الثاني : أن تضيف القراءة معنى جديدا لا يتعارض مع المعنى الأول ولا يناقضه فكلا المعنيين صحيح، وذلك كما في قوله تعالى ﴿ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ﴾ (١) قرئ (ننشزها، و (ننشرها ) لأن المراد في القراءتين العظام فقوله تعالى (ننشرها ) بمعنى نحييها، وقوله تعالى( ننشزها ) أي نضم بعضها إلي بعض حتى تلتئم، " ولا تناقض بين المعنيين لأن الله تعالى إذا أراد بعث الخلائق ضم عظامهم بعضها إلى بعض ثم يحييها للجزاء " (٢)
الثالث اختلافهما في اللفظ والمعنى مع امتناع جواز اجتماعهما في شئ واحد، لكن يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد.
ومثاله قوله تعالى ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ (٣)قرئ بالتشديد والتخفيف في " كُذِّبوا "، و" كذَبوا" فالتشديد : يعني: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذّبوهم، و التخفيف يعني : وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذَبوهم - أي كذبوا عليهم - فيما أخبروهم به، فلا تعارض بين المعنيين.(٤)
ومن هنا فلا يمكن أن يكون هناك تعارض بين قراءتين متواترتين لأن كلاهما وحي من الله تعالى وكلام الله عز وجل منزه عن التناقض والاضطراب.
الاختلاف في القول بالنسخ :

(١) - سورة البقرة : ٢٥٩
(٢) - القراءات في نظر المستشرقين والملحدين للشيخ عبد الفتاح القاضي ص ١٥ ويراجع القراءات أحكامها ومصادرها للشيخ الدكتور شعبان محمد إسماعيل ص ١٣١
(٣) -سورة يوسف : ١١٠
(٤) - يراجع لطائف الإشارات للقسطلاني ١ / ٣٧، ٣٨


الصفحة التالية
Icon