وفي ذلك يقول الإمام القرطبي :" قوله تعالى: "إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك"... وقال جماعة من أهل المعاني منهم الضحاك والفراء في قوله تعالى: "إني متوفيك ورافعك إلي" على التقديم والتأخير؛ لأن الواو لا توجب الرتبة. والمعنى: إني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء ؛ كقوله: "ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمي" [طه: ١٢٩]؛ والتقدير ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمي لكان لزاما. قال الشاعر:
ألا يا نخلة من ذات عرق عليك ورحمة الله السلام
أي عليك السلام ورحمة الله.
وقال الحسن وابن جريح: معنى متوفيك قابضك ورافعك إلى السماء من غير موت؛ مثل توفيت مالي من فلان أي قبضته. وقال وهب بن منبه: توفى الله عيسى عليه السلام ثلاث ساعات من نهار ثم رفعه إلي السماء. وهذا فيه بعد؛ فإنه صح في الأخبار عن النبي صلي الله عليه وسلم نزوله وقتله الدجال علي ما بيناه في كتاب التذكرة، وفي هذا الكتاب حسب ما تقدم ويأتي.
وقال ابن زيد: متوفيك قابضك، ومتوفيك ورافعك واحد ولم يمت بعد... والصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد، وهو اختيار الطبري، وهو الصحيح عن ابن عباس، وقاله الضحاك. " (١).
تنوع ثقافة كل مفسر

(١) - نفس المرجع ٤ / ٦٤ ويراجع جامع البيان للطبري ٣ / ٢٨٩


الصفحة التالية
Icon