... الحمد لله الأول بلا بداية، والآخر بلا نهاية، الواحد من غير عدد، الباقي إلى غير غاية ولا أمد، الذي خلق الخلق من حيوان ومَوات، وفضَّل بعضَهم على بعضٍ درجات، وخالف بين ألوانهم واللغات، آيات تدلنا على وحدانيته وبيّنات، تقودنا إلى فردانيّته، كما قال عزّ وجل :[وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ] (١) وبعث النبيين مبشرين ومنذرين بألْسِنةٍ مُختلفةٍ ولُغاتٍ شتّى، كلّ رسولٍ بلسان قومه كما قال تعالى :[ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ] (٢)، حتى أفْضتْ الرسالة إلى نبينا محمد عليه السلام، فأبْرزَه في أشرف القبائل، وأكرم المناصب، وأرسله إلى الخلق كافة، فضيلة اختصه بها من بينهم، ودرجة فضَّله بها عليهم، فأكمل به الرسالات، وختم به النبوات، وبعثه بأفصح اللغات، وأعطاه كتابا سمّاه قرآنا، ولِما قد تقدم من الكتب مُبيِّنا وفُرقانا، فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، قائماً بالحق، ناطقاً بالصدق، حتى توفاه الله راضياً عنه مرضياً، هادياً مهدياً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسانٍ، وسلم تسليما ٠
... أمَّا بَعدُ ٠٠٠
فإنَّا وجدنا لغات الأمم أكثرَ من أنْ يُحصيها أحد، أو يحيطَ بها محيط، كل أمة تتكلم بلسانها، ولا يعرفون غير / لغتهم إلاّ القليل، ليترجم بعضهم لبعض ووجدنا ٢ب أفضل لغات الأمم كلها أربعة : العربية، والعبرانية، والسريانية، والفارسية ؛ لأنَّ الله أنزل كُتبه على أنبيائه بالسريانية والعبرانية، وروينا عن عليّ عليه السلام أنه قال : كان للمجوس كتاب بالفارسية ٠

(١) الروم ٢٢
(٢) إبراهيم ٤


الصفحة التالية
Icon