ومثال ذلك أيضا : تفسيرهم للصراط المستقيم فقال بعضهم: " وفي المراد بالصراط هاهنا أربعة أقوال أحدها : أنه كتاب الله روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا.
والثاني أنه دين الإسلام قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن و أبو العالية.
والثالث أنه الطريق الهادي إلي دين الله رواه أبو صالح عن ابن عباس وبه قال مجاهد.
والرابع أنه طريق الجنة نقل عن ابن عباس أيضا." (١)
ولا تعارض بين هذه المعاني فكلها تدور في فلك واحد ؛ فالصراط المستقيم هو طريق الإسلام والكتاب هو المنهاج له وهو طريق الهدى والفوز بالجنة.
ومثال ذلك أيضا تفسيرهم لقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ (٢).
قال ابن كثير :" وقال مجاهد في قوله (لما يحييكم ) قال : الحق، وقال قتادة :( لما يحييكم ) قال هو هذا القرآن فيه النجاة والتقاة والحياة وقال السدي :" في الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر "، وعن عروة بن الزبير ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) أي للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل وقواكم بها بعد الضعف ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم.(٣)
وكل هذه المعاني محتملة فالإسلام حياة القلوب وفي القرآن حياة للنفوس، وبالجهاد تحيا البشرية آمنة مطمئنة، وبه حماية ودفاع وحقن لأرواح الأبرياء وصد للمعتدين، فلا سبيل إلي حياة عزيزة أبية إلا بالإسلام والقرآن والجهاد والعلم.
أن يفسر بعضهم المعنى ببيان بعض ما يندرج تحته من أنواع، أو يفسره بذكر مثال له :
(٢) - سورة الأنفال : ٢٤
(٣) - تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير ٢/ ٢٧٣ وزاد المسير ٣ ٣٣٨ ومفاتيح الغيب - التفسير الكبير للرازي ٥ /١٣٢