والسماء﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْءَانَ * خَلَقَ الإِنسَنَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَآءَ﴾، بالنصب على الاشتغال، روعي مشاكلة الجملة التي تليه وهي ﴿يسجدان﴾. وقرأ أبو السمال: والسماء بالرفع، راعى مشاكلة الجملة الابتدائىة. وقرأ الجمهور: ﴿ووضع الميزان﴾، فعلاً ماضياً ناصباً الميزان، أي أقره وأثبته. وقرأ إبراهيم: ووضع الميزان، بالخفض وإسكان الضاد.
﴿أن لا تطغو في الميزان﴾: أي لأن لا تطغوا، فتطغوا منصوب بأن. وقال الزمخشري: أو هي أن المفسرة. وقال ابن عطية: ويحتمل أن تكون أن مفسرة، فيكون تطغوا جزماً بالنهي. انتهى، ولا يجوز ما قالاه من أن أن مفسرة، لأنه فات أحد شرطيها، وهو أن يكون ما قبلها جملة فيها معنى القول.
﴿ووضع الميزان﴾ جملة ليس فيها معنى القول.
وحكى ابن جني وصاحب اللوامح، عن بلال: فتح التاء والسين مضارع خسر بكسر السين، وخرجها الزمخشري على أن يكون التقدير: في الميزان، فحذف الجار ونصب، ولا يحتاج إلى هذا التخريج. ألا ترى أن خسر جاء متعدياً كقوله تعالى: خسروا أنفسهم﴿بِالْقِسْطِ وَلاَ﴾، و﴿خسر الدنيا والآخرة﴾؟
وقرأ الجمهور: ﴿والحب ذو العصف والريحان﴾، برفع الثلاثة عطفاً على المرفوع قبله؛ وابن عامر وأبو حيوة وابن أبي عبلة: بنصب الثلاثة، أي وخلق الحب. وجوزوا أن يكون ﴿والريحان﴾ حالة الرفع وحالة النصب على حذف مضاف، أي وذو الريحان حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه؛ وريحان من ذوات الواو. وأجاز أبو علي أن يكون اسماً، ووضع موضع المصدر، وأن يكون مصدراً على وزن فعلان كاللبان. وأبدلت الواو ياء، كما أبدلوا الياء واواً في أشاوى، أو مصدراً شاذاً في المعتل، كما شذ كبنونة وبينونة، فأصله ريوحان، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء فصار ريحان، ثم حذفت عين الكلمة، كما قالوا: ميت وهين.


الصفحة التالية
Icon