أما ما ورد من أقوال مختلفة في التفسير لا يمكن الجمع بينها بوجه من الوجوه : فسبيلنا فيها : أن ننظر في صحة تلك الآراء المتناقضة فنقدم الصحيح علي الضعيف، ويقدم تفسير الصحابة علي تفسير التابعين، فإن كان الخلاف في تفسير الصحابة ينظر في الأمر : فإن كان للصحابي الواحد قولان متناقضان ينظر في المتأخر منهما فيعتمد لأنه يدل علي تراجعه عن رأيه القديم، فقد يرى رأيا ثم يثبت له بعد ذلك ضعفه، وإن خالف الصحابي الواحد سائر الصحابة يقدم رأي جمهور الصحابة علي رأي الواحد منهم، وإن خالف رأيُ صحابي رأيَ صحابي آخر يقدم رأي أرسخهما قدما في التفسير كابن عباس رضي الله عنهما وهذا ما ذهب إليه الزركشي لأن الرسول - ﷺ - دعا لابن عباس فقال " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ".(١)
أما إذا تعارض التفسير بالرأي مع التفسير النبوي ولم يمكن التوفيق بينهما : فيقدم التفسير النبوي لأنه لا اجتهاد مع نص، وكذا إذا تعارض التفسير بالرأي مع ما ثبت من أقوال الصحابة " لأن ما يصح نسبته إلى الصحابة في التفسير النفس إليه أميل ؛ لاحتمال سماعه من الرسول - ﷺ -، ولما امتازوا به من الفهم الصحيح والعمل الصالح ولما اختصوا به من معاينة أسباب التنزيل، لكن إذا تعارض التفسير بالرأي مع تفسير التابعي ينظر في المسألة فإن كان التابعي مما لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب أو كان التفسير في ما فيه مجال للرأي فحينئذ نلجأ للترجيح بين التفسير بالرأي وقول التابعي إلا إذا كان إجماعا للتابعين فإنه يقدم علي التفسير بالرأي وذلك كله بشرط وجود التعارض الحقيقي أما إذا تيسر الجمع بين المعقول والمنقول فلا نلجأ إلي الترجيح.