وتوعد عبد الله بن الزبعرى، وكان قد رثى قتلى بدر، ثم أسلم، فمدح النبي عليه السلام، فقبل منه، وعفا عنه، وأسلم فقبل إسلامه ٠
... وكان كعب بن زهير هجا رسول الله ﷺ / فكتب إليه ٨أ أخوه بُجير بن زهير أن رسول الله قد قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه، ويؤاخذه بشعره، فأقدم عليه، فإنه لا يقتل أحدا أتاه مستسلما، فجاء متنكرا، وأنشده مادحا له بقصيدته التي يقول فيها (١) :" من البسيط "
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
وهي كلمة طويلة، وكساه النبي عليه السلام بُردة اشتراها منه بعد ذلك معاوية، وهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد إلى اليوم ٠
... فهذا ما روي عن النبي عليه السلام في شأن الشعر والشعراء، وكان كثير من الصحابة يقولون الشعر، وقد روي عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وغيرهم ٠
... وإنما استعان النبي عليه السلام بالشعراء لأن العرب من أهل الجاهلية لم يعرفوا كتابا يفزعون إليه، ولا حُكما يقتدون به أجلّ عندهم من الشعر والشعراء، ففزعوا إلى الشعراء عند ظهور النبي عليه السلام، وحملوهم على هجائه، وذم ما جاء به من الإسلام، فاستمالوا قلوب العرب إلى ما طُبعوا عليه، فقابل رسول الله شعراءهم بشعراء من المسلمين ؛ فردّوا عليهم، وثبّتوا قول رسول الله عليه السلام، فكان ردّ الشعراء عنه نصرة له، ومعونة عليهم، فلما اتصل من الدين النظام، وظهرت كلمة النبي عليه السلام، وأجابته العرب، وخمد الباطل، وبطل الاقتداء بالشعراء، واستُغني عنهم، صاروا أتباعا بعد أن كانوا متبوعين، فقصدوا الملوك وأولي الثروة ؛ فتملقوهم، وتضرعوا إليهم، وتكسبوا بالشعر، فاستهان الناس بهم / وقلّوا في عيونهم، فجروا على ذلك في صدر الإسلام وبعده برهة ٨ ب

(١) شرح ديوانه، ص ١٩


الصفحة التالية
Icon