وكان النبي عليه السلام في منزلته من الله، ومحله من النبوة، وفضله على جميع الأنبياء يستحسن الشعر، ويستنشده، ويغضب من قبيل الشعر، ويقبل عليه، ويعفو به عن المخطئين، ويقبل منهم التوبة، ويعطي على قيل الشعر، ويأمر حسان بأن يهجوَ قريشاً، وأن يأتيَ أبا بكرٍ ليخبرَه بمعايبهم، وكان أبو عزة الجمحي (١) قد هجاه، فأُسر يوم بدر كافرا، فقال : يا رسول الله إني ذو عيال وحاجة فامْنُن عليّ، منّ الله عليك، قال : نعم على أن لا تُعين عليّ، يعني بشعره، قال فعاهده وأطلقه، ثم قال :" من الطويل"
أَلا أَبْلِغَا عَنِّي النبَّي مُحَّمداً بأَنَّك حَقٌ والمَلِيكَ شهيدُ
ولكنْ إذا ذُكِّرْتُ بَدْراً وأَهْلَها تَأَوّه مني أعظم وجلودُ (٢)
وعاد في هجائه ثم أُسر يوم أحد، فقال : يا رسول الله مُنّ عليّ، فقال عليه السلام :( لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين، والله لا تمسح عارضيك بمكة، وتقول : خدعت محمدا مرتين) (٣) ٠ فقتله، وقتل هُبيرة بن أبي وهب (٤) وكان شاعرا شبّب بنساء رسول الله، وبكى قتلى بدر ٠

(١) هو عمرو بن عبد الله بن وهيب بن حذافة بن جمح، أبو عزة الشاعر، انظر أخباره في : طبقات بن سلام، ص ٩٩، المنمق في أخبار قريش، ص ٥٣٨/ الموسوعة الشعرية، البرصان والعرجان، ص ٦٣ ـ ٦٤ / الموسوعة الشعرية ٠
(٢) الأبيات في طبقات ابن سلام، ص ٩٩، وفيه : ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ بأنك حق والمليك حميد
............ ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ تأوّب ما بي حسرةٌ وتعود
(٣) صحيح البخاري ١٩ / ٢٩٧، ٢٩٨، صحيح مسلم ١٤/٢٧٧، ١٧٨ / المكتبة الشاملة، وانظر طبقات ابن سلام، ص ٩٩
(٤) هو هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، تزوج أم هانئ ابنة أبي طالب، وعندما أسلمت وبقي على كفره فرّق بينهم الإسلام، انظر أخباره في : نهاية الأرب، ص ١٠٧٣٢ / الموسوعة الشعرية، طبقات ابن سلام، ص ١٠٠


الصفحة التالية
Icon