وقال الضحاك: ﴿كانوا قليلاً﴾، أي في عددهم، وثم خبر كان، ثم ابتدأ ﴿من الليل ما يهجعون﴾، فما نافية، وقليلاً وقف حسن، وهذا القول فيه تفكيك للكلام، وتقدم معمول العامل المنفي بما على عامله، وذلك لا يجوز عند البصريين، ولو كان ظرفاً أو مجروراً. وقد أجاز ذلك بعضهم، وجاء في الشعر قوله:
إذا هي قامت حاسراً مشمعلةيحسب الفؤاد رأسها ما تقنعفقدم رأسها على ما تقنع، وهو منفي بما، وجوزوا أن تكون ما مصدرية في موضع رفع بقليلاً، أي كانوا قليلاً هجوعهم، وهو إعراب سهل حسن، وأن تكون ما موصولة بمعنى الذي، والعائد محذوف تقديره: ﴿كانوا قليلاً من الليل﴾ من الوقت الذي يهجعون فيه، وفيه تكلف.
مثلُ بالرفع: صفة لقوله: لحق﴿وَالأٌّرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾؛ وباقي السبعة، والجمهور: بالنصب، وقيل: هي فتحة بناء، وهو نعت كحاله في قراءة من رفع. ولما أضيف إلى غير متمكن بنى، وما على هذا الإعراب زائدة للتوكيد، والإضافة هي إلى أنكم تنطقون. وقال المازني: بنى مثل، لأنه ركب مع ما، فصار شيئاً واحداً، ومثله: ويحما وهيما وابنما، قال حميد بن ثور:
ألا هيما مما لقيت وهيماوويحاً لمن لم يلق منهن ويحما
قال: فلولا البناء لكان منوناً، وقال الشاعر:
فأكرم بنا أو أماً وأكرم بنا ابنما
انتهى هذا التخريج. وابنما ليس ابنا بني مع ما، بل هذا من باب زيادة الميم فيه، واتباع ما في الآخر، إذ جعل في الميم الإعراب. تقول: هذا ابنم، ورئت ابنما، ومررت بابنم، وليست ما في الثلاث في ابنما مركبة مع ما، كما قال: الفتحة في ابنما حركة إعراب، وهو منصوب على التمييز، وأنشد النحويون في بناء الاسم مع الحرف قول الراجز: