لنرجع سويا إلي ما كتبه الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية حيث قال :" قوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيد" لما بين هذه الآيات قال: وفي السماء آيات وعبر تدل علي أن الصانع قادر علي الكمال، فعطف أمر السماء علي قصة قوم نوح لأنهما آيتان. ومعنى "بأيد" أي بقوة وقدرة. عن ابن عباس وغيره. "وإنا لموسعون" قال ابن عباس: لقادرون. وقيل: أي وإنا لذو سعة، وبخلقها وخلق غيرها لا يضيق علينا شيء نريده. وقيل: أي وإنا لموسعون الرزق علي خلقنا. عن ابن عباس أيضا. الحسن: وإنا لمطيقون. وعنه أيضا: وإنا لموسعون الرزق بالمطر. وقال الضحاك: أغنيناكم؛ دليله: "على الموسع قدره" [البقرة: ٢٣٦]. وقال القتبي: ذو سعه على خلقنا. والمعنى متقارب. وقيل: جعلنا بينهما وبين الأرض سعة. الجوهري: وأوسع الرجل أي صار ذا سعة وغني، ومنه قوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" أي أغنياء قادرون. فشمل جميع الأقوال. "(١)
ولما تحدث القرآن الكريم عن وسائل المواصلات التي هيأها المولى عز وجل لنا لم تتوقف الآيات عند حد الوسائل القديمة التقليدية ولكنها حلقت بنا في أجواء أخرى أمام وسائل أخرى أسفر عنها زماننا ولا يزال الباب مفتوحا والتحدي قائما والقرآن سابقا لكل عصر قال تعالى ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {٨﴾ } سورة النحل
ومما يحسب للمتقدمين من المفسرين أنهم تجاوزوا حدود هذه الدنيا الفانية ليحدثونا عن نعيم الجنة وما فيه من مراكب عجيبة خلقها الله عز وجل ليستمتع بها أهل الجنة :
قال الطبري رحمه الله " وقوله: ﴿ويخلق ما لا تعلمون﴾ يقول تعالى ذكره: ويخلق ربكم مع خلقه هذه الأشياء التي ذكرها لكم ما لا تعلمون مما أعد في الجنة لأهلها وفي النار لأهلها مما لم تره عين ولا سمعته أذن ولا خطر علي قلب بشر.". (٢)
(٢) - جامع البيان للطبري ١٤ / ٨٣