*ويمكن توجيه القراءة علي : أنها فوضت العلم إلى الله فقالت ( والله أعلم بما وضعتُ ) ٠
لأن قولها ( إني وضعتها أنثى ) للاعتذار، لا للإعلام، فالله سبحانه لا تخفى عليه خافية ٠
ولقد توجه الإشكال إلي هذه القراءة بأنها لو كانت حكاية لكلام أم مريم وتمام خطابها لكان الأولى أن تقول ( رب إني وضعتها أنثى، وأنت أعلم بما وضعتُ ) ؟ ويمكن الإجابة علي هذا الإشكال بأن جملة ( والله أعلم بما وضعتُ ) التفات من الخطاب إلي الغيبة والالتفات صورة رائعة من صور البلاغة ٠
ثانيا : وعلي القراءة الثانية (وضعتْ ): فهي جملة اعتراضية، وقد سيقت تعظيما لشأن المولودة، و بيانا لعلو منزلتها، وسمو قدرها، اصطفاها الله وطهرها، وجعلها وابنها آية للعالمين ٠
والجملة من كلام الله - عز وجل -، وليست من تمام كلام امرأة عمران ٠
والقراءتان متواترتان ولا تناقض بينهما ؛ فكل قراءة لها توجيه مفيد في فهم المعنى، وتعدد القراءات في الكلمة الواحدة مع اتفاق المعاني وانسجامها، وتكاملها، وجه من وجوه الإعجاز القرآني ولون من ألوان بلاغته ٠
هذا والمتأمل في اختلاف القراءات يجدها على النحو التالي :
الأول : أن تختلف القراءتان في اللفظ وتتفقا في المعنى مثل (الصراط والسراط )و (يحسَِب ) بفتح السين وكسرها، و(مَِرفَِقا)بفتح الميم وكسر الفاء والعكس، فالمعنى واحد.
والحكمة في هذا النوع من الاختلافات تيسير القراءة على ذوي اللهجات المختلفة.