وقال الإمام السيوطي في الإتقان :"الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الأيات في جميع القرآن هو أنك تنظر للغرض الذي سيقت له السورة، وتنظر ما يحتاجه ذلك الغرض من مقدمات، وتنظر في مراتب تلك المقدمات قربا وبعدا من المطلوب، وتنظر عند انجرار الكلام في المقدمات إلي ما يستتبعه من استشراف نفس السامع إلي الأحكام واللوازم التابعة له التي تقتضي البلاغة شفاء العليل بدفع عناء الاستشراف إلي الوقوف عليها، وبهذا يتبين لك وجه النظم مفصلا بين كل آية وآية في كل سورة " (١).
من هنا " ؛ فلا بد من النظرة الكلية الشاملة والتأمل في مقاصد السورة وتعيين المحور العام الذي تدور حوله، وتقسيم الآيات إلي مقاطع كل مقطع يمثل وحدة موضوعية واحدة مترابطة ومستمسكة ومتناسقة مع سابقها ولاحقها " (٢) ٠
نموذج من التفسير : من ذلك ما ذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَي التَّهْلُكَة {١٩٥ ﴾ سورة البقرة
فإن هذه الجملة الكريمة لا يمكن فهمها مجردة من سياقها، وفي ذلك يقول الشيخ سعيد حوي رحمه الله :"وأما النهي عن إهلاك النفس فإذا نظرنا إلي النص مجردا كان له معنى وإذا نظرنا إليه من خلال الآية التي هو فيها أعطانا معنى آخر وإذا نظرنا إليه أنه جزء من السياق أعطانا معنى جديدا وكل هذه المعاني مرادة وكلها قد ذكرها أئمة التفسير عند شرح الآية فإذا نظرنا إلي النص مجردا فهمنا منه أنه نهي عن قتل أنفسنا، أي لا تقتلوا أنفسكم بأيديكم كما يقال أهلك فلان نفسه بيده إذا تسبب في هلاكها، وهل يدخل في ذلك ما لو أمر إنسان بمعروف أو نهي عن منكر فقتل ؟ الجواب لا ؛ بل هو مأجور، ويدخل في ذلك ما إذا هاجم الكفارَ وألقى بنفسه عليهم فقتل ؟ قالت الحنفية إذا كان بفعله هذا ينكي فيهم ويلقي الرعب في قلوبهم. "
(٢) -موقف الشوكاني في تفسيره من المناسبات للمؤلف ص ١٧