وقال الزمخشري: فإن قلت: لم قيل: ﴿من شجرة﴾، على التوحيد دون اسم الجنس الذي هو شجر؟ قلت: أريد تفصيل الشجر ونقضها شجرة شجرة، حتى لا يبقى من جنس الشجر واحدة إلا قد بريت أقلاماً. انتهى. وهذا النوع هو مما أوقع فيه المفرد موقع الجمع، والنكرة موقع المعرفة، ونظيره: ﴿ما ننسخ من آية﴾، ﴿ما يفتح الله للناس من رحمة﴾، ﴿ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة﴾؛ وكقول العرب: هو أول فارس، وهذا أفضل عالم، يريد من الآيات ومن الرحمات ومن الدواب، وأول الفرسان. أخبروا بالمفرد والنكرة، وأرادوا به معنى الجمع المعرف بأل، وهو مهيع في كلام العرب معروف. وكذلك يتقدر هذا من الشجرات، أو من الأشجار. وفي هذا الكلام من المبالغة في تكثير الأقلام والمداد ما ينبغي أن يتأمل، وذلك أن الأشجار مشتمل كل واحدة منها على الأغصان الكثيرة، وتلك الأغصان كل غصن منها يقطع على قدر القلم، فيبلغ عدد الأقلام في التناهي إلى ما لايعلم به، ولا يحيط إلا الله تعالى.
والباء، وتحتمل السبية: أي تجري بسبب الريح وتسخير الله، وتحتمل الحالية، أي مصحوبة بنعمة الله، وهي ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات. وقال ابن عطية: الباء للالصاق. انتهى.
وقوله: وإذا غشيهم﴿أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ﴾، فيه التفات خرج من ضمير الخطاب في ﴿ليريكم﴾ إلى ضمير الغيبة في ﴿غشيهم﴾.
و﴿موج﴾: اسم جنس يفرق بينه وبين مفرده بتاء التأنيث، فهو يدل على الجمع، ولذلك شبهه بالجمع.
والجملة من لا يجزي صفة ليوم، والضمير محذوف، أي منه، فإما أن يحذف برمته، وإما على التدريج حذف الخبر، فتعدى الفعل إلى الضمير وهو منصوب فحذف.