وذلك أيضا من أسباب اختلاف المفسرين ومثاله : ما ورد في تفسير قوله تعالى ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ ﴿٢٣﴾ سورة يوسف
روى الطبري في تفسيره عن السدي وعن ابن أبي نجيح: وابن إسحاق وعن مجاهد: ﴿قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي﴾ قال: سيدي. يعني: زوج المرأة (١)
وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط " والضمير في ( إنه ربي) الأصح أن يعود إلي الله تعالى، أي إن الله ربي أحسن مثواي إذ نجاني من الجب وأقامني في أحسن مقام٠٠٠ " (٢)
*والذي أرجحه هو : أن الضمير عائد إلى لفظ الجلالة، كما ذكر ذلك أبو حيان وغيره وذلك لأن مراعاة يوسف - عليه السلام - لحقوق الله تعالى وصونه لنعمه : يتضمن مراعاة حقوق العباد، وقوله تعالى ﴿ إنه لا يفلح الظالمون ﴾ : الذين يسلبون حقوق الآخرين، ويفرطون في العهود، ويخونون الأمانات وينتهكون الحرمات ومراعاة حق الله عز وجل مقدم على مراعاة حق العباد ٠
ومن ذلك أيضا اختلافهم في عودة الضمير في قوله تعالى ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ سورة فاطر ١٠
فقيل يرجع إلي المولى عز وجل فهو الذي يرفع العمل الصالح، وقيل يرجع إلى العمل الصالح والمعنى : والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، وقيل يرجع إلى الكلم الطيب فهو الذي يرفع العمل الصالح.
وأقول كلاهما ينهض بصاحبه، والله عز وجل هو الذي يرفع ويقبل.
(٢) - البحر المحيط لأبى حيان ٥/ ٢٩٤