﴿هل من خالق غير الله﴾: أي فلا إله إلا الخالق، ما تعبدون أنتم من الأصنام. وقرأ ابن وثاب، وشقيق، وأبو جعفر، وزيد بن علي، وحمزة، والكسائي: غير بالخفض، نعتاً على اللفظ، ﴿ومن خالق مبتدأ. ويرزقكم﴾: جوزوا أن يكون خبراً للمبتدأ، وإن يكون صفته، وأن يكون مستأنفاً، والخبر على هذين الوجهين محذوف تقديره لكم. وقرأ شيبة، وعيسى، والحسن، وباقي السبعة: ﴿غير﴾ بالرفع، وجوزوا أن يكون نعتاً على الموضع، كما كان الخبر نعتاً على اللفظ، وهذا أظهر لتوافق القراءتين؛ وأن يكون خبراً للمبتدأ، وأن يكون فاعلاً باسم الفاعل الذي هو خالق، لأنه قد اعتمد على أداة الاستفهام، فحسن إعماله، كقولك: أقائم زيد في أحد وجهيه؟ وفي هذا نظر، وهو أن اسم الفاعل، أو ما جرى مجراه، إذا اعتمد على أداة الاستفهام وأجرى مجرى الفعل، فرفع ما بعده، هل يجوز أن تدخل عليه من التي للاستغراق فتقول: هل من قائم الزيدون؟ كما تقول: هل قائم الزيدون؟ والظاهر أنه لا يجوز. ألا ترى أنه إذا جرى مجرى الفعل، لا يكون فيه عموم خلافه إذا أدخلت عليه من، ولا أحفظ مثله في لسان العرب، وينبغي أن لا يقدم على إجازة مثل هذا إلا بسماع من كلام العرب؟ وقرأ الفضل بن إبراهيم النحوي: غير بالنصب على الاستثناء، والخبر إما يرزقكم وإما محذوف، ويرزقكم مستأنف؛ وإذا كان يرزقكم مستأنفاً، كان أولى لانتفاء صدق خالق على غير الله، بخلاف كونه صفه، فإن الصفة تقيد، فيكون ثم خالق غير الله، لكنه ليس برازق. ومعنى ﴿من السماء﴾: بالمطر، ﴿والأرض﴾: بالنبات، ﴿لا إله إلا هو﴾: جملة مستقلة لا موضع لها من الإعراب.
و﴿الذين كفروا﴾، ﴿والذين آمنوا﴾. مبتدآن، وجوز بعضهم في ﴿الذين كفروا﴾ أن يكون في موضع خفض بدلاً ﴿من أصحاب السعير﴾، أو صفة، وفي موضع نصب بدلاً من حزبه، وفي موضع رفع بدلاً من ضمير ﴿ليكونوا﴾، وهذا كله بمعزل من فصاحة التقسيم وجزالة التركيب.