الثالث أن هذه الحادثة من إفشاء السر، كادت تؤدي إلي طلاق زوجات الرسول - عليه السلام - حتى اعتزلهن شهرا، نظرا لدقة الموضوع وشدة حساسيته مما أغضب الرسول - ﷺ - حتى حلف عليهن، وذلك إنما يكون في أمر مهم، مثل تحريمه لبعض النساء، وحلفه ألا يقرب " مارية القبطية " إرضاء لأزواجه واستكتم البعض منهن في هذا الأمر، فأفشت السر فهذا ما يرجح الرواية الأولي ٠ (١)
أقول : والراجح في سبب نزول هذه الآيات هو ما ورد عن تحريم مارية رضي الله عنها وذلك لموافقة هذه القصة لسياق الآيات الكريمة، وأما قضية تحريم العسل، وقول بعض السلف نزلت فيه فالمراد منه أن الآيات تشمل قضية بعمومها علي ما عرف من عادة السلف في قولهم نزلت في كذا (٢) ٠ والله أعلم
قواعد مهمة في أسباب النزول
من المعلوم أن أسباب النزول تنقسم باعتبار الثبوت إلى قسمين
صحيح، وضعيف، وعلى هذا فلا بد من مراعاة الصحة عند الترجيح بين الروايات الواردة في أسباب النزول، فيقدم الصحيح علي الضعيف، فإذا صحت الروايات جميعا فيراعى درجات الصحة، علي سبيل المثال نقدم ما رواه الشيخان علي ما رواه أحدهما وما رواه أحدهما علي ما رواه غيرهما، وهكذا تراعي درجات الصحة.
كما تنقسم من حيث دلالتها إلي قسمين :
صريح وهو ما صرح فيه الراوي بسبب النزول مثل قوله : سبب نزول هذه الآية كذا أو حدث كذا أو سئل النبي صلي الله عليه وسلم عن كذا فأنزل الله تعالى قوله كذا، أو فأوحي الله إلى نبيه كذا.
(٢) - يقول الإمام الزركشى فى البرهان، وما يذكره المفسرون من أسباب متعددة لنزول الآية قد يكون من هذا الباب لا سيما وقد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية فى كذا فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب فى نزولها ٠ البرهان فى علوم القرآن ١ / ٣٢ ٠