وإذا نظرنا إلي هذا الأمر ووروده بعد الأمر بالإنفاق فهمنا منه أنه نهي عن ترك الإنفاق في سبيل الله، لأنه سبب للإهلاك ويؤيد ذلك ما رواه البخاري عن حذيفة في الآية قال نزلت في الإنفاق (١) ".
وأورد الشيخ سعيد أقوالا أخرى عن ابن عباس وعن الضحاك وعن سعيد بن جبير وعن الحسن البصري تؤيد ذلك، ثم أتبعها بقوله :" وإذا نظرنا إلي هذا النهي من خلال وروده بعد آيات القتال فهمنا منه أنه نهي عن ترك الجهاد وأورد الشيخ سعيد قصة أبي أيوب الأنصاري، وعقب ذلك بقوله :" وقد لاحظنا أن هذه الاتجاهات الثلاثة الرئيسية في فهم هذا النص، سببها ملاحظة النص مجردا، أو السياق القريب، أو السياق العام وهذا من أبرز الأمثلة الدالة علي أن القرآن لا تتناهي معانيه (٢)
قال الإمام الطبري رحمه الله :" اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، ومن عني بقوله: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة﴾ فقال بعضهم: عني بذلك: ﴿وأنفقوا في سبيل الله﴾ وسبيل الله: طريقه الذي أمر أن يسلك فيه إلى عدوه من المشركين لجهادهم وحربهم، ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ يقول: ولا تتركوا النفقة في سبيل الله، فإن الله يعوضكم منها أجرا ويرزقكم عاجلا. ثم ذكر من قال ذلك: فأورد بسنده عن حذيفة: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة﴾ قال: يعني في ترك النفقة.
وروى بسنده أقوالا لابن عباس منها :﴿ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة﴾ قال: ليس التهلكة أن يقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله.
وبسنده عن عكرمة وقتادة ومجاهد والسدي وغيرهم نحوه.
(٢) - الأساس في التفسير للأستاذ سعيد حوى رحمه الله ١ / ٤٤٧