قال الكرماني: أفعل هنا للمبالغة لا للشركة، كأنه يقول: ليس للمؤمن خسران ألبتة حتى يشركه فيه الكافر ويزيد عليه، وقد بينا كيفية الاشتراك بالنسبة إلى الدنيا والآخرة. وقال ابن عطية: والأخسرون جمع أخسر، لأن أفعل صفة لا يجمع إلا أن يضاف، فتقوى رتبته في الأسماء، وفي هذا نظر. انتهى. ولا نظر في كونه يجمع جمع سلامة وجمع تكسير. إذا كان بأل، بل لا يجوز فيه إلا ذلك، إذا كان قبله ما يطابقه في الجمعية فيقول: الزيدون هم الأفضلون، والأفاضل، والهندات هنّ الفضليات والفضل. وأما قوله: لا يجمع إلا أن يضاف، فلا يتعين إذ ذاك جمعه، بل إذا أضيف إلى نكرة فلا يجوز جمعه، وإن أضيف إلى معرفة جاز فيه الجمع والإفراد على ما قرر ذلك في كتب النحو.
(وانك لتُلقى القرآن)
وبنى الفعل للمفعول، وحذف الفاعل، وهو جبريل عليه السلام، للدلالة عليه في قوله: ﴿نزل به الروح الأمين﴾. ولقي يتعدى إلى واحد، والتضعيف فيه للتعدية، فيعدى به إلى اثنين.
﴿عَلِيمٍ * إِذْ قَالَ مُوسَى لأًّهْلِهِ إِنِّى آنَسْتُ نَاراً﴾
قيل: وانتصب ﴿إذ﴾ باذكر مضمرة، أو بعليم؛ وليس انتصابه بعليم واضحاً، إذ يصير الوصف مقيداً بالمعمول.
وجاء هنا: ﴿سآتيكم منها بخبر،﴾ وهو خبر، وفي طه: ﴿لعلي آتيكم منها بقبس﴾، وفي القصص: ﴿لعلي آتيكم منها بخير﴾، وهو ترج، ومعنى الترجي مخالف لمعنى الخبر. ولكن الرجاء إذا قوي، جاز للراجي أن يخبر بذلك، وإن كانت الخيبة يجوز أن تقع. وأتى بسين الاستقبال، إما لأن المسافة كانت بعيدة، وإما لأنه قد يمكن أن تبطىء لما قدر أنه قد يعرض له ما يبطئه.
﴿ءَاتِيكُمْ بِشِهَابٍ﴾
وقرأ الكوفيون: بشهاب منوناً، فقبس بدل أو صفة، لأنه بمعنى المقبوس. وقرأ باقي السبعة: بالإضافة، وهي قراءة الحسن. قال الزمخشري: أضاف الشهاب إلى القبس، لأنه يكون قبساً وغير قبس، واتبع في ذلك أبا الحسن. قال أبو الحسن: الإضافة أجود وأكثر في القراءة، كما تقول: دار آجر، وسوار ذهب.