والمعنى أنّ أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لاستيد بها دونكم، فعلى هذا الظاهر أن قوله: أن أخالفكم في موضع المفعول لأريد، أي وما أريد مخالفتكم، ويكون خالف بمعنى خلف نحو: جاوز وجاز أي: وما أريد أن أخلفكم أي: أكون خلفاً منكم. وتتعلق إلى باخالفكم، أو بمحذوف أي: مائلاً إلى ما أنهاكم عنه، ولذلك قال بعضهم: فيه حذف يقتضيه إلى تقديره: وأميل إلى، أو يبقى أن أخالفكم على ظاهر ما يفهم من المخالفة، ويكون في موضع المفعول به بأريد، وتقدر: مائلاً إلى، أو يكون أن أخالفكم مفعولاً من أجله، وتتعلق إلى بقوله وما أريد بمعنى، وما أقصد أي: وما أقصد لأجل مخالفتكم إلى ما أنهاكم عنه، ولذلك قال الزجاج: وما أقصد بخلافكم إلى ارتكاب ما أنهاكم عنه. والظاهر أن ما مصدرية ظرفية أي مدة استطاعتي للإصلاح، وما دمت متمكناً منه لا آلوا فيه جهداً. وأجاز الزمخشري في ما وجوهاً أحدها: أن يكون بدلاً من الإصلاح أي: المقدر الذي استطعته، أو على حذف مضاف تقديره: إلا الإصلاح إصلاح ما استطعت، فهذان وجهان في البدل. والثالث: أن يكون مفعولاً كقوله:
ضعيف النكاية أعداءه. أي ما أريد إلا أن أصلح ما استطعت إصلاحه من فاسدكم، وهذا الثالث ضعيف، لأن المصدر المعرّف بأل لا يجوز إعماله في المفعول به عند الكوفيين، وأما البصريون فإعماله عندهم فيه قليل.


الصفحة التالية
Icon