والرأي المختار في تفسير ( فضحكت ) هو ما ذهب إليه جمهور المفسرين : أن الضحك هنا علي حقيقته، وسببه الفرح والتعجب، فرحت حين سمعت الملائكة الكرام يخبرون إبراهيم - عليه السلام - بأمر نجاة لوط - عليه السلام - ومن آمن معه وهلاك المكذبين به المعرضين عن دعوته وتعجبت من حال الهالكين، كيف يتمادون في الضلال ويصرون علي الانحلال مع قرب هلاكهم ؛ فالأولي بهم أن يتوبوا إلي الله قبل فوات الأوان ٠ (١).
ثانيا : الاختلاف المحمود
أما الاختلاف المحمود : فهو اختلاف التنوع أو التلازم وهو كما عرفه السيوطي في الإتقان : هو ما يوافق الجانبين كاختلاف وجوه القراءة …. (٢) وهذا النوع من الاختلاف مفيد في فهم المعنى وفيه إثراء له.
وله أسباب عديدة : نذكرها ونورد أمثلة عليها ونبين الضوابط والقواعد التي نتعامل بها.
فنقول وبالله التوفيق :
أسبابه :
اختلاف التعبير :
كأن يعبر كل مفسر عن المعنى الواحد بعبارات شتى تدور كلها حول هذا المعنى، أو تكتمل بها صورته ويستقر المعنى في الأذهان، أو أن يفسر بعضهم اللفظ بمعان متنوعة لكنها تدور في محور واحد: وبعض المفسرين قد يفسر المعنى بمثال عليه أو بلازمه.
مثال ذلك تفسيرهم لقوله تعالى في سورة الأنعام ﴿ وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ {٧٠﴾ } فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿أن تبسل﴾ قال: تفضح. وفي قوله ﴿أبسلوا﴾ قال: فضحوا. وعنه في قوله ﴿أن تبسل﴾ قال: تسلم. وفي قوله ﴿أبسلوا بما كسبوا﴾ قال: أسلموا بجرائرهم.

(١) - يراجع بالتفصيل كتابي المرأة في القصص القرآني ١ / ١٦٦: ١٦٩
(٢) - الإتقان ٢/٣١


الصفحة التالية
Icon