الألف انقلبت همزة كما قالوا في العالم العألم، وفي المشتاق المشتأق. والوجه الثاني: أن الهمزة أصل وهو من الدر، وهو الدفع يقال: درأته دفعته، كما قال: ويدرأ عنها العذاب ودرأته جعلته دارئاً، والمعنى: ولأجعلنكم بتلاوته خصماء تدرؤونني بالجدال وتكذبونني. وزعم أبو الفتح إنما هي أدريتكم، فقلب الياء ألفاً لا نفتاح ما قبلها، وهي لغة لعقيل حكاها قطرب يقولون في أعطيتك: أعطأتك.
الفاعل بيعلم هو الله، والمفعول الضمير المحذوف العائد على ما.
والذي يظهر أنّ ما موصول يراد به الأصنام لا الشفاعة التي ادعوها، والفاعل بيعلم ضمير يعود على ما لا على الله، وذلك على حذف مضاف.
وقيل: أسرع هنا ليست للتفضيل، وحكاية ذلك عن أبيّ على هو مذهب. وفي بنائ التعجب وأفعل التفضيل من أفعل ثلاثة مذاهب: المنع مطلقاً وما ورد من ذلك فهو شاذ، والجواز مطلقاً، والتفصيل بين أن تكون الهمزة فيه للنقل فيمنع، أو لغير النقل فيجوز، نحو: أشكل الأمر وأظلم الليل، وتقرير الصحيح من ذلك هو في علم النحو وأما تنظير أسود من القار بأسرع ففاسد، لأن أسود ليس فعله على وزن أفعل، وإنما هو على وزن فعل نحو سود فهو أسود، ولم يمتنع التعجب ولا بناء أفعل التفضيل عند البصريين من نحو: سود وحمر وأدم إلاّ لكونه لوناً، وقد أجاز ذلك بعض الكوفيين في الألوان مطلقاً، وبعضهم في السواد والبياض فقط.
وقرأ باقي السبعة والجمهور: يسيركم من التيسير. قال أبو علي: هو تضعيف مبالغة، لا تضعيف تعدية، لأن العرب تقول: سرت الرجل وسيرته، ومنه قول الهذلي:
فلا تجز عن من سنة أنت سرتها